مقاصد سورة غافر

كتابة:
مقاصد سورة غافر

سورة غافر

سورة غافر هي سورة مكية، آياتها خمس وثمانون آية، وهي السورة الأربعون بحسب ترتيب المصحف العثماني، نزلت بعد سورة الزمر، وقبل سورة فصلت، وهي أول سور "آل حم" نزولًا، والسور المفتَتِحة بكلمة {حم} سبع سور، ويدعى مجموعها آل حم، فكأنها أسرة واحدة لتآخيها، مرتبة في المصحف على ترتيبها في النزول، وهي: غافر، فصلت، الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف، وتسمى سورة غافر لذكر وصفه تعالى: {غَافِرِ الذَّنبِ}[١]في أولها، ومن خلال هذا المقال سيتم توضيح مقاصد سورة غافر بالتفصيل.[٢]

مقاصد سورة غافر

من مقاصد سورة غافر ذكر الصراع بين الحق والباطل وأن الجبارين الذين كانوا يحاربون هذا الحق مصيرهم إلى نار جهنم، وأن خَدمة الحق من المؤمنين مصيرهم الى جنات النعيم، والملائكة تستغفر لهؤلاء المؤمنين لحرصهم على رضى ربهم -جل وعلا- في هذه الحياة الدنيا، وعرض جدال الكافرين الذين منعهم الاستكبار من التسليم لله -سبحانه وتعالى- مصرين على موقفهم في الكفر والجحود ومعاداة الله وأنبيائه، ثم الانتقال بهم إلى الصورة النهائية وهم يصطرخون في نار جهنم خالدين فيها أبد الآبدين، وفي هذا نصر وأي نصر لأولياء الله -عز وجل- وجدال بين الكافرين وبين كبرائهم الذي لا طائل منه إلا عذابًا فوق العذاب.[٢]

ومن مقاصد سورة غافر ذكر قصة مؤمن آل فرعون الذي نصحهم وخوفهم بالله -عز وجل- لكن دون جدوى، لتنتقل الصورة إلى مصارع الغابرين المكذبين حتى يعلم الكفار أن نهايتهم هي نهاية أسلافهم لو كانوا يعقلون، وتثبيت قلب الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمشي قدمًا في دعوة التوحيد فلا يضعفه التكذيب والكيد لدعوته الحقة، وهذه السورة توضح الصراع الدائم بين دعاة الحق من الرسل والأنبياء ودعاة الباطل من الطواغيت وأمثالهم، فهذه دورة الحياة من لدن آدم -عليه السلام- إلى قيام الساعة.[٢]

فضل سورة غافر

وفي حديثٍ ضعيف عن فضل سورة غافر وجَب توضيحه، أنه أتى رجلٌ لرسولَ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فقالَ: أقرئني يا رسولَ اللَّهِ، فقالَ: إقرأ ثلاثًا من ذواتِ {الر} فقالَ: كبُرت سنِّي واشتدَّ قلبي وغلظَ لساني، قالَ: فاقرأ ثلاثًا من ذواتِ {حم} فقالَ مثلَ مقالتِهِ، فقالَ: اقرأ ثلاثًا منَ المسبِّحات، فقالَ مثلَ مقالتِهِ، فقالَ الرَّجلُ: يا رسولَ اللَّهِ أقرئني سورةً جامعةً، فأقرأهُ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- {إذا زلزلتِ الأرضُ} حتَّى فرغَ منها، فقالَ الرَّجلُ: والَّذي بعثَكَ بالحقِّ لا أزيدُ عليها أبدًا ثمَّ أدبرَ الرَّجلُ، فقالَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: أفلحَ الرُّويجل، مرَّتين.[٣][٤]

ومن الطرق المبتدعة التي لا تصح لفضل قراءة سورة غافر، قام بعض المتصوفة بتلاوة أوائل الآيات من السورة، ثم ينتقلون إلى الأخرى التي تبدأ بـ {حم} أيضًا، ويقولون: إنها طريقة للوقاية من نار جهنم، ويقرؤونها كل صباح بعد الفجر، ومن مقاصد سورة غافر بيان أن ما يفعله هؤلاء من تلاوة الآيتين الأوليين من كل سورة تبدأ بـ {حم} تباعًا لا أصل له، وهو بدعة مردودة، وقولهم: إنها طريقة للوقاية من نار جهنم لا دليل عليه، واستدلوا بحديث ضعيف: "الحواميمُ سبعٌ، وأبوابُ جهنمَ سبعٌ، تجيءُ كلُّ حم منها تقفُ على بابٍ من هذه الأبواب، فتقولُ: اللَّهمَّ لا تُدْخِلْ من هذا البابِ من كان يُؤمنُ بي ويقرؤني" فهو حديث ضعيف لا يُستدل به.[٥][٤]

إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ

يَخشى فرعون أن يُضِلّ موسى الناس عن دينهم، وها هو فِرعون عاجز أمام الحق فيقول عن موسى: {إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}[٦] فأين ألوهيته في قوله تعالى: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ}[٧]هكذا تظهر عبارة الطواغيت وحُجتهم الفاسدة أمام جمال الإسلام وشفافيته، إنها الكلمة التي يستثير بها الطواغيت شعوبهم المسكينة المغلوبة على أمرها، قصة صورها الله للعباد حتى تكون تحذير وإعلان حقيقة المعركة ونهاية المطاف، أما موسى -عليه السلام- فالتجأ إلى رب العالمين، ولاذ بحمى الله مجير المستجيرين، فكان تأييد الله ختام قصته، والله غالب على أمره والعاقبة للمتقين، قال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[٨]ونهاية فرعون فيقوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ}.[٩][١٠]

غافر الذنب وقابل التوب

مقاصد سورة غافر لم تقتصر فقط على ما تمّ ذكره سابقًا، بل تشير السورة إلى أن الذنوب من أمراض القلوب وأصل العافية التوبة، يقول تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }[١١]والتوبة أن يقف العبد أمام ربه التواب، مُنكسر القلب خاشع الجوارح، ولسان حاله ومقاله يقول: ليس لي رب سواك يقبل توبتي، فاغفر لي يا رب العالمين وارحمني، لأن الله يحب التوابين ويحب المستغفرين، فالله يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل، وليست التوبة لأصحاب الفواحش والمنكرات فقط، بل هي لكل مؤمن، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}[١٢]وعنِ ابنِ عمرَ قالَ: إن كنَّا لنعدُّ لرسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- في المَجلِسِ الواحدِ مائةَ مرَّةٍ: "ربِّ اغفر لي، وتُب عليَّ، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ".[١٣][١٠]

المراجع

  1. سورة غافر، آية: 3.
  2. ^ أ ب ت " مقاصد سورة غافر"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-07-07. بتصرّف.
  3. رواه الألباني ، في ضعيف أبي داود، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1399، ضعيف.
  4. ^ أ ب "طريقة مبتدعة في قراءة أوائل السور التي تبدأ بـ ( حم ) . "، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2019-07-07. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في السلسلة الضعيفة ، عن الخليل بن مرة ، الصفحة أو الرقم: 6183 ، ضعيف.
  6. سورة غافر، آية: 26.
  7. سورة الزخرف، آية: 51.
  8. سورة القصص، آية: 82.
  9. سورة القصص، آية: 41.
  10. ^ أ ب "صار فرعون واعِظـا "، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-07-07. بتصرّف.
  11. سورة الحجر، آية: 49.
  12. سورة التحريم، آية: 8.
  13. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1516، صحيح.
4724 مشاهدة
للأعلى للسفل
×