مقاصد سورة السجدة

كتابة:
مقاصد سورة السجدة

سورة السجدة

هي السورة الثانية والثلاثون في ترتيب سور القرآن الكريم البالغ عددها مائةً وأربعة عشر سورة، تقع في الجزء الحادي والعشرين تسبقها في ترتيب المصحف الشريف سورة لقمان وتليها سورة الأحزاب، يبلغ عدد آياتها ثلاثين آية وهي سورةٌ مكيّة -أي نزلت في مكة المكرمة- إلّا الآيات من "السادسة عشر إلى العشرين" فقد نزلت في المدينة المنورة وكان نزولها بعد سورة المؤمنون، وهي من السور المميزة لدى عموم المسلمين، وسيسلط هذا المقال الضوء على مقاصد سورة السجدة وأسباب نزولها وسبب تسميتها وفضلها.[١]

سبب تسمية سورة السجدة

أشهر أسماء هذه السورة هو "سورة السجدة"، لكنّ الصحابة وأهل العلم كانوا يسمونها "بتنزيل السجدة" أو "الم تنزيل السجدة"، ويعود سبب تسميتها إلى احتوائها على آية تستوجب السجدة أثناء القراءة، وذلك في قوله -تعالى-: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۩}[٢]، وقد قال أهل العلم أنّ سبب تسميها يرجع إلى أن آية السجدة منها تدل على عظمة آيات القرآن الكريم التي تخرّ لها الأنفس والأفئدة سجّدًا عند سماعها، وكان من مميزات هذه السورة أنها من السور التي افتتاحها بقوله -تعالى- {الم}[٣] ووقوع سجدة تلاوةٍ فيها.[٤]

أسباب نزول سورة السجدة

في مستهلّ الحديث عن مقاصد سورة السجدة يجدر ذكر أسباب نزولها، فهي تُعتبر من السور التي لم تنزل كاملةً على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بل كان لكلّ باقةٍ من آياتها سبب نزولٍ مستقل، وقد جاء عن أهل التفسير والسيرة أنّ من أسباب نزول بعض آيات سورة السجدة ما يأتي:[٥]

  • كان سبب نزول قوله -تعالى-: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}[٦] أنّ أناسًا من أصحاب النبيّ الكريم كانوا يجتهدون في صلاتهم بين صلاتي المغرب والعشاء وفي صلاة التهجّد، فنزلت فيهم هذه الآية الكريمة.
  • وقوله -تبارك وتعالى-: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ۚ لَّا يَسْتَوُونَ}[٧]، فقد نزل في علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- والوليد بن عقبة فقد كان بينهما جدالٌ فقال عقبة لعليّ -رضي الله عنه- "أنا أحدّ منك سنانًا، وأبسط منك لسانًا"، فردّ عليه عليٌّ بأن قال له: "اسكت فإنما أنت فاسق" فنزلت الآية الكريمة تؤكد ما قاله - رضي الله عنه- وتميّز بين المؤمن والفاسق وتفاضل بينهما.

مقاصد سورة السجدة

يأتي أول مقاصد سورة السجدة بالتنويه إلى عظمة القرآن الكريم وبأنّه هو وحده جامع الهدى والسبيل للنور والحق، فقد استهلّ الله -جلّ وعلا- سورة السجدة بقوله: {تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}[٨]، في إشارةٍ منه على كلّ من كان يكذّب القرآن ويتّهم النبيّ الكريم بأنّه افتراه، ثمّ بيّن -تعالى- عظمة خلقه وأنّه وحده خالق كلّ شيءٍ ومصور كلّ شيء بقوله:{للَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}[٩] وهذا من مقاصد سورة السجدة بأنّه هو الإله الواحد وأنّ الأصنام وما يعبد المشركون لا تملك نفعًا ولا ضرًا ولن تكون شفيعًا لهم يوم الحساب.[٤]
ومن مقاصد سورة السجدة التذكير بيوم القيامة والبعث وأنّ الله خالق الأرض ومدبرها وأنّه قد أنعم بنعمه التي لا تُحصى على المشركين الذين لم يُقدّروا هذه النعم ولم يتوبوا إلى الله بل كانوا في كفرهم يتفاخرون وكفرا بالنعم وبخالقها، وذلك في قوله -تعالى-: {وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ۚ بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ * قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}[١٠]، ثمّ إنّ الله -تعالى- ذكر أنّ جزاء كلّ من آمن وعمل صالحًا هو جنات الخلد وذلك بقوله: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ۚ لَّا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَىٰ نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[١١] ويتبين أنّ من مقاصد سورة السجدة أيضًا الثناء على المؤمنين وتفضيلهم على الفاسقين فهم لا يستوون.[٤]
وكان التذكير بالأقوام التي أهلكها الله بسبب كفرهم وعصيانهم من مقاصد سورة السجدة أيضًأ، فقد قال -سبحانه وتعالى-: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ ۖ أَفَلَا يَسْمَعُونَ * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ}[١٢]، وقد ذكر الله -جلّ وعلا- عظمة خلقه في أنّه يسوق الماء من السماء ويخرج به الزرع الذي يأكلون منه هم وأنعامهم لكنّ كفرهم وعصيانهم جعلهم عميًا لا يبصرون.[٤]
وقد كان آخر مقاصد سورة السجدة هو ما جاء في قوله -تبارك وتعالى-: {وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ * فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ}[١٣]، فقد أمر الله نبيّه الكريم بالإعراض عن الكافرين وما يقولون في مقصدٍ منه بأنّ يقلل من شأنهم ويحقرهم مع التأكيد على سوء ختامهم وأنّ الله قد أعدّ لهم سوء العذاب.[٤]

فضل سورة السجدة

تُعتبر سورة السجدة من السور التي أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقراءتها، وقد جاء في ذكر فضلها العديد من الأحاديث الشريفة، ومما جاء في فضل سورة السجدة ما يأتي:[٤]

  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في الجُمُعَةِ في صَلاةِ الفَجْرِ "الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ"، و "هلْ أتَى علَى الإنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ".[١٤]، وفي هذا الحديث يتبين أنّ لقراءة سورة السجدة في صلاة فجر يوم الجمعة فضلٌ عظيم.
  • عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه - قال: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لا يَنامُ حتى يَقرأَ {الم تَنْزِيلُ} السَّجْدةِ، و{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}."[١٥]
  • وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أن رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقرَأُ كلَّ ليلةٍ تنزيل السجدة والزُّمَرَ".[١٦]

المراجع

  1. "سورة السجدة"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
  2. سورة السجدة، آية: 15.
  3. سورة السجدة، آية: 01.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح "مقاصد سورة السجدة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
  5. "من أسباب النزول.. سورة السجدة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
  6. سورة السجدة، آية: 16.
  7. سورة السجدة، آية: 18.
  8. سورة السجدة، آية: 02-03.
  9. سورة السجدة، آية: 03.
  10. سورة السجدة ، آية: 10-11.
  11. سورة السجدة، آية: 18-19.
  12. سورة السجدة، آية: 26-27.
  13. سورة السجدة، آية: 28-30.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري ، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 891 ، صحيح.
  15. رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج المسند، عن جابر بن عبد الله ، الصفحة أو الرقم: 14659 ، صحيح.
  16. رواه البوصيري، في إتحاف الخيرة المهرة، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم: 6/253، إسناده رواته ثقات.
5857 مشاهدة
للأعلى للسفل
×