مقاصد سورة الحاقة

كتابة:
مقاصد سورة الحاقة

سورة الحاقة

هي إحدى سور القرآن الكريم المكيَّة، أي التي نزلَت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة أو قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، تقع سورة الحاقة في الحزب السابعِ والخمسين وفي الجزء التاسع والعشرين والذي يُطلق عليه جزء تبارك، يبلغ عدد آياتها 52 آية من آيات الله، ورقم ترتيبها في المصحف تسعةٌ وستون، سُمِّيَت سورة الحاقة بها الاسم بسبب مطلعها الذي بدأت به، قال تعالى: {الحَاقَّةُ * ما الحَاقَّةُ}[١]، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول مقاصد سورة الحاقة وسبب نزولها وفضلها ومعنى اسم الحاقة وأسماء يوم القيامة.[٢]

فضل سورة الحاقة

كالعديد من سور القرآن الكريم لم يرد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحاديث صحيحة تخصُّ السورة بفضلٍ معيَّن، بل إنَّ جميع الأحاديث التي وردت في هذا الشأن موضوعة أو ضعيفة، مثل الحديث الضعيف الذي رُويَ عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: "شيَّبَتْنِي سورةُ هودٍ وأخواتُها، الواقِعَةُ والقارعَةُ والحَاقَّةُ وإِذَا الشَّمسُ كوِّرتْ وسَألَ سَائِلٌ"[٣]، وفضل قراءة سورة الحاقة مثل فضل قراءة القرآن الكريم كله فيه أجر جزيل وثواب عميم، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قرَأ حَرفًا من كِتابِ اللهِ فلَه به حسَنةٌ، والحَسنةُ بعشْرِ أمثالِها، لا أقولُ {ألم} حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ"[٤]، وفضلها أيضًا في الالتزام بما جاءت به من أوامر وأحكام فرضها الله تعالى على عباده المسلمين.[٥]

مقاصد سورة الحاقة

تدور مقاصد سورة الحاقة حول الإخبار عن أهوال يوم القيامة العظيمة التي ستحلُّ بالسموات والأرض في ذلك اليوم المشهود، وتتحدَّثُ عن أحوال الكفَّار الذينَ لم يؤمنوا بالرسالات التي أنزلها الله تعالى على رسله وأنبيائه وتبيِّنُ العذاب والعقاب الذي سيحيقُ بهم، قال -سبحانه وتعالى-: {فإِذَا نُفخَ فِي الصُّور نَفْخةٌ واحِدَةٌ * وحُمِلَتِ الأَرْضُ والجِبَالُ فدُكَّتَا دكَّةً واحِدَةً * فيَوْمَئِذٍ وقَعَتِ الوَاقِعَةُ}[٦]، كما تشيرُ إلى التغيُّرات التي ستضربُ الكون بأكمله وتغيِّرُ من معالمه، ومن مقاصد سورة الحاقة أنَّها تتناول أحوال الكافرين والمؤمنين يوم القيامة عند الحساب، فتصوّر المؤمنين في نعيم دائم وسعادة بالغة لا حصر لها، والكافرين في شقاء وعذاب مخيف لا يخفَّف عنهم ولا هم عنه يُصرفون، فقال تعالى واصفًا أحوال المؤمنين: {فأَمَّا منْ أوتِيَ كِتابَهُ بيَمِينِهِ فيَقُولُ هاؤُمُ اقرَءُوا كتَابِيَهْ * إنِّي ظنَنْتُ أنِّي ملَاقٍ حسَابِيَهْ * فهُوَ فِي عيشَةٍ راضِيَةٍ}[٧]، وفي وصف أحوال الكافرين يقول تعالى: {خذُوهُ فغُلُّوهُ * ثمَّ الجَحِيمَ صلُّوهُ * ثمَّ في سِلسِلَةٍ ذَرعُهَا سبعُونَ ذرَاعًا فاسْلُكُوه}[٨]،[٩]

