القرآن الكريم
هو كتاب الله تعالى، القرآن الكريم الذي أنزله الله بواسطة جبريل -عليه السلام- على قلبِ نبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم- لهداية الناس أجمعين وإخراجهم من ظلمات الجهل والكفر إلى نور العلم والتوحيد، وهو المعجزة الخالدة التي أيَّد بها الله تعالى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتحدَّى بها قومه، قال تعالى في كتابه العزيز: {أمْ يقُولُونَ افترَاهُ قلْ فأتُوا بعَشْرِ سوَرٍ مثلِهِ مفتَرَيَاتٍ وادعُوا منِ استَطَعتُمْ منْ دونِ اللَّه إنْ كنتُمْ صادِقِينَ}[١]، يبلغُ عدد سور القرآن 114 سورة بعضها مكي أي نزل في مكة وبعضها مدني، ومن سور القرآن الكريم سورة الجن، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول مقاصد سورة الجن وتسميتها وفضلها وحول حقيقة الجن.[٢]
سورة الجن
قبل الحديث عن مقاصد سورة الجن لا بدَّ من لمحة موجزة تتناول الحديث عن سورة الجن ومعلومات عنها، حيثُ تعدُّ سورة الجن إحدى سور القرآن الكريم المكيَّة أي التي نزلَت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، نزلت بعد سورة الأعراف، تقعُ سورة الجن في الجزء التاسع والعشرين من القرآن الكريم وهو الجزء الذي يسمَّى بجزء تبارك نسبةً لأول سورة فيه وهي سورة الملك التي تبدأ بقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[٣]، وهي في الحزب الثامنِ والخمسين أيضًا، وسورة الجن من سور المفصَّل، رقم ترتيبها في كتاب الله تعالى 72 وهي في ثمانية وعشرين آية، وسمِّيَت سورة الجن بذلك لأنَّ آياتها تتحدثُ عن الجنِّ وأحوالهم وصفاتهم وما يتعلق بهم وبطوائفهم وأقسامهم، ويطلق عليها أحيانًا اسم: {قل أوحي إليَّ}[٤]، نسبةً لأول آيةٍ فيها.[٥]
فضل سورة الجن
لم يردْ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحاديث محدَّدة تخصُّ سورة الجن بفضل معيَّن، وجميع ما وردَ من أحاديث في هذا الشأن هي أحاديث موضوعة لا أصل لها حسب أقوال المحدثين والفقهاء من أهل علم الحديث، ولكنَّ فضل سورة الجن مثل فضل باقي سور القرآن الكريم، ففي كل السور فضل عظيم وأجر كبير في قراءتها، وقراءة القرآن كله للمسلم خيرٌ عميم وأجرٌ جزيل، وفي كل حرف يؤجر المسلم على قراءته، وقد ورد في الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قرَأ حَرفًا من كِتابِ اللهِ فلَه به حسَنةٌ، والحَسنةُ بعشْرِ أمثالِها، لا أقولُ {ألم} حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ"[٦]، ويكمنُ فضلها أيضًا بالإيمان بما جاءت به وتطبيق الأوامر التي أوردها الله تعالى فيها.[٧]
مقاصد سورة الجن
في الحديث عن مقاصد سورة الجن سيُشار إلى الآيات التي بدأت فيها السورة، حيثُ تناولت في البداية الحديث عن نفرٍ من الجن كانوا يستمعون إلى كلام الله تعالى يُتلى، وكانوا يتأثرون بالبلاغة التي يحملها هذا الكلام، وتخشع قلوبهم لما فيه من إعجاز، ثمَّ يذهبون لدعوة قومهم لهذا الدين والإيمان بالله تعالى وتنزيهه عن كل عيب، قال تعالى في بداية السورة: {قلْ أوحِيَ إلَيَّ أنَّهُ اسْتمَعَ نفَرٌ منَ الجنِّ فقَالُوا إنَّا سَمعْنَا قُرآنًا عجَبًا * يَهدِي إلَى الرُّشدِ فآمَنَّا بهِ ولَنْ نُشرِكَ برَبِّنَا أحَدًا}[٨]، ومن مقاصد سورة الجن أيضًا أنها تبيِّنُ للمسلمين أن الاستعانة بالجن لا تسمنُ ولا تُغني من جوع ولا تجلبُ النفع للإنسان أبدًا، قال تعالى: {وأَنَّهُ كانَ رجَالٌ منَ الإِنسِ يعُوذُونَ برِجَالٍ منَ الجنِّ فزَادُوهُمْ رهَقًا}[٩]، وهذا من أهم مقاصد السورة.[١٠]
