محتويات
سورة العلق
سورة العلق هي السورة الأولى التي أنزلها الله -سبحانه وتعالى- على رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مكة المكرمة، وهي من سور المفصَّل، يبلغ عدد آيات سورة العلق 19 آية، وهي السورة السادسة والتسعون من سور المصحف الشريف حيث تقع في الجزء الثلاثين والأخير والحزب الستين والأخير، وقد بدأ الله هذه السورة بفعل الأمر "اقرأْ" وهو الفعل الذي جعل جبريل يردده على رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- عندما جاءه في الغار، وتوجد في سورة العلق سجدة في السورة رقم 19، وهذا المقال مخصَّصٌ للحديث عن مقاصد سورة العلق.
سبب نزول سورة العلق
تمهيدًا للحديث عن مقاصد سورة العلق، فالحديث عن مقاصد سورة العلق لا بدَّ أن يُستهلَّ بالحديث عن سبب نزول هذه السورة المباركة، فأسباب النزول لها علاقة بكيرة بمقاصد السور ومضامينها، وسورة العلق على وجه الخصوص هي أول سورة نزلتْ في القرآن الكريم، وقد تحدَّثتْ في آياتها عن أبي جهل الذي نهى رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن الصَّلاة، والقصة يرويها عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- الذي يقول: "كانَ النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- يصلِّي، فجاءَ أبو جهلٍ، فقالَ: ألم أنهَكَ عن هذا، ألم أنهَكَ عن هذا، ألم أنهَكَ عن هذا؟ فانصرفَ النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- فزبرَه، فقالَ أبو جهلٍ: إنَّكَ لتعلمُ ما بها نادٍ أكثرُ منِّي، فأنزلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}[١]، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: واللَّهِ لو دعا نادِيهُ لأخذتْهُ زبانيةُ اللَّهِ"[٢]، والله تعالى أعلم.[٣]
مقاصد سورة العلق
تنوّعت مقاصد سورة العلق أول سور القرآن الكريم نزولًا على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وقد نزلتْ هذه السورة بواسطة جبريل في غار حراء، ولقَّنها جبريل -عليه السَّلام- رسولَ الله -عليه الصَّلاة والسَّلام-، يقول تعالى في مطلع هذه السورة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[٤]، وفي هذه الآية يظهر الله تعالى كيفية خلق الإنسان، فقد خلق الله تعالى الإنسان من علق والعلق هو الدم الجامد، ثمَّ بين صفة من صفات الله تعالى وهي صفة الكرم، الله الكريم الذي علَّم الإنسان ما لم يكن ليعلم لولا فضل الله تعالى.
أمَّا مقاصد سورة العلق في الآيات التالية، فيقول الله تعالى فيها: {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى}[٥]، هذه الآيات المباركات تحدَّثت عن طغيان ابن آدم في هذه الحياة، فالإنسان إذا أصبح ذا غنى وثراء تمرَّد وجحد نعمة الله تعالى، وهذا طبع متأصل به، وفي هذه الآيات دعوة من الله تعالى إلى ضرورة شكر النعم وحمد المُنعم -جلَّ وعلا-، ثمَّ تتناول آيات سورة العلق قصة أبي جهل مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، حيث نهى أبو جهل رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- عن الصلاة وتكبَّر وتحدَّى الله تعالى بكفره وجحده وطغيانه، فأنزل الله تعالى قوله في سورة العلق: {رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}[٦]، ثمَّ تابع الوعيد لأبي جهل الكافر الجبار، في قوله تعالى: {كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَه * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}[٧]، ثمَّ ختم الله تعالى آيات هذه السورة المباركة بالصلاة والعبادة فكان البدء والختام في ذكر عبادة الله تعالى، وفي الآية الأخيرة سجدة من آية السجدات في القرآن الكريم، حيث يقول تعالى: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩}[٨]، والله تعالى أعلى وأعلم.[٩]
سبب تسمية سورة العلق
إنَّ العلق في اللغة هو الدم الجامد وهذا الدم إذا جرى أصبح مسفوحًا، والآية التي تقول: {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ}[١٠]، يبيِّن الله تعالى فيها قدرته على خلق الإنسان من شيء لا يكاد يُذكر حتَّى يصبح الإنسان من هذا الشيء بشرًا شديد البأس ذا عقل وقلب وأحاسيس، ومن هنا جاءت تسمية هذه السورة بسورة العلق، إضافة إلى أنَّ كلمة العلق جاءت في بداية هذه السورة المباركة، أي أنَّها هذه السورة سُمِّيت بكلمة من مطلعها شأنها في هذا شأنُ أغلب سور الكتاب، والله تعالى أعلم.[٩]
أول ما نزل من القرآن الكريم
خاتمة لما ورد من حديث عن مقاصد سورة العلق، جدير بالذكر إنَّ أول ما نزل من القرآن الكريم هو سورة العلق أو بالتحديد هي الآيات الخمس الأولى من هذه السورة المباركة، حيث نزل بهذه الآيات الوحي جبريل -عليه السَّلام- على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في غار ثور، وكان رسول الله يتعبد ويتفكر في خلق الله في الغار، وتروي عائشة -رضي الله عنها- قصة هذه الآيات فتقول: "كانَ أوَّلَ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيَا إلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلَاءُ، فَكانَ يَلْحَقُ بغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه -قالَ: والتَّحَنُّثُ: التَّعَبُّدُ- اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ، قَبْلَ أنْ يَرْجِعَ إلى أهْلِهِ ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ بمِثْلِهَا حتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ، وهو في غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ المَلَكُ، فَقالَ: اقْرَأْ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: ما أنَا بقَارِئٍ، قالَ: فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي، فَقالَ: اقْرَأْ، قُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، قُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي، فَقالَ: {اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِن عَلَقٍ * اقْرَأْ ورَبُّكَ الأكْرَمُ الذي عَلَّمَ بالقَلَمِ} - الآيَاتِ إلى قَوْلِهِ - {عَلَّمَ الإنْسَانَ ما لَمْ يَعْلَمْ}[٤]}[١١]، والله تعالى أعلم.[١٢]
المراجع
- ↑ سورة العلق، آية: 17-18.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي ، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3349، إسناده صحيح.
- ↑ "أسباب النزول سورة العلق"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة العلق، آية: 1-5.
- ↑ سورة العلق، آية: 6-7-8.
- ↑ سورة العلق، آية: 9-14.
- ↑ سورة العلق، آية: 15-18.
- ↑ سورة العلق، آية: 19.
- ^ أ ب "سورة العلق"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة العلق، آية: 2.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4953، صحيح.
- ↑ "نزول القرآن الكريم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.