محتويات
سورة النازعات
سورة النازعات إحدى سورة القرآن الكريم المكية، أي التي نزلَت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة أو قبل هجرته إلى المدينة المنورة -عليه الصلاة والسلام-، تقع سورة النازعات في الحزب التاسع والخمسين وفي الجزء الثلاثين وهو جزء عمَّ الجزء الأخير من القرآن الكريم، رقمُ ترتيب السورة في المصحف تسعةٌ وسبعون بعد سورة النبأ وقبل سورة عبس، وعدد آياتها تسعةٌ وأربعون آية، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول تسمية السورة وسبب نزولها وحول مقاصد سورة النازعات.[١]
أسباب نزول سورة النازعات
قبل الانتقال بالحديث إلى مقاصد سورة النازعات سيُشار إلى الأسباب التي وردَت في نزول السورة، فمثل غيرها من سور القرآن الكريم لم يردْ في كتب تفاسير القرآن أسباب نزول تخصُّ كامل سورة النازعات، بل إنَّ جميعَ ما وردَ يتحدَّث عن أسباب نزول آخر آيات السورة وهي قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا * إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَا * إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا * كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}،[٢]فقد وردَ في كتاب تفسير ابن كثير أنَّ طارق بن شهاب قال: "كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- لا يزالُ يذكرُ مِن شأنِ السَّاعةِ حتَّى نزَلَت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}"[٣]وعن ابن عطية قال: "نزلت بسبب أنَّ قريشًا كانت تلحُّ في البحث عن وقت الساعة التي كان رسول الله -صلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلَّمَ- يخبرهم بها ويتوعَّدهم بها ويكثرُ من ذلك"، والله تعالى أعلم.[٤]
سبب تسمية سورة النازعات
إنَّ لكلِّ سورة من سور القرآن الكريم سبب معيَّن لتسمية السورة، فهناك بعض السور التي سمِّيَت بسبب بداياتها مثل سورة الحاقة وغيرها، أو بسبب إحدى القصص المشهورة التي تردُ في سياقِ السورة مثل سورة البقرة وغيرها، وقد وردَ في سبب تسمية سورة النازعات أنَّ مطلعها في أول آيةٍ منها كان سبب ذلك، حيثُ أقسم الله تعالى في بداية السورة بالنازعات، قال تعالى: {والنازعات غرْقًا}،[٥]ومعنى النازعات هي الملائكة التي تقوم بنزع أرواح الكافرين بقوَّة وشدَّة، ومعنى غرقًا أي النزع الشديد المؤلم، ولذلك سمِّيَت السورة بسورة النازعات.[١]
مقاصد سورة النازعات
تبدأ سورة النازعات في مطلعٍ مخيفٍ، يرهِبُ به الله تعالى الكافرين ويصوِّرُ الأهوال التي ستحدثُ يوم القيامة، ويصف شدَّة تلك الأهوال التي سيعاني منها المجرمون والكافرون، قال تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ}،[٦]ومن مقاصد سورة النازعات أيضًا أنَّها تعرضُ النهاية المُخزية والمؤسفة التي ستلحقُ بالكافرين عندما تعرضُ إحدى الجوانب من قصة موسى -عليه السلام- وفرعون، قال تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ * وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ * فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَىٰ * فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ}،[٧]وقد بيَّنت الآيات كيفَ جعلَ الله منهم عظةً وعبرةً لكلِّ العالمين.[٨]
ومن مقاصد سورة النازعات تصوير هذا الكون الهائل بما فيه من مخلوقات أبدع الله تعالى صُنعها، وجعلها دلائل على قدرته، وعلامات على عظيمِ خلقه، قال تعالى: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا}،[٩]ثمَّ تتناول الآيات الحديث عن مجيء يوم القيامة العظيم الذي سيُجزى فيه كلُّ إنسان بما عمل، قال تعالى: {فَأَمَّا مَن طَغَىٰ * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ}،[١٠]وفي النهاية تشيرُ إلى ميعاد الساعة التي كان المشركون يلحُّون في السؤال عن موعدها، قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}،[١١]فيؤكدُ الله أنَّ علمها عند الله وحده وعندما يأتي موعدها سيُذهَلُ الكافرون بقدومها على حينِ غرَّة.[٨]
فضل سورة النازعات
في مقال عن مقاصد سورة النازعات يجدرُ بالذكر الحديث عن فضل هذه السورة العظيمة، فمن فضل الله تعالى على عباده المسلمين أنَّه جعل في القرآن الكريم كلِّه فضل عظيم لا يحيطُ به إلا الله، فهو المعجزة الخالدة أبدَ الدهر للمسلمين، وفي كلِّ سورة من سوره وآيةٍ من آياته معجزةٌ من معجزات الخالق -تبارك وتعالى-، ولذلك فقد جعل الله تعالى في قراءة سورة النازعات كما في قراءة القرآن كلِّه ثوابٌ عميمٌ منه -جلَّ وعلا- يمنُّ به على عباده، وفي حديثِ عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- الشهير أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قرَأ حَرفًا من كِتابِ اللهِ فلَه به حسَنةٌ، والحَسنةُ بعشْرِ أمثالِها، لا أقولُ {ألم} حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ"،[١٢]إضافةً إلى فضلها العظيم فيما جاءت به من عبر وعظات، فقد جاءت آيات سورة النازعات بكلام بليغٍ وعبارات عظيمةِ الدقَّة حاملةً معها الكثير من الأدلة والبراهين والحجج العقلية والعلمية والمنطقية ردًّا حاسمًا لا ريبَ فيه على كلِّ من ينكرُ قدرة الله -سبحانه وتعالى- في خلقه، وعلى كلِّ من ينكرُ أنَّ الله تعالى قادرٌ على إعادة خلقَ الإنسان كما خلقه أول مرة، وهؤلاء هم الضالُّون الذين يجادلون بغير هدىً ولا كتابٍ منيرٍ، والله غالبٌ على أمره ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون.[١٣]
المراجع
- ^ أ ب "سورة النازعات"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة النازعات، آية: 42-46.
- ↑ رواه ابن كثير، في تفسير القرآن، عن طارق بن شهاب، الصفحة أو الرقم: 3/526، إسناده جيد قوي.
- ↑ "هل لسورة النازعات سبب نزول"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة النازعات، آية: 1.
- ↑ سورة النازعات، آية: 6-9.
- ↑ سورة النازعات، آية: 15-22.
- ^ أ ب "تفسير سورة النازعات للناشئين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة النازعات، آية: 27-30.
- ↑ سورة النازعات، آية: 37-41.
- ↑ سورة النازعات، آية: 46.
- ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2/296، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
- ↑ "تأملات إيمانية في سورة النازعات"، www.kalemtayeb.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-06-2019. بتصرّف.