مقاصد سورة الواقعة

كتابة:
مقاصد سورة الواقعة

سورة الواقعة

تعتبر سورة الواقعة واحدة من السور المكية، والسور المكية هي السور التي نزلتْ على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مكة المكرمة، تعتبر سورة الواقعة من سور المفصل، يبلغ عدد آياتها 96 آية، وهي السورة السادسة والخمسون في ترتيب سور المصحف الشريف حيث تقع في الجزء السابع والعشرين والحزب الرابع والخمسين، وقد نزلتْ سورة الواقعة بعد سورة طه، وجدير بالذكر إنَّ مستهلَّ سورة الواقعة أسلوبُ شرطٍ أداته إذا، قال تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ}[١]، وهذا المقال مخصَّص للحديث عن مقاصد سورة الواقعة بالتفصيل.

سبب نزول سورة الواقعة

لا بدَّ من التمهيد بسبب نزول سورة الواقعة قبل تسليط الضوء على مقاصد سورة الواقعة، وهنا تجب الإشارة إلى أنَّه لم يردْ سبب صريح لنزول كلُّ سورة الواقعة، وإنَّما ما وردَ هو أسباب نزول لبعض آيات سورة الواقعة، فقد ثبت في صحيح الإمام مسلم عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: "مُطِرَ النَّاسُ علَى عَهْدِ النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- فقالَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: أصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شاكِرٌ ومِنْهُمْ كافِرٌ، قالوا: هذِه رَحْمَةُ اللهِ، وقالَ بَعْضُهُمْ: لقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذا وكَذا، قالَ: فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {فَلا أُقْسِمُ بمَواقِعِ النُّجُومِ}[٢]، حتَّى بَلَغَ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذِّبُون}[٣]"[٤]، وفي حديث حسن رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: "لمَّا نزَلتْ {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ}[٥]، شَقَّ ذلك على المُسلِمينَ، فنزَلتْ {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ}[٦]، فقال: أنتم ثُلُثُ أهْلِ الجنَّةِ، بل أنتم نِصفُ أهْلِ الجنَّةِ، وتُقاسِمونهم النِّصفَ الباقيَ"[٧]، والله تعالى أعلم.[٨]

مقاصد سورة الواقعة

لا تصنَّف سورة الواقعة مع قصار سور القرآن الكريم ولا من طوال السور، فهي سورة متوسطة الطول، عدد آياتها 96 آية، ولهذا يمكن الحديث عن مقاصد سورة الواقعة بتقسيمها إلى مجموعة من الآيات، وفيما يأتي مقاصد سورة الواقعة بحسب تسلسل آياتها:[٩]

  • مقاصد سورة الواقعة من الآية 1 إلى 16: تتناول آيات سورة الواقعة هذه أحداث يوم الواقعة وهو يوم القيامة، وتسرد هذه الآيات بعض علامات هذا اليوم، كرجِّ الأرض وبسِّ الجبال وانقسام الناس، قال تعالى: {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنبَثًّا * وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}[١٠]، وتذكر إنَّ الناس ينقسمون يوم الواقعة إلى السابقين وأصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة، ثمَّ تتنقل إلى التفصيل في ألوان العذاب أو النعيم الذي سيحصل عليه كلُّ قسم من الناس، قال تعالى: {أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ * عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ * مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ}[١١].
  • مقاصد سورة الواقعة من الآية 16 إلى 50: تسرُدُ وتصفُ الآيات نعيم أهلِ الجَنَّة الذي أعدَّهُ الله -سبحانه وتعالى- لهم، من الولدان المخلدين والفاكهة ولحم الطير والحور العين والهدوء والسلام والأمن، قال تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ * لَّا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا * وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ}[١٢]، ثمَّ تصف الآيات مصير أصحاب الشمال من العذاب والحميم، وكلُّ هذا بسبب إصرارهم على الكفر والعصيان، قال تعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ * لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُتْرَفِينَ * وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ * وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ * قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ}[١٣].
  • مقاصد سورة الواقعة من الآية 57 إلى 74: في هذه الآيات المباركات تأكيد على البعث والنشور بدلائل حسية مرئية بأعين الناس، وهي دلائل لا يمكن للإنسان إنكاراها، كنبات الزرع وهطول المطر، قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ}[١٤]، كما تشير الآيات أيضًا غلى صورة النار التي يوقدها الإنسان، قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ * نحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}[١٥].
  • مقاصد سورة الواقعة من الآية 77 إلى 96: في ختام سورة الواقعة تتناول الآيات الكريمة وصف القرآن الكريم، كلام الله تعالى المحفوظ في اللوح المحفوظ، الكتاب الذي لا يمسه إلا الطاهرون، ثمَّ تشرح الآيات مشهد خروج الروح من جسد الإنسان، وتذكر مصير كلِّ إنسان بعد موته بحسب عمله، فمن تاب وعمل صالحًا فروح وريحان وجنات نعيم، وأما من كذّب فمصيرهُ النار والجحيم، قال تعالى: {فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ}[١٦]، والله أعلم.