كما بيَّنت آيات سورة الجن سبب عدم قدرة الجن على الاستماع لأخبار السماءِ وفشل جميعُ محاولاتهم في ذلك، وكيف أنَّ الله تعالى بقدرته أرسلَ عليهم شهبًا لحراسة السماء، ومن مقاصد سورة الجن أنها تخبرُ المسلمين أنَّ الجنَّ ينقسمون إلى طائفةٍ مؤمنة وطائفةٍ كافرة وقد حدَّدت مصير كل منهم، قال تعالى: {وأَنَّا منَّا المُسلِمُونَ ومِنَّا القَاسِطونَ فمَنْ أسلَمَ فأولَئِكَ تحرَّوْا رشَدًا * وأَمَّا القَاسِطُونَ فكَانُوا لجَهَنَّمَ حطَبًا}[١١]، ثمَّ تتناول بقية الآيات الحديث حول دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكيف أن قومه كانوا يحاولون أن يبعدوه عن دعوة الحق والتوحيد، ثمَّ تختمُ الآيات بأحد مقاصد سورة الجن العظيمة وهو أن يسلمَ رسولُ الله أمره كله لله تعالى ويخضعَ له بكل جوارحه لأنَّه وحده فقط الذي يضرُّ وينفعُ ولا يملك ذلك إلا هو وبالتأكيد هذا الكلام له ولغيره من المسلمين، قال تعالى: {قلْ إنِّي لا أمْلِكُ لكُمْ ضرًّا ولَا رشَدًا * قلْ إنِّي لنْ يجِيرَنِي منَ اللَّهِ أحَدٌ ولَنْ أجِدَ منْ دونِهِ ملتَحَدًا}[١٢]، والله تعالى أعلم.[١٠]
حقيقة الجن في الإسلام
تناولت سورة الجن الحديث عن الجن وصفاتهم وأحوالهم، فالجنُّ في الإسلام مخلوقات من نار خلقها الله تعالى وهي حقيقة مطلقة من الغيبيات التي يجبُ على المسلمين الإيمان بها، وقد ورد في الحديث الذي روته عائشة -رضي الله عنها- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه سلم- قال: "خُلقَت المَلائكةُ مِن نورٍ، وخُلقَ الجَانُّ مِن مَارجٍ من نارٍ، وخُلِقَ آدمُ ممَّا وُصِف لَكم"[١٣]، وقال تعالى في سورة الرحمن: {وخلقَ الجانَّ من مارجٍ من نارٍ}[١٤]، وقد وردَ عن النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- أنَّ الجنَّ قد يظهرون في صور مختلفة كصورة إنسان أو حيوان كالكلب أو الحية، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الكلبُ الأسودُ شَيطانٌ"[١٥]، وكما وردَ في آيات سورة الجن فإنَّ الجن منهم المؤمن ومنهم الكافر ومنهم الجاهل والعالم والصالح والطالح وغير ذلك.[١٦]
المراجع
- ↑ سورة هود، آية: 13.
- ↑ "الفرق بين القرآن والمصحف"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الملك، آية: 1.
- ↑ سورة الجن، آية: 1.
- ↑ "سورة الجن"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2/296، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
- ↑ "سورة الجن"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الجن، آية: 1-2.
- ↑ سورة الجن، آية: 6.
- ^ أ ب "تفسير سورة الجن للناشئين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الجن، آية: 14-15.
- ↑ سورة الجن، آية: 21-22.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة، الصفحة أو الرقم: 2996، صحيح.
- ↑ سورة الرحمن، آية: 15.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 719، صحيح.
- ↑ "تفسير سورة الجن"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.