كورونا مرض العصر
يسعدني اليوم في هذا الصباح المشرق بأنوار الحاضرين، والقادمين إلى جنة من جنات العلم أن أُقدِم لكم إذاعة اليوم عن وباء دخل عالمنا، وغيّر كثيرًا من أساليب حياتنا، وعلّمنا دروسًا مهمة في الوقاية والسلامة، وهو مرض كوفيد تسعة عشر، المعروف بكورونا.
هذا المرض الذي ظهر في بدايته في الصين، ما لبث إلا وأن انتشر في كافة أنحاء العالم، حاملاً معه الخوف والرعب، فكم من دولة أغلقت مختلف قطاعاتها خوفًا منه، وكم من مستشفى عانى الضغط، بسبب كثرة المصابين به.
كورونا وأثره على الإنسان
هذا المرض انتشر في بلادنا كحال كل بلاد العالم، فأصاب الكثيرين، وأشعرهم بأهمية نعمة الصحة على الإنسان، فكانت أنفاسهم تضيق، وكان الهواء المجاني الذي لا نلقي له بالاً عزيزًا ممتنعًا عنهم، فكم من مريض تمنّى النعمة التي نحن فيها.
نحن نستنشق هذا الهواء المنعش، بلا قيد ولا ضيق ولا ألم، وكم منا من لا يقدر نعمة العافية، ونراه مستهترًا لا يتقيد بقواعد السلامة الصحية، فالإنسان لو أصيب بهذا المرض شعر بسعال شديد، وضيق في التنفس، وحرارة عالية، فالمرض لا مزاح فيه، وأعراضه إن بدت في بدايته خفيفة، إلا أنها خطيرة.
نعمة الصحة
إنه لنعمة كبرى أن يكون الإنسان صحيح البدن، سليمًا معافى بين أهله وأصحابه، يعيش أوقاته بلا أجهزة تعد عليه أنفاسه، أو أدوية تستهلك صحته وقوته، فهذا المرض الخبيث، الذي ينتشر مثل النار في الهشيم، لا يوقفه ولا يصده إلا الأخذ بأسباب السلامة، من لبس لواقي الوجه (الكمامة)، واستعمال المعقّم، والتباعد الاجتماعي.
لا ننسى أن على كل فرد منا أن يكون صاحب حسٍّ بالمسؤولية تجاه نفسه وأهله، ومجتمعه، فلو شعر بعرَضٍ من أعراض المرض، بادر لعزل نفسه، وعمل على إجراء فحص للتأكد من سلامته.
أثر كورونا على أسلوب حياتنا
لا ريب أن هذا المرض قد أثّر بشكل واضح على تفاصيل حياتنا، فقد ألزمنا، باشتراطات صحية مهمة، وأنشأ بين الناس حواجز لم تكن موجودة، فقد قلل الاختلاط الاجتماعي، وخفف من عادة سلام الأيدي والتقبيل، وجعل حدودًا في علاقات الأشخاص، فأصبحت العديد من لقاءاتنا تُقام عبر وسائل الاتصال المرئي والمسموع.
لم يعد التواصل المباشر إلا للضرورة، فقد حل مكانه هذه التقنيات والوسائل، التي لها سلبياتها وإيجابياتها، ولا ننسى أن هذا الوباء دفعنا إلى ابتكار فكرة التعليم عن بعد، الذي صار جزءًا من حياتنا التعليمية في المدارس والجامعات.
بالإضافة إلى أنّ هذا المرض جعلنا ندرك أهمية الصحة، وأن الإنسان مهما توفر له من ممكنات الحياة، وأسباب السعادة لن تكون ذات نفع دونها، فلنكن على قدر عالٍ من المسؤولية، ونأخذ موضوع هذا المرض بجديّة، حتى لا نخسر أحدًا من أحبائنا، أو نخسر متعة التعلم في مدارسنا، ورؤية بعضنا، واللعب والتمشي في الهواء الطلق.