فضل سورة الواقعة

إنَّ فضل سورة الواقعة كفضل سائر سور الكتاب، فهي متعبَّدة بتلاوتها، وهي من السور التي خصَّها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في أحاديثه، فيذكر أهل العلم إنَّه وردَ في فضل سورة الواقعة حديثان اثنان، أحدهما صحيح والآخر ضعيف، هما:[١٧]

  • الحديث الصحيح هو ما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: "قالَ أبو بَكْرٍ -رضيَ اللَّهُ عنهُ-: يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ، قالَ: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتَسَاءَلُونَ، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ"[١٨].
  • أمَّا الحديث الضعيف فقد روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: "مَنْ قرأَ سورةَ الوَاقِعَةِ في كلِّ ليلةٍ لمْ تُصِبْهُ فَاقَةٌ أبدًا"[١٩].

أسماء يوم القيامة

كثيرة هي أسماء يوم القيامة، وقد سُمِّيت سور قرآنية كثيرة باسم هذا اليوم، وهذه التسميات ذكرها المفسرون في تفسير السور، ومن أسماء يوم القيامة المذكورة في القرآن ما يأتي: "الواقعة، القارعة، الطامة الكبرى، الصَّاخَّة، الغاشية، الزلزلة، يوم الخلود، يوم الحساب، يوم البعث، اليوم الآخر، يوم الدين، الحاقَّة، الآزفة، يوم التنادي، يوم الحسرة، يوم الجمع، يوم التغابن، يوم الحسرة، يوم الوعيد، اليوم المشهود، يوم الجزاء، يوم القصاص، يوم الخروج، يوم الفصل"، والله تعالى أعلم.[٢٠]

المراجع

  1. سورة الواقعة، آية: 1.
  2. سورة الواقعة، آية: 75.
  3. سورة الواقعة، آية: 82.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 73، صحيح.
  5. سورة الواقعة، آية: 14.
  6. سورة الواقعة، آية: 39.
  7. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 9080، حسن لغيره.
  8. "سبب نزول بعض آيات من سورة الواقعة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
  9. "تفسير سورة الواقعة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
  10. سورة الواقعة، آية: 4-10.
  11. سورة الواقعة، آية: 11-16.
  12. سورة الواقعة، آية: 17-27.
  13. سورة الواقعة، آية: 41-50.
  14. سورة الواقعة، آية: 63-70.
  15. سورة الواقعة، آية: 71-74.
  16. سورة الواقعة، آية: 88-94.
  17. "سورة الواقعة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
  18. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3297، صحيح.
  19. رواه الألباني، في ضعيف الجامع، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5773، ضعيف.
  20. "أسماء يوم القيامة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
3826 مشاهدة
للأعلى للسفل
×