مقدمة عن الصدق والكذب
عند كتابة مقدمة عن الصدق والكذب فإنه سيتم الحديث عن صفتين متضادّتين لا تتوفّرانِ في الغالب في شخص واحد، فالصدق يعني أن يقول الإنسان الحقيقة مهما كلَّف الأمر دون زيادة أو نقصان، فلا يذكُرُ الحقيقةَ بشكل جزئيّ فيحجب الحقّ أو يضلّله، ولا يُغالي في ذكر الحقيقة فيزيد عليها بأشياء لم تكن فيها، أمّا الكذب فهو صفة متضادّة مع الصدق تمامًا، وتعني أن يبتعد الإنسان عن قول الحقيقة كما جاءت، فيزيّفها بالزيادة عليها أو النقصان منها، أو يأتي على ذكر أمور غير صحيحة لم ترد مُطلقًا بقصد كسب ثقة الآخرين أو ودِّهم.
وتعدّ صفة الصدق من الصفات التي يجب على الإنسان أن يجعلها سلوكًا حياتيًّا، فيكون صادقًا في جميع الأقوال التي تصدر عنه، كما يجب عليه أن يكون صادقًا في أفعاله، فلا يتعارض القول والفعل، ولصفة الصدق الأثر الكبير على محيط الإنسان التي يحملها، حيث يكسب محبة الناس، كما أنه يحظى بثقة الناس من حوله، أما الكذاب فهو يُنفِّرُ الناس منه، وتكون ثقة الآخرين به مهزوزة، فيصبح كل قول يصدر منه موضع شكٍّ بالنسبة للناس؛ لأن ما سبق هذا القول كان مما جال في دائرة الكذب، فأنَّى له أن يكون من الصادقين بعد ذلك.
وعند كتابة مقدمة عن الصