محتويات
سورة الممتحنة
سورة الممتحنة إحدى سور القرآن الكريم المدنية، أي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة بعد الهجرة، نزلت بعد سورة الأحزاب، وتقع السورة في الحزب الخامس والخمسين وفي الجزء الثامن والعشرين من كتاب الله تعالى وترتيبها في المصحف ستون، وعددُ آياتِ سورة الممتحنة ثلاثة عشر آية فقط، سمِّيَت السورة بالممتحنة بسبب ورودِ أمر أوجبه الله تعالى وهو امتحان المهاجرات المؤمنات وعدم ردِّهن إن ثبتَ إيمانهنَّ كما قال تعالى: {يا أيُّهَا الَّذينَ آمنُوا إذَا جاءَكُمُ المُؤمِنَاتُ مهَاجِرَاتٍ فامتَحِنُوهُنَّ اللَّه أعلَمُ بإيمَانهِنَّ}[١]، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول مقاصد سورة الممتحنة وفضل السورة وسبب نزولها وقصة حاطب بن أبي بلتعة.[٢]
سبب نزول سورة الأحزاب
قبل الحديث عن مقاصد سورة الممتحنة سيُشار إلى أسباب نزول السورة، حيثُ تعدُّ قصة حاطب بن أبي بلتعة هي السبب الرئيس لنزول أوائل السورة عندما أرسلَ إلى قريش كتابًا يحذِّرهم فيه من غزو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمكة المكرمة، فكشفه الله تعالى وأخبر نبيه، وهناك سبب آخر وهو أنَّه بعد صلح الحديبية أتت أم أسماء بنت أبي بكر ببعض الهدايا لابنتها وتريد أن تصلها ولكنها كانت مشركة فأذن لها رسول الله ونزلت الآية في قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[٣]، وفي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ}[٤]، كان السبب وراء هذه الآية هو أنَّ المسلمين لم يقتنعوا بالبند المتفق عليه في صلح الحديبية في ردِّ من يأتي مسلمًا من قريش، فأتت الآية واستثنت النساء المهاجرات إذا ثبتَ إيمانهنَّ.[٥]
مقاصد سورة الممتحنة
تشيرُ سورة الممتحنة في بداية الآيات إلى ما قام به الصحابي حاطب بن أبي بلتعة قبيل فتح مكة، حيثُ أرسلَ كتابًا مع امرأة ليخبرَ فيه قريشًا بما ينوي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعله، لكنَّ الله تعالى فضحه وكشفَ خيانته وقبض عليه رسول الله، وهنا يظهر أهم مقاصد سورة الممتحنة في عدمِ التودُّد إلى الكفَّار مهما كان الرابط معهم، فمن خرجَ في سبيل الله لا يلتفت إلى مثل تلك الأمور، قال تعالى: {يا أَيُّها الَّذينَ آمنُوا لا تتَّخِذُوا عدُوِّي وعَدوَّكُمْ أولِياءَ تلقُونَ إليْهمْ بِالموَدَّةِ وقَدْ كفرُوا بمَا جاءكُمْ منَ الحَقِّ يخرِجُونَ الرَّسولَ وإيَّاكُم أنْ تؤمِنُوا باللَّهِ ربِّكُم إن كنتُمْ خرجْتُمْ جهَادًا في سبيلِي وابتِغاءَ مرضَاتِي تسِرُّونَ إلَيهِمْ بالمَوَدَّةِ وأنَا أعلَمُ بما أخفَيْتُمْ وما أعلَنْتُمْ ومنْ يفعَلْهُ منكُمْ فقَدْ ضلَّ سوَاءَ السَّبيل}[٦]، ومن مقاصد سورة الممتحنة أن على المؤمنين أن يتبرؤوا من الكافرين كما فعل سيدنا إبراهيم وقومه.[٧]
