مقدمة عن الأدب العربي

كتابة:
مقدمة عن الأدب العربي

مفهوم الأدب العربي

كيف تطور مصطلح الأدب عبر التاريخ؟

لقد تطورت دلالات لفظة الأدب عبر العصور فلمّا استعملها العرب الأوائل في الجاهليّة كانت تدل على معنى الدعوة إلى المأدبة، ثم تطورت في أواخر الجاهلية والإسلام لتدل على معنى الخُلُق الحسن والنبيل، ثم أطلقت بعد ذلك لفظة أدب للدلالة على تعليم المرء للأخلاق الحسنة الفاضلة، أمّا في القرن التّاسع فاختلفت دلالتها لتُستعمل على جملةٍ من العلوم والفنون والرياضة، ولمَّا صار القرن الثاني العشر صارت تدلّ كلمة الأدب على الشعر والنثر وما يتّصل بهما من العلوم الأخرى كالعروض والنحو وما إلى ذلك، أمّا اليوم فصارت تدلّ لفظة الأدب على فن الكتابة بأنواعه.[١]


بذلك يكون الأدب العربي هو مأثور الشعر البليغ والأدب الجميل الذي يؤثر في النفس الإنسانيّة فيؤججها ويُثير عواطفها ويصل بها إلى منتهى الجمال وغايته، وما يتصل بكل ذلك ممّا يعين على فهمهم وتذوقهم ونقدهم سواء ما كان من لغة وأنساب وأخبار ونحو مما يُعين على فهم الأدب وتذوقه مثل الإلمام ببعض أطراف الفلسفة والعقائد والنحل والفلك، وغيرها من العلوم التي تُساعد الأديب والناقد على إتمام عمله.[٢]


تاريخ الأدب العربي

كيف كانت رحلة الأدب العربي عبر التاريخ؟ لقد قسّم الأدباء والمؤرخون تاريخ الأدب العربي إلى عدة مراحل:

العهد الجاهلي

أولها المرحلة الجاهليَّة أو العهد الجاهلي الذي كان من عام 475 للميلاد إلى عام 622 للميلاد أي: منذ القرن الخامس الميلادي وحتى ظهور الإسلام، وقد كان في هذه الحقبة العديد من الشعراء والأدباء ولكن لم يصل منهم شيءٌ كبير وخاصة بالنسبة للنثر إذ لم يصل منه إلا بعض الأمثال والخطب القصيرة، ولم تسلم تلك الحقبة التاريخية من بعض النحل والتغيير والتزوير، وقد كانت للبيئة أثر عال في إخراج ذلك الشعر فالصور الأدبية التي تجلّت في الشعر كانت من نتاج ما يراه الشاعر في واقعه، ومن أهم ما وصل منه المعلقات التي جمعها حمّاد الراوية.[٣]


العهد الراشدي والأموي

قد مثّل ذلك العهد نهضة أولى في الأدب العربي وكان من عام 622 ميلادي إلى عام 750 ميلادي، وقد كانت للانقلابات الحياتية في هذه الحقبة أثر عالٍ في تشكيل القصيدة الجديدة، فقد بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم تلاه الخلفاء الراشدون والبيت الأموي فخرج العرب من الجزيرة وبدأ احتكاكهم مع غيرهم من الأمم، وتأثرت لغة العرب وعلت بالقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.[٤]



فصارت هناك ألفاظ جديدة تحمل دلالات لم يعهدوها، والتزم الشعر منحى آخر في بداية الدعوة فصار للدفاع عن الإسلام، وأشهر مَن قام على ذلك حسان بن ثابت، ثمّ مال في العهد الأموي إلى منحى آخر فصار لإذاعة الأخبار وتأييد بعض الأحزاب السياسية، وظهر أيضًا في اللهو والغناء والطرب ومن بين أولئك الشعراء عمر بن ربيعة.[٤]


العهد العباسي

وقد كان ذلك العهد من عام 750 لعام 1258 ميلادي، امتزجت العديد من الثقافات في ذلك العهد، إذ قام الحكم العباسي على أكتاف الفرس خاصة والشعوب الأخرى عامة، وقد شاعت في تلك الحقبة الراحة المادية والترف الثقافي فامتزجت الثقافة العربية باليونانية وقد ظهرت ألوان أخرى للشعر في هذا العهد فضعف الشعر السياسي والحماسي وظهر الشعر الصوفي والقصصي وكذلك التعليمي والتهكمي والخمري وغير ذلك، وبرز النثر العباسي على شكل مقالات ومناظرات وقصص ومقامات وغيرها، وأشهر من قام على ذلك الأدب ابن المقفع وبشار بن برد وأبو نواس والبحتري والجاحظ وغيرهم.[٥]


