محتويات
سورة الغاشية
تُعدُّ سورة الغاشية سورة من السور المكية التي تلقَّاها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- منزلة من الوحي جبريل -عليه السَّلام- في مكة المكرمة، وهي من سور المفصل، يبلغ عدد آياتها ست وعشرين آية، وهي السورة الثامنة والثمانون حيث تقع في الجزء الثلاثين والحزب الستين من القرآن الكريم، وقد نزلتْ سورة الغاشية بعد سورة الذاريات، والغاشية اسم من أسماء يوم القيامة، فسورة الغاشية واحدة من السور التي تحمل اسم يوم القيامة مثل: سورة القارعة والواقعة وغيرها، وقد بدأت سورة الغاشية بأسلوب استفهام، قال تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}[١]، وهذا المقال مخصَّص للحديث عن مقاصد سورة الغاشية بالتفصيل.
سبب نزول سورة الغاشية
قبل الحديث عن مقاصد سورة الغاشية، جدير بالذكر إنَّ سورة الغاشية لم يرد في حقِّها سبب نزول صريح، وإنَّما الناظر في مواضيع هذه السورة المباركة سيدرك تمامًا إنَّ هذه السورة إنَّما نزلتْ لتعرَّف الناس على أهوال يوم القيامة، ولتبين لهم عاقبة المكذبين ومصيرهم ومصير المؤمنين أيضًا، قال تعالى في مطلع هذه السورة الكريمة: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ}[٢]، كما إنَّ هذه السورة بيَّنتْ مصير المؤمنين من النعيم يوم القيامة، لذلك يمكن اعتبار سبب نزولها هو تعريفها الناس بمصائرهم، وقد جاء في سبب نزول قوله تعالى في سورة الغاشية: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}[٣]، قال قتادة: "لمَّا نعتَ الله ما فِي الجنَّة، عجِبَ من ذلك أهلُ الضَّلالة، فأنزل الله تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبلِ كيفَ خُلِقُتْ}[٣]، والله تعالى أعلم.[٤]
مقاصد سورة الغاشية
لإظهار مقاصد سورة الغاشية لا بدَّ من إلقاء نظرة على آيات سورة الغاشية، فمقاصد السور تتضحُ بالشرح والتفسير، وإنَّما القصد والغاية هو ما وراء كلمات السورة إنْ خفيتْ وهو ما تجلِّيه السورة إنْ وضحت، وفيما يأتي مقاصد سورة الغاشية وفقًا لتسلسل آياتها:[٥]
- مقاصد سورة الغاشية من الآية 1 حتَّى 16: في هذه الآيات المباركات تتناول سورة الغاشية اليوم الآخر ومصير الناس وأحوالهم في هذا اليوم المهول، فالناس يومئذ قسمان، وجوه ذليلة متعبة من كثرة العمل الذي يشقيها ويتعبها في النار الحامية، فلا تأكل إلَّا من النار ولا تشرب إلَّا من النار، قال تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ * لَّا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ}[٦]، ووجوه ناعمة راضية في جنان الخلد ونعيم الله تعالى، هانئة راضية فرحة، لها من النعيم السرر والوسائد الفاخرة، قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ * لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً * فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}[٧].
- مقاصد سورة الغاشية من الآية 17 حتَّى 26: توجه الآيات الدلائل المرئية لوحدانية الله وقدرته العظيمة بطريقة الاستفهام، فتسأل هل نظر الكافرون والمشركون إلى الإبل كيف خلقت والسماء والجبال والأرض كيف وجدتْ دون خالق لها، ثمَّ يخاطب الله تعالى رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ويأمره بتذكير الناس وتحذيرهم من العذاب الأليم، فمن كفر فعذاب الله بانتظاره، فكلُّ الناس مصيرهم ومرجعهم إلى الله تعالى، قال تعالى: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ * إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ * إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم}[٨]، والله تعالى أعلم.
فضل قراءة سورة الغاشية
بعد ما ورد من مقاصد سورة الغاشية، جدير بالذكر إنَّ تسليط الضوء على فضل قراءة سورة الغاشية يقتضي ذكر فضل تلاوة القرآن الكريم بشكل عام، فالقرآن الكريم كلُّه خير وتلاوته ثواب من الله -سبحانه وتعالى- وسورة الغاشية جزء لا يتجزأ من هذا الكتاب، وقد روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقول ألم حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حَرفٌ وميمٌ حَرفٌ"[٩].[١٠]
أمَّا فضل قراءة سورة الغاشية على وجه الخصوص، فقد جاء في فضل قراءتها حديث موضوع يُذكر للاستئناس، فليس فيه ما يخالف المنطق والعقل والأحاديث الصحيحة، عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَى الله عليه وسلَّم- قال: "مَن قرأَ سورةَ الغاشيةِ حاسبَهُ اللَّهُ حسابًا يسيرًا"[١١]، وصحَّ أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يقرأ سورة الغاشية في صلاة الجمعة، روى النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: "إنَّ الضَّحَّاكَ بنَ قيسٍ سأَل النُّعمانَ بنَ بشيرٍ: ماذا كان يقرَأُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يومَ الجمعةِ على إثرِ سورةِ الجمعةِ؟ فقال: كان يقرَأُ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بـ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}[١]"[١٢]، والله تعالى أعلم.[١٠]
أسماء سورة الغاشية
وردت سورة الغاشية في كتب علماء السلف بأسماء مختلفة، فمنهم من سماها سورة الغاشية وهو اسمها المنتشر اليوم، ومنها من سمَّاها "هل أتاك حديث الغاشية"، وقد وردتْ بهذا الاسم في حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- سالف الذكر، وقيل إنَّ ابن عطية سمَّاها في تفسيره بسورة هل أتاك، وهذا الاختلاف يحصل في أغلب أسماء السور، وكلُّ هذه الأسماء تؤدي ذات المعنى وتوصل ذات الغرض، والله تعالى أعلى وأعلم.[١٣]
المراجع
- ^ أ ب سورة الغاشية، آية: 1.
- ↑ سورة الغاشية، آية: 1-2-3.
- ^ أ ب سورة الغاشية، آية: 17.
- ↑ "تفسير الطبري"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "تفسير سورة الغاشية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الغاشية، آية: 1-7.
- ↑ سورة الغاشية، آية: 8-16.
- ↑ سورة الغاشية، آية: 17-26.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1416، صحيح.
- ^ أ ب "فضل قراءة سورة الغاشية"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في الكافي الشاف، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 316، موضوع.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 2807، أخرجه في صحيحه.
- ↑ "سورة الغاشية"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.