مقاصد سورة الحجر
كل سورة من سور القرآن الكريم لا بدّ أن تشتمل على معانٍ وأغراض أساسية؛ ليتحقّق المقصد من نزولها، وقد اشتملت هذه السورة على مقاصد عظيمة، أَهمها ما يأتي:[١]
- افتُتِحت السورة بالحروف المقطَّعة؛ التي تدل على الإعجاز القرآني.
- إنذار المشركين بأنهم سيندمون على أفعالهم السيئة، وانشغالهم بالحياة الدنيا وغرقهم فيها، وعدم إسلامهم.
- الله -تعالى- نزَّل على محمد -صلى الله عليه وسلم- معجزة القرآن، وقد تكفّل الله -تعالى- بحفظ كتابه، وصيانته من أي تحريف أو تبديل، وبأن المكذبين للرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما يكذبونه عن عناد وجحود، لا عن نقص في الأدلة الدالة على صدقه -صلى الله عليه وسلم-.
- جاءت هذه السورة لتحذّر المشكرين بوصفهم للنبي الكريم بالجنون؛ لأَنه لم يأْتهم بالملائكة تؤيده، وتبلغهم عن الله -تعالى-؛ لأنّ الملائكة لا تنزل إِلا بحكمة، وأنهم يهلكون بمشاهدتهم لها على صورها الحقيقية، أَو يهلكون عقاباً على كفرهم بعد مجيء الآية التي اقترحوها.
- تخفيف عن النبي -صلى الله عليه وسلم، وإعلامه أنّ هذه هي عادة الأقوام السابقة في تكذيب رسلهم وإيذائهم.
- إقامة الحجة على الكافرين؛ ببيان الآيات الكونية الدالة على وحدانيته -تعالى-، وعظيم قدرته، مثل نجوم السماء، والشهب التي تتساقط منها، والأَرض وإرسائها بالجبال، وتيسير أَسباب وسُبل العيش على الأرض، وإرسال الرياح لواقح، وإِنزال الماء لتسقي الأرض وتحييها، فالله -تعالى- هو المحيي والمميت، وأَنه سوف يحشر الناس أَجمعين للحساب والجزاءِ.
- التنبيه إِلى أَن خلق الإِنسان كان من طين يابس، والجان كان من نار السموم، وأَنه -تعالى- أَمر الملائكة بالسجود لآدم بعد أن خلقه، فامتثلوا جميعاً لأمر ربهم -تعالى-، إِلّا إبليس امتنع وحده عن طاعة ربه؛ وعاند واستكبر وأصرّ على ذلك، فطرده الله من الجنة؛ لتكبره وعصيانه.
- ثم قصّت علينا السورة الكريمة بأسلوب فيه الترغيب والترهيب، وفيه العظة والعبرة جانباً من قصة إبراهيم، والبشارة التي جاء بها الملائكة، ثم من قصة لوط وقومه، وكيف أن الله -تعالى- عاقب الظالمين الكافرين، وإِجمال قصة أَصحاب الأَيكة والانتقام منهم، وتفصيل قصة أَصحاب الحجر المكذبين وذكر سوء نهايتهم.
- خُتمت بتثبيت النبي -صلى الله عليه وسلم- عمّا أصابه من قومه، وأمره بالصفح والعفو عنهم؛ حتى يأتي الله بأمره وينصره عليهم.
- لقد أمر الله -تعالى- النبي -صلى الله عليه وسلم- بأَن يصدع بأَمر ربه، ويبلغ دينه، ولا يكترث بإِعراض المشركين، وأَن يبقى على ما هو عليه من عبادة ربه؛ في كل زمان وحين حتى يأْتيه اليقين.
- نهى الله -تعالى- نبيه -صلى الله عَليه وسلم- عن الحزن على المشركين إِن لم يؤمنوا، وأَمره بلين الجانب والتواضع لمن معه من المؤمنين.
وبعد ذكر مقاصد هذه السورة الكريمة نرى أنها قد اهتمت اهتماماً واضحاً بتثبيت قلوب المؤمنين، وأيضاً اهتمت بالتهديد والوعيد للكافرين، تارة عن طريق الترغيب كما في قوله -تعالى-: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم).[٢]
والترهيب كما في قوله -تعالى-: (وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ)،[٣]وتارة عن طريق قصص السابقين، وتارة عن طريق التأمل في هذا الكون الواسع وما اشتمل عليه من مخلوقات تدل على وحدانية الله، وعظيم قدرته وسابغ رحمته.[٤]
نبذة عن سورة الحجر
هي السورة الرابعة عشرة في ترتيب المصحف، أما ترتيبها في النزول فقد نزلت بعد سورة يوسف،[٥]وهي سورة مكية باتفاق، عدد آياتها تسع وتسعون آية، أما كلماتها فهي ستمائة وأربع وخمسون كلمة.[٦]
سبب التسمية
سُميّت سورة الحجر بهذا الاسم؛ لورود لفظ "الحجر" فيها دون أن يرد في سورة غيرها؛ فقال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ)،[٧]وأصحاب الحجر هم قوم صالح -عليه السلام-، إذ كانوا ينزلون إلى الحِجر وهو المكان المحجور، أي الممنوع أن يسكن أحد غيرهم فيه؛ فهو مكان خاص بهم دون غيرهم.[٨]
ومن الممكن أن يكون لفظ الحِجر مأخوذ من الحِجارة؛ لأنّ قوم صالح -عليه السلام- كانوا ينحتون بيوتهم، من أحجار الجبال وصخورها، ويبنون بناء محكماً جميلاً أخّاذاً بنباهة، قال -تعالى- حكاية عمّا قاله نبيهم صالح لهم: (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ)،[٩]ومساكنهم ما زالت آثارها باقية إلى يومنا هذا، وتُعرف الآن بمدائن صالح، وتقع ما بين خيبر وتبوك.[٨]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين، التفسير الوسيط، صفحة 515-517. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجر، آية:49
- ↑ سورة الحجر، آية:50
- ↑ محمد طنطاوي، التفسير الوسيط، صفحة 8. بتصرّف.
- ↑ محمد طنطاوي، التفسير الوسيط، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ عبد الكريم الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، صفحة 209. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجر، آية:80
- ^ أ ب عبد الكريم الخطيب، التفسير الوسيط، صفحة 209. بتصرّف.
- ↑ سورة الشعراء، آية:149