العهد التركي

امتد ذلك العهد من عام 1258 ميلادي إلى عام 1798 ميلادي، كان هذا العصر هو عصر الانحطاط في الأدب، إذ يُقسم إلى قسمين العصر المغولي حين استولى هولاكو على بدا والعصر العثماني حين انتصر سليم الفاتح، وقد أغرق هذا الشعراء في التنميق اللفظي والكلامي حتى أضروا بالمعاني، وقد دخلت بعض الألفاظ العامية إلى ذلك الشعر ودخلت أيضًا بعض الأوزان الشعبية، ومن أشهر أدباء تلك المرحلة ابن الوردي والبوصيري وهو صاحب البردة وابن حجة الحموي والورّاق وصفي الدين الحلي.[٦]


عهد النهضة

يمتد عهد النهضة من أواخر القرن الثامن عشر وحتى هذا اليوم، إذ بعد الحروب الصليبية انطوى أهل الشرق على أنفسهم انطواءً كاد أن يكون كاملًا، وكان الغرب قد بدؤوا بوضع قواعد علومهم وفنونهم وأساسات تقدمهم على غيرهم ولم يصل للشرق أي شيءٍ منها، فكان الشعر لا يعدو نوعًا من أنواع التسلية لشعوب أنهكتها العازة واجتاحها الفقر فتقدمت بعض البلدان وتجرأت على الاحتكاك بالغرب، فكان أول من فعل ذلك مصر ولبنان.[٧]


فظهرت النهضة عن طريق العديد من العوامل من بينها المدارس والصحف وحملات الاستشراق وغيرها، فبدأ الشعر بتقليد بعض الأساليب القديمة ومن ثم بدأ الإبداع يرى طريقه نحو القصيدة العربية والأدب العربي بأكمله، وعاد النثر العربي إلى أشده، فكان جبران خليل جبران ومصطفى المنفلوطي ومصطفى كامل وأديب إسحاق.[٧]



لقراءة المزيد، انظر هنا: تاريخ الأدب العربي.


مدارس الأدب العربي

من أين استقى العرب فكرة المدارس الأدبية؟

تنوعت المدارس الأدبية بعد عصر النهضة فانقسمت إلى عدة مدارس ومن بين ذلك:

المدرسة الكلاسيكية

ظهرت في أواخر القرن لتّاسع عشر وأوائل العشرين، وقد ساعد على ظهورها العديد من العوامل من أهمها الالتقاء بالغرب وظهور تيارات فكرية جديدة مثل الإصلاحية، وأهم ما تدعو إليه الحفاظ على وحدة الموضوع والوزن والبيت، ومن أشهر روّادها: محمود سامي البارودي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم.[٨]


المدرسة الرومانسية

وقد اشتُق اسم المدرسة من لفظة رومانيوس، وقد ساعد على ظهور تلك المدرسة العديد من العوامل مثل: الرغبة في التعبير عن الذات والألم النفسي والحرمان، ورفضهم للمنهج التقليدي في المدرسة الكلاسيكية، ومن أشهر روادها: أبو القاسم الشابي وخليل مطران وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وعباس محمود العقاد.[٨]


مدرسة الشعر الجديد

ظهرت هذه المدرسة على أعقاب المدرسة الرومانسية، وقد دعت إلى التركيز على الموسيقى الداخلية والتحرر من القافية، وكانت نازك الملائكة أول من ينشر قصيدة بالاستناد إلى ذلك وهي قصيدة الكوليرا، ومن ثم تلاها بدر شاكر السياب وأيضًا محمود درويش وصلاح عبد الصبور، ومن أهم ما دعوا إليه أنّ الشعر هو وسيلة للتعبير عن الواقع.[٨]


مدرسة أدب المهجر

تشكلت مدرسة أدب المهجر من قبل الأشخاص الذين هاجروا من بلاد الشام إلى الأمريكيتين، وقد كوّنوا بين بعضهم جاليات عربية وأخرجوا العدد من الصحف والمجلات التي تهتم بأمورهم، ومن أشهر رواد تلك المدرسة: أمين الريحاني وفوزي المعلوف وميخائيل نعيمة وغيرهم، وقد كانت تلك المدرسة إنسانية روحية تتجه إلى الطبيعة وتحكي عن الوطن والحنين إليه.[٨]



لقراءة المزيد، انظر هنا: المدارس الأدبية وخصائصها.


