محتويات
سورة المرسلات
هي إحدى سور القرآن الكريم المكيَّة التي نزلت قبل هجرة النبيَِّ -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، وهي من السور التي تتناول الجانب العقائدي من الشريعة الإسلامية، نزلتَ سورة المرسلات بعد سورة الهمزة ورقم ترتيبها من حيث النزول ثلاثةٌ وثلاثون، تقع السورة في الحزب ثمانيةٍ وخمسين وفي الجزء التاسع والعشرين وهو جزء تبارك الذي سُمِّيَ بذلك نسبةً لمطلع اوَّل سورة فيه وهي سورة الملك، عددُ آيات السورة خمسون آية، رقمُ ترتيبها في المصحف العثمانيِّ سبعةٌ وسبعون، وفي هذا المقال سيتمُّ تسليط الضوء على سورة المرسلات وأسباب نزولها وفضلها ومقاصد سورة المرسلات.[١]
أسباب نزول سورة المرسلات
قبل أن يتمَّ التطرُّق إلى مقاصد سورة المرسلات سيتمُّ ذكر الأسباب التي وردَت في كتُب التفسير فيما يتعلَّق بذلك، فرغمَ أنَّ العديد من سور القرآن الكريم كان لها أسباب نزول مباشرة -غير المقاصد التي نزلَت من أجلها- كموقفٍ معيَّنٍ حصلَ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو ردًّا على أسئلةٍ كانت مطروحةً عليه أو غير ذلك، إلَّا أنَّ هناك عددًا من السور لم يكن لها أسباب مباشرة للنزول ومنها سورة المرسلات، فقد نزلَت على قلبِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غارٍ بمنى، وكان معه جمعٌ من الصحابة -رضي الله عنهم- منهم الصحابي عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وقد روى الحديثَ الصحيح الذي قال فيه: "كُنَّا مع النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- في غَارٍ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عليه: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}،[٢]فَنَحْنُ نَأْخُذُهَا مِن فيه رَطْبَةً، إذْ خَرَجَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ، فَقالَ: اقْتُلُوهَا، فَابْتَدَرْنَاهَا لِنَقْتُلَهَا فَسَبَقَتْنَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: وَقَاهَا اللَّهُ شَرَّكُمْ كما وَقَاكُمْ شَرَّهَا"،[٣] والله أعلم.[٤]
سبب تسمية سورة المرسلات
أُطلِق على هذه السورة المباركة اسم سورة المرسلات بسبب ورودِ هذه الكلمة في بداية السورة، حيثُ أقسمَ الله تعالى بها في أوَّل آية من السورة، قال تعالى: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}،[٥]وذلك مثل كثير من سور القرآن الكريم سُمِّيَت نسبةً لأوَّل كلمة فيها مثل: الحاقة، القارعة وغيرها، وقد وقعَ بين المفسِّرين خلاف على معنى كلمة المرسلات، فقيل: هي ريح العذاب التي يرسلُها الله على الكفار، لكنَّ الراجح من الأقوال أنَّها الملائكة وكذلك قال أبو هريرةَ -رضي الله عنه-، وكان الصحابة يسمُّونها سورة المرسلات، فقد ورد في الحديث أنَّه أتى ابنَ مسعودٍ رجلٌ فقالَ: إنِّي أقرأُ المفصَّلَ في رَكعةٍ، فقالَ: أَهذًّا كَهذِّ الشِّعرِ ونثرًا كنثرِ الدَّقلِ، لَكنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كانَ يقرأُ النَّظائرَ السُّورتينِ في رَكعةٍ، الرَّحمنَ والنَّجمَ في رَكعةٍ، واقتربت والحاقَّةَ في رَكعةٍ، والطُّورَ والذَّارياتِ في رَكعةٍ، وإذا وقعت ون في رَكعةٍ، وسألَ سائلٌ والنَّازعاتِ في رَكعةٍ، وويلٌ للمطفِّفينَ وعبسَ في رَكعةٍ، والمدَّثِّرَ والمزَّمِّلَ في رَكعةٍ، وَهل أتى ولاَ أقسمُ بيومِ القيامةِ في رَكعةٍ، وعمَّ يتساءلونَ والمرسلاتِ في رَكعةٍ، والدُّخانَ وإذا الشَّمسُ كوِّرت في رَكعةٍ"،[٦] وتُسمَّى سورة العُرف أو عرفًا لمجيء هذه الكلمة في أول آية أيضًا.[٤]
فضل سورة المرسلات
