سورة القصص
سورة القصص هي سورة مكية عدد آياتها ثمان وثمانون اَية، تقع بالجزء العشرون وهي السورة التاسعة والأربعون بحسب نزول سور القرآن، نزلت بعد سورة النمل وقبل سورة الإسراء، ترتيبها بالقران الكريم بعد سورة النمل وقبل سورة العنكبوت، فيها اَية نزلت على النبي -عليه الصلاة والسلام- أثناء طريق الهجرة إلى المدينة المنورة، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}،[١]وحسب ابن عباس رضي الله عنهما أن السورة نزلت وأواخر سورة الحديد في أصحاب النجاشي الذين قدموا المدينة المنورة وشهدوا غزوة أحد، وسميت بهذا الاسم لأنها تطرقت بالتفصيل لقصة موسى -عليه السلام- منذ الطفولة إلى أن بعثه الله تعالى نبيًا لبني إسرائيل، في هذا المقال سيتم التعرف على مقاصد سورة القصص وفضلها وأبرز القصص المذكورة فيها.[٢]
فضل سورة القصص
قبل الحديث عن مقاصد سورة القصص يجب التوقف عند فضل السورة، بدايةً القرآن الكريم مليء بالأفضال والحكم والعبر والقصص التي ذكرها الله تعالى لأخذ الدروس والعبر منها، سورة القصص بالتحديد لم يصح حديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في فضلها، لكن ابن اسحاق ذكر أن ما يقارب عشرون رجلاً من النصارى قدموا إلى النبي الكريم حين ظهر خبر الإسلام بالحبشة، وبعد أن دعاهم قرأ عليهم القرآن، ففاضت أعينهم من الدمع واستجابوا له وآمنوا به وصدقوه، ويقال أن الآية الكريمة الآتية نزلت فيهم، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ}،[٣]وسورة القصص على غرار بقية سور المصحف الشريف مليئة بالأجر والثواب عند قراءتها.[٢]
مقاصد سورة القصص
مقاصد سورة القصص عظيمة كالسورة نفسها، حيث بداية السورة عن قصة موسى -عليه السلام- وفرعون، ذكر الله تعالى في مطلع السورة الآية الكريمة: {نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}،[٤]وختام السورة تُذكر قصة قارون مع قومه، فالقصة الأولى تعرض قوة فرعون الطاغية الذي يمتلك قوة الحكم والسلطان وقد علا في الأرض وقسم أهلها شيعًا مستضعفًا بني إسرائيل، حيث يذبح أبنائهم ويستحي نسائهم، فرعون بقوته الكبير يواجه موسى الطفل الرضيع الذي بدأ حياته فاقدًا كل شيء إلا رحمة الله تعالى.[٢]
والقصة الثانية تعرض قارون الذي فضل المال متخليًا عن دينه وقومه، ومن مقاصد سورة القصص أن قيمة العلم أفضل من قيمة المال، وتؤكد الآيات بالسورة أن سنة الله لا تتخلف ولا تتبدل على مدار الزمان واختلاف المكان، ومن أهم مقاصد سورة القصص أن الله تعالى أنزلها على النبي الكريم وهم قلة مستضعفون في مكة المكرمة وكان المشركون هم أصحاب الجاه والسلطان، فأنزلها الله -عز وجل- لتضع الموازين الحقيقية للقيم والقوى لتُبين أن القوة لله وحده وأن قيمة الكون تكمُن بالإيمان، فمن كان الله معه فلا خوف عليه، ومن كان بعيدًا عن الله سيفقد الطمأنينة والسند الحقيقي.[٢]
وفصلت السورة كيف كانت تربية موسى في منزل فرعون وكيف زال مُلك الطاغية حيث جاءت سورة القصص لتُفسر الآيات الآتية التي وردت في سورة الشعراء، قال الله تعالى: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ*وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}،[٥]ومن مقاصد سورة القصص إهلاك المكذبين الظالمين بعد إنذارهم، حيث قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ}،[٦]وعرضت السورة مشهدًا ليوم القيامة حين يتخلى الشركاء عن شركائهم فيبصرهم الله تعالى بعذاب الآخرة، واختُتمت السورة العظيمة بوعد الله للرسول وهو خارج من مكة بأن الذي فرض عليه القرآن لينهض بأمره ويردُه إلى بلده وينصُره على الشرك وأهله، حيث أنعم عليه بالرسالة ويبشرُه بالنصر على المشركون، وصدق الله في وعده لرسوله الكريم.[٢]
قصة موسى
من أبرز القصص المذكورة بالسورة قصة موسى -عليه السلام-، حيث شاء قدر الله -عز وجل- أن يعيش موسى -عليه السلام- بمنزل أكبر الطغاة الذي عرفهم التاريخ، ليُدرك ظُلم فرعون ويعرف كيف يخطط الطاغية وقومة للمستضعفين، وأعطى الله لنبيه العلم والحكمة، وشاء الله أن يقتل موسى رجل من اَل فرعون بعد أن وكزه بالعصا ليخرج من مصر خائفًا ويستقر بمدين لمدة عشر سنوات، وخلال طريق عودته لمصر وبالتحديد عند جبل الطور، أرسله الله تعالى نبيًا لبني إسرائيل طالبًا منه الذهاب لفرعون ودعوته لتوحيد الله، وكان مع النبي موسى معجزتين الأولى العصا التي تتحول لثعبان والثانية كانت يده التي يدخلها في جيبه تخرج بيضاء من غير سوء، فرعون وقومه لم يؤمنوا برسالة موسى، حتى أغرقهم الله تعالى بالبحر على استمرارهم بالكفر والظُلم والطغيان، وخرج موسى مع قومه من مصر وبدأ يعلمهم بأوامر الله لمعرفة الدين، ولكن قومه كانوا أهل جدال وطلباتهم من موسى كثيرة، حيث بعد أن أنعم الله عليهم وخلصهم من فرعون استمروا بالجدال وذكرهم الله تعالى بالقرآن في أكثر من موضع، حيث أبرز قصصهم عُرف عنها أنها كانت بالجدال مثل قصة بقرة بني إسرائيل ودخولهم إلى بيت المقدس ومعركة طالوت وجالوت.[٧]
قصة قارون
ذكر الله -عز وجل- في السورة الجليلة قصة قارون الذي كان من قوم موسى -عليه السلام- وأنعم الله عليه بالثراء من ذهب وفضة وغيرها، وكان قارون يظن أن أمواله جلبها بامتلاكه العلم والمعرفة، شكل جماعات من الخدم لحماية أمواله الكثيرة، نتيجة امتلاكه لأموال كثير تحول إلى ظالم، حيث تجاوز الحدود بظُلمه لنفسه وقومه، وصل لمرحلة القطب الاقتصادي الأعظم مقابل قطب فرعون السياسي والأثنان سيطروا على احتكار السوق والتجارة وأفكار وعقول الأشخاص الساذجين ممن رضي فيهم، واستمر قارون على ظلمه وتقربه من فرعون حتى خسف الله به الأرض، كما جاء بالآية الكريمة:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ}،[٨][٩]
المراجع
- ↑ ،سورة القصص، آية: 85.
- ^ أ ب ت ث ج "مقاصد سورة القصص"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
- ↑ ،سورة القصص، آية: 52.
- ↑ سورة القصص، آية: 3.
- ↑ سورة الشعراء، آية: 18-19.
- ↑ ،سورة القصص، آية: 59.
- ↑ "موسى في الاسلام"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-6-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة القصص، آية: 81.
- ↑ "تأملات في قصة قارون"، www.kalemtayeb.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-6-2019. بتصرّف.