مقاصد سورة القمر

كتابة:
مقاصد سورة القمر

سورة القمر

تعتبر سورة القمر سورة من السور المكية؛ فقد نزلتْ على رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- في مكة المكرمة، وهي من سور المفصَّل، يبلغ عدد آياتها خمس وخمسين آية، وقد نزلتْ سورة القمر بعد سورة الطارق، وجدير بالذكر إنَّ سورة القمر هي السورة الرابعة والخمسون في ترتيب المصحف الشريف حيث تقع في الجزء السابع والعشرين والحزب الثالث والخمسين، وهي من السور التي لم يردْ فيها لفظ الجلالة أبدًا، وقد بدأ الله -سبحانه وتعالى- سورة القمر بفعل ماضٍ، قال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ}[١]، وهذا المقال مخصَّص للحديث عن مقاصد سورة القمر وسبب نزولها.

سبب نزول سورة القمر

قبل الحديث عن مقاصد سورة القمر، جدير بالذكر إنَّ هذه السورة المباركة من السور التي ذكر أهل العلم بعض أسباب النزول لبعض آياتها، ومما وردَ ما رواه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "انشقَّ القمرُ على عهد رسولِ اللهِ، فقالتْ قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة ولكن انظُروا إلى من يقدُمُ من السِّفارِ فسلوهم، فقدِموا فسألوهم فقالوا: رأيناه قد انشقَّ، فأنزل الله -عزَّ وجلَّ-: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ}[٢]"[٣]، وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "إنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قالَ وهو في قُبَّةٍ له يَومَ بَدْرٍ: أنْشُدُكَ عَهْدَكَ ووَعْدَكَ، اللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ اليَومِ أبَدًا فأخَذَ أبو بَكْرٍ بيَدِهِ، وقالَ: حَسْبُكَ يا رَسولَ اللَّهِ فقَدْ ألْحَحْتَ علَى رَبِّكَ، وهو في الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وهو يقولُ: {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ والسَّاعَةُ أدْهَى وأَمَرُّ}[٤]" [٥]، وهذا يعني أنّ هذه الآيات نزلتْ يوم انتصر المسلمون في بدر، والله تعالى أعلم.[٦]

مقاصد سورة القمر

تعتبر سورة القمر من سور المفصل، وهي سورة طويلة نوعًا ما، تتألف من 55 آية على قصر هذه الآيات، وهي سورة مكية، أنزلها الله -سبحانه وتعالى- بعد حادثة شقِّ القمر، ولإظهار مقاصد سورة القمر لا بدَّ من تقسيم السورة بحسب آياتها والتفصيل في مقاصد سورة القمر وفقًا لورود هذه الآيات تباعًا على الشكل التالي:[٧]

  • مقاصد سورة القمر من الآية 1 حتَّى الآية 6: تتناول هذه الآيات الكريمة حادثة شقِّ القمر في عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وتذكر تكذيب الكفار لما رأتْ أعينهم من الحق، فشقُّ القمر معجزة من المعجزات التي أيَّد الله -سبحانه وتعالى- فيها رسوله الكريم، ثمَّ تشير الآيات على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّ يُعرض عن كلام الكافرين فالعذاب بانتظارهم يوم القيامة، قال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّنَ الْأَنبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ۖ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ * فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ۘ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ}[٨].
  • مقاصد سورة القمر من الآية 7 حتَّى الآية 32: تشرح هذه الآيات المباركة وتصوّر أحد مشاهد يوم القيامة، وهو مشهد خروج الناس من قبورهم مسرعين خوفًا وفزعًا، ثمَّ تضرب هذه الآيات الأمثال بالأمم السابقة وتبيِّن كيف أفنى الله -عزَّ وجلَّ- الأمم التي كذَّبتِ الرسل وحاربتهم كقوم ثمود، وفي هذا موعظة للمشركين في مكة لو كانوا يعلمون، والله تعالى أعلم.
  • مقاصد سورة القمر من الآية 33 حتَّى الآية 55: تبيِّن هذه الآيات وتعرض قصة قوم لوط -عليه السَّلام- وتذكر قصة نجاته ومن آمن معه رحمة من الله، فالله تعالى ينجِّي المؤمنين من العذاب، كما تسرد الآيات قصة غرق فرعون مع جنوده في البحر بعد تكذيبه وكفره بما جاء به نبيُّ الله موسى -عليه السَّلام-، ثمَّ تخاطب الآيات المباركة المشركين من العرب وتحذرهم مصير الأمم السابقة، ثمَّ تشرح آيات السورة الأخيرة مصير المؤمنين والأشقياء المجرمين يوم القيامة، والله تعالى أعلم.

أسماء سورة القمر

بعد ما ورد من مقاصد سورة القمر، جدير بالذكر إنَّ أغلب سور الكتاب تسمَّى بمطالعها، وهذا شأن سورة القمر أيضًا، فقد سُمِّيت هذه السورة بسورة القمر لذكر القمر في مطلعها، قال تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ}[١]، وتجب الإشارة إلى أنَّ بعض علماء السلف أطلق عليها اسم سورة "اقتربت الساعة" وهي ما استُفْتِحَتْ فيها، وقد جاءت في صحيح السنة النبوية باسم سورة اقتربت الساعة، روى أبو واقد الليثي -رضي الله عنه- أنَّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سأله: "ما كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يقرَأُ في الفطرِ والأضحى؟ قال: كان النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يقرَأُ بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}[٩] و{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}[١]"[١٠]، والله تعالى أعلم.[١١]

حادثة انشقاق القمر في السنة النبوية

وردتْ حادثة انشقاق القمر في مصدري التشريع الإسلامي: القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ويدلُّ ورودها في المصدرين على صحتها وصدقها، وهي معجزة من معجزات الله تعالى التي أيَّد بها رسوله الكريم -صلَّى الله عليه وسلَّم- وفيما يأتي ذكرٌ للأحاديث النبوية الصحيحة التي ذكرت حادثة انشقاق القمر في عهد رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام-:[١٢]

  • عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "انْشَقَّ القَمَرُ ونَحْنُ مع النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ، فَقالَ لَنَا: اشْهَدُوا اشْهَدُوا"[١٣].
  • وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "انشقَّ القمرُ على عهدِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فقال المشركون: هذا سِحرٌ سحركم ابنُ أبي كبشةَ، ولكن انظُروا إلى من يقدُمُ من السِّفارِ فسلوهم، فقدِموا فسألوهم فقالوا: رأيناه قد انشقَّ"[١٤].

المراجع

  1. ^ أ ب ت سورة القمر، آية: 1.
  2. سورة القمر، آية: 1-2-3.
  3. رواه ابن كثير، في البداية والنهاية، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 3/118، إسناده قوي وله طرق.
  4. سورة القمر، آية: 44-45.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4877، صحيح.
  6. "سورة القمر"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
  7. "تفسير سورة القمر للناشئين (الآيات 1-55) "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
  8. سورة القمر، آية: 1-6.
  9. سورة ق، آية: 1.
  10. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي واقد الليثي، الصفحة أو الرقم: 2820، أخرجه في صحيحه.
  11. "سورة القمر"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
  12. "انشقاق القمر"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 4865، صحيح.
  14. رواه ابن حجر العسقلاني، في موافقة الخبر الخبر، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 1/203، صحيح.
4589 مشاهدة
للأعلى للسفل
×