ومن مقاصد سورة الحاقة أيضًا أنها تؤكدُ على صدق دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصدق الرسالة التي يحملها إلى البشر، وتوجِّهُ ردًّا قاسيًا إلى الكافرين الذين يدعون أنَّ القرآن كلام شعر أو كهانة، وتثبتُ الآيات الكريمة في سورة الحاقة كذبهم وبطلان اتهاماتهم، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ * وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ * وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}[١٠]، وتعظِّمُ من شأنِ ومكانة القرآن الكريم في النهاية.[٩]

سبب تسمية السورة

لقد سُمِّيَت سورة الحاقة بهذا الاسم لأنَّ الله تعالى بدأ السورة بقَسمٍ عظيم بقوله: {الْحَاقَّة * مَا الْحَاقَّة * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ}[١١]، والحاقة كما وردَ في كتب التفسير والفقه هو أحد أسماء يوم القيامة، وقد أقسم الله تعالى به في بداية السورة نظرًا لخطورة ذلك اليوم وأهميِّته، وسمِّي بالحاقة لأنَّ فيه يتحقَّق وعد الله تعالى للمؤمنين بالعفو والمغفرة وجناتٍ عرضها السماوات والأرض أعدَّت للمتقين، ويتحقق أيضًا بالمقابل الوعيد الذي ضربه الله للكافرين بالعقاب والعذاب، وفي ذلك اليوم تظهر الحقيقة واضحة جليَّة لكل الخلائق لا لبس فيها ولا ريب، وفي ذلك اليوم أيضًا كل إنسان يعود إلى حقيقته ليأخذ جزاء عمله فمن عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها، والحاقة لغة على صيغة اسم الفاعل الحاق وهي من الحقة والحق وهما نفس المعنى، وتسمَّى سورة الحاقة أيضًا بسورة السلسة، لورود هذه الكلمة في قوله تعالى: {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ}[١٢]، كما سمِّيَت في بعض كتب التفاسير باسم الواعية، وذلك لورود هذه الكلمة في قوله تعالى: {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}[١٣]، إلا أنَّ الاسم الأشهر هو الحاقة والذي ابتدأت فيه السورة واختصَّت به دون جميع سور القرآن الكريم.[٥]

من أسماء يوم القيامة

بعد الحديث عن مقاصد سورة الحاقة سيدورُ الحديث عن أسماء يوم القيامة، فقد سمِّيَت سورة الحاقة بأحد أسماء يوم القيامة وهو الحاقة وبدأت السورة به، قال تعالى: {الحَاقَّةُ * ما الحَاقَّةُ}[١]، وسمِّيَ يومُ القيامة بهذا الاسم لأنَّه اليوم الذي يتمُّ فيه تحقيق الوعيد والوعد من الله -سبحانه وتعالى- لجميع الخلق، وليوم القيامة أسماء كثيرة أيضًا غير هذا الاسم وردت في كتاب الله تعالى، وقد ذكر الشيخ عمر سليمان الأشقر في بداية كتابه اليوم الآخر الكثير من أسماء يوم القيامة التي استدلَّ عليها من آيات كتاب الله تعالى ومنها: اليوم الآخر، يوم القيامة، يوم البعث، الساعة، القارعة، يوم الخروج، يوم الفصل، يوم الدِّين، الصاخة، الطامة الكبرى، التغابُن، الغاشية، الآزفة، الحاقة، يوم التلاق، الواقعة، يوم التناد، وغيرها من الأسماء التي اشتُقَّت من صفات الله لذلك اليوم المهيب ومنها: اليوم العبوس، القمطرير، اليوم العسير، اليوم المشهود وغيرها كثير.[١٤]

المراجع

  1. ^ أ ب سورة الحاقة، آية: 1-2.
  2. "سورة الحاقة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في ضعيف الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3418، ضعيف.
  4. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2/296، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  5. ^ أ ب "سورة الحاقة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
  6. سورة الحاقة، آية: 13-15.
  7. سورة الحاقة، آية: 19-21.
  8. سورة الحاقة، آية: 30-32.
  9. ^ أ ب "تفسير سورة الحاقة للأطفال"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
  10. سورة الحاقة، آية: 48-52.
  11. سورة الحاقة، آية: 1-3.
  12. سورة الحاقة ، آية: 32.
  13. سورة الحاقة ، آية: 12.
  14. "أشهر أسماء يوم القيامة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
4205 مشاهدة
للأعلى للسفل
×