ومن مقاصد سورة الممتحنة أيضًا إخبار المسلمين أنَّ العداوة تظهرُ فقط للكافرين والمشركين في حالة القتال والاعتداء من قبلهم أمَّا من لم يقاتلهم فلا بأس في معاملتهم كما قال تعالى: {لا ينهَاكُمُ اللَّه عنِ الَّذينَ لمْ يقاتِلُوكُم في الدِّين ولَم يخرِجوكُمْ منْ ديارِكُمْ أنْ تبرُّوهُم وتقسِطُوا إليهِمْ إنَّ اللَّه يحِبُّ المقسِطِينَ}[٣]، وبيَّنت السورة أيضًا القواعد التي يجبُ على المسلمين اتِّباعها أثناء معاملة النساء اللواتي يأتينَ مهاجرات من الكفر إلى الإيمان، ووجوب امتحانهنَّ فإذا ثبتَ إيمانهنَّ وجبَ عدمُ ردِّهنَّ إلى ديارهنَّ، قال تعالى: {يا أَيُّها الَّذينَ آمنُوا إذا جاءكُمُ المُؤمنَاتُ مهاجرَاتٍ فَامتحِنُوهنَّ اللَّهُ أَعلمُ بإيمانِهِنَّ فإِن علِمتمُوهُنَّ مؤمِنَاتٍ فلَا تَرجعُوهُنَّ إلَى الكفَّارِ لا هنَّ حلٌّ لهمْ ولَا همْ يحلُّونَ لهُنَّ وآتوهُمْ ما أنفَقُوا ولَا جنَاحَ علَيكُمْ أَن تنكِحُوهُنَّ إذَا آتيتُمُوهُنَّ أجورَهُنَّ ولَا تُمسكُوا بعِصمِ الكَوافرِ واسأَلُوا ما أَنفقْتمْ وليسْأَلُوا ما أَنفقُوا ذلِكُم حُكمُ اللَّهِ يحكُمُ بينَكُمْ واللَّهُ عليمٌ حكِيمٌ}[٨]، والله تعالى أعلم.[٧]
فضل سورة الممتحنة
بعد المرور على مقاصد سورة الممتحنة سيتمُّ ذكر فضل السورة، وكالكثير من السور في كتاب الله تعالى لم تردْ أحاديث صحيحة عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في فضل سورة الممتحنة، وإنما ورد عدد من الأحاديث الموضوعة والضعيفة التي لا أصل لها، مثل الحديث الموضوع الذي رواه أبي بن كعب أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ قرأَ سُورة الممتحنة كانَ المؤمنونَ والمؤمناتُ لهُ شَفيعًا يوم القيامة"[٩]، ويبقى فضل سورة الممتحنة كباقي السور الكريمة في كتاب الله تعالى، وفي قراءتها أجر عظيم وفضل كبير لا يعلمه إلا الله كما في قراءة القرآن كله، ويكمنُ فضلها أيضًا في الالتزام بما جاءت به من أحكام وأوامر فرضها الله تعالى على المسلمين، فلا عبرة في قراءة القرآن دون العمل بما جاء به.[١٠]
حاطب بن أبي بلتعة
حاطب بن أبي بلتعة صحابيٌّ جليل من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين شهدوا غزوة بدرٍ، أسلم وهاجر مع الرسول وشاركَ في جميع غزواته وكان أحد الرماة المسلمين الماهرين، وهو الصحابي الذي أرسله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عظيم مصر المقوقس فرجع بهدية المقوقس وهي مارية القبطية، إلا أنه قبيل فتح مكة أرسلَ كتابًا إلى كفار قريش يحذرهم من هجوم محتمل من المسلمين عليهم، لكنَّ الله كشفه لنبيه فقبض عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتعرَّف على السبب الذي دفعه لذلك، فقد كان حاطب يعتبرُ نفسه لصيقًا بقريش ولم يكن منهم، وجميع المهاجرين لهم قرابة مع قريش فأرادَ أن يكون له يدٌ عليهم بهذه الفعلة يحمي نفسه بها، ولذلك عفا عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتاب الله عليه.[١١]
المراجع
- ↑ سورة الممتحنة، آية: 10.
- ↑ "سورة الممتحنة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة الممتحنة، آية: 8.
- ↑ سورة الممتحنة، آية: 10.
- ↑ "علوم سورة الممتحنة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الممتحنة، آية: 1.
- ^ أ ب "تفسير سورة الممتحنة للأطفال"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الممتحنة، آية: 10.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في الكافي الشافي، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 288، موضوع.
- ↑ "سورة الممتحنة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.
- ↑ "حاطب بن أبي بلتعة"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-06-2019. بتصرّف.