أعلام الأدب العربي

مَن أبرز المؤثرين في تاريخ الأدب؟

برز عدد من أعلام الأدب العربي الذين كانت لهم قدرة على التأثير في مسار اللغة، ومن بينهم:

  • بديع الزمان الهمذاني: هو أحمد بن الحسين بن يحيى الهمذاني، وقد استطاع أن يُقدّم نمطًا خاصًّا من الإنشاء عُرفت باسم المقامات، واكتسب شهرته العظيمة بعد أن ناظر أبا بكر الخوارزمي وهزمه، توفي في منطقة يُقال لها الهراة ولم يتجاوز بعد الأربعين عامًا من عمره.[٩]


  • البوصيري: محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري ويُلقب بأبي عبد الله، تعود أصوله لى المغرب العربي بينما وُلد في مصر، وقد عُرف بطريقته الشاذلية واشتُهر بسبب البردة التي مدح فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد توفي عام 696 للهجرة.[١٠]
  • الجاحظ: عمرو بن بحر بن محبوب لقب بأبي عثمان، وُلد سنة 150 للهجرة وتوفي سنة 255 هجري، استقى النحو من أستاذه الأخفش وأخذ الكلام عن رجل يُقال له النظام، وكان شديد القراءة غزير العلم له باعٌ طويل في الأدب العربي.[١١]


كتب الأدب العربي 

ما هي الكتب التي ذاع صيتها في تاريخ الأدب؟

إنّ مسيرة اللغة العربية منذ الأزل وحتى الآن قد أسفرت عن كثيرٍ من الكتب القيمة ومن بينها:

  • الكامل في اللغة والأدب: لقد ألف ذلك الكتاب محمد بن يزيد المبرد الذي توفي عام 285 هجري، ولم يتم الوقوف على سنة تأليف الكتاب، ويبحث ذلك الكتاب في علوم اللغة وآدابها، وقد حوى الكتاب عددًا من النصوص التي تضم أشهر ما قاله العرب قديمًا سواء في الشعر أم في النثر.[١٢]


  • الأمالي: وقد ألّف ذلك الكتاب أبو علي القالي ولم يتم الوقوف على سنة التأليف، وهو واحدٌ من أهمّ الكتب التي حوت في متونها روائع متنوعة من أشعار العرب والقصص المشهورة والأمثال العربية المتنوعة والمتداولة.[١٣]
  • أدب الكاتب: واحدٌ من أهم الكتب العظيمة وقد ألفه ابن قتيبة وقد طُبع أول مرة عام 1963 ميلادي، وقد نصح في هذا الكتاب ابن خلدون في مقدمته، واختصّ هذا الكتاب في ضبط المفردات والألفاظ وتقويم اللسان العربي.[١٤]


أهمية الأدب العربي

من أين استقى الأدب العربي قيمته؟

تبرز أهمية الأدب العربي من خلال:[٣]

  • تجاوز الواقع: إنَّ الأدب العربي يُسهم بشكل كبير بنقل الإنسان من حيّز الواقع الذي يعيش فيه إلى تجارب الآخرين، وذلك من خلال قراءة النماذج التي تمخضت عنها تجارب الأدباء الأقدمين.


  • عكس الثقافة الآنية: إنّ القارئ الذي يقف على أدب الحقبة العباسية ستنعكس لديه صورة حقيقية عن العادات السائدة في ذلك المجتمع، وماذا استطاعت تلك الفترة أن تضيف إلى غيرها.
  • إلقاء نظرة على أوجه الحياة: قد لا يتمكن الإنسان من خلال تجربته القصيرة الوقوف على أوجه الحياة المختلفة ومعاينة مختلف الطبقات الاجتماعية، لكن عند قراءة النصوص الأدبية التي أنتجها أكثر من أديب بمختلف طبقاتهم سيستطيع الوقوف عند ذلك.


المراجع

  1. حنا الفاخوري، كتاب تاريخ الأدب العربي، صفحة 38. بتصرّف.
  2. جامعة أم القرى، مدخل لدراسة الأدب، صفحة 10. بتصرّف.
  3. ^ أ ب حنا الفاخوري، كتاب تاريخ الأدب العربي، صفحة 55. بتصرّف.
  4. ^ أ ب حنا الفاخوري، تاريخ الأدب العربي، صفحة 215. بتصرّف.
  5. حنا الفاخوري، تاريخ الأدب العربي، صفحة 353. بتصرّف.
  6. حنا الفاخوري، تاريخ الأدب العربي، صفحة 870. بتصرّف.
  7. ^ أ ب حنا الفاخوري، كتاب تاريخ الأدب العربي، صفحة 938. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت ث بحث منشور على الإنترنت، المدارس الأدبية، صفحة 1. بتصرّف.
  9. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة التاريخية، صفحة 269. بتصرّف.
  10. علوي السقاف، كتاب قراءة في بردة البوصيري وشعره، صفحة 3. بتصرّف.
  11. ياقوت الحموي، معجم الأدباء، صفحة 2101. بتصرّف.
  12. المبرد، الكامل في اللغة والأدب، صفحة 2. بتصرّف.
  13. إسماعيل بن القاسم القالي، الأمالي، صفحة 2. بتصرّف.
  14. عبد الله بن مسلم بن قتيبة، أدب الكاتب، صفحة 2. بتصرّف.
6746 مشاهدة
للأعلى للسفل
×