تعدُّ سورة المرسلات من السوَر التي خصَّها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحديث مع عددٍ من السور وهي: هود والواقعة والنبأ والشمس، وقد ذكرَ أنَّها شيَّبته قبل الأوان لشدَّة ما فيها من وصف لأهوال يوم القيامة، عن وهب بن عبد الله السوائي أبو جحيفة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "شيَّبتني هودٌ وأخواتُها، وفي روايةٍ: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتساءلونَ، وإذا الشمسُ كُوِّرتْ"،[٧]كما وردَ في فضل السورة العديد من الأحاديث الموضوعة التي لا أصل لها كما قال المحدِّثون ومنها الحديثُ الذي يُروى عن أبي بن كعب -رضي الله عنه-: "مَنْ قرأ سورةَ المُرْسَلاتِ كُتبَ له أنَّه ليسَ من المشركينَ"،[٨] إضافةً إلى فضل قراءتها الذي يشملُ قراءة القرآن كله، وأخذ العِبرة والعظة من آياتها الكريمة.[٩]
مقاصد سورة المرسلات
تبدأ سورة المرسلات بقَسَمٍ عظيم من الله تعالى بملائكة العذاب التي يُرسلها الله على الكافرين، وريح العذاب التي يرسلها على العصاة، وعندما يقسم الله بأحد مخلوقاته فإنَّ ذلك تعظيمًا لشأنه ونظرًا لأهميَّة المهمَّة التي أوكلها الله إليه، قال تعالى: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا * فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا * وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا * فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا}،[١٠]ومن مقاصد سورة المرسلات تصوير الأهوال التي ستحلُّ على الكون يوم القيامة، والحديث عن العديد من التغيُّرات التي ستطرأ على السماوات وما فيها وعلى الأرض وما فيها، قال تعالى: {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ}،[١١]ثمَّ تتابع الآيات بالحديث عن العذاب الذي عاقبَ به الله تعالى الأمم السابقة التي كفرت به، ويُشير إلى أصل الإنسان مذَّكرًا بذلك كلُّ من تسوِّلُ له نفسه أن ينسى أصله.[١٢]
ومن مقاصد سورة المرسلات أيضًا أنَّها تتحدث عن الآيات التي تدلُّ على قدرة الخالق -جلَّ وعلا- في خلق الأرضِ وما فيها من آيات، قال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا * وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاءً فُرَاتًا}،[١٣]وتُشيرُ السورة إلى المصير الأليم الذي سيلاقيه المجرمون في الآخرة، وتتحدَّث عن شتَّى ألوان العذاب التي ستحلُّ بهم، ثمَّ تجري مقارنة بين الكافرين والمؤمنين من حيثُ مصير كلِّ فريقٍ منهم وتذكُرُ النعيم الذي أعدَّه الله للمؤمنين، ومن مقاصد سورة المرسلات أنَّها توجَِّهُ رسالةً توبيخيَّة تهديديَّة شديدة اللهجة قاسية للكفَّار، قال تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}،[١٤] وذلك من أجل إظهار غضب الله عليهم لتكذيبهم الرسل في الحياة الدنيا.[١٢]
المراجع
- ↑ "سورة المرسلات"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المرسلات، آية: 1.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2234، صحيح.
- ^ أ ب "التحرير والتنوير سورة المرسلات"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المرسلات، آية: 1.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن علقمة و الأسود، الصفحة أو الرقم: 1396، صحيح دون سرد السور.
- ↑ رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح ، عن وهب بن عبدالله السوائي أبو جحيفة، الصفحة أو الرقم: 5283 ، صحيح لغيره وإسناده صحيح.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في الكافي الشافي، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 309، موضوع.
- ↑ "سورة المرسلات"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المرسلات، آية: 1-4.
- ↑ سورة المرسلات، آية: 8-10.
- ^ أ ب "تفسير سورة المرسلات للناشئين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المرسلات، آية: 25-27.
- ↑ سورة المرسلات، آية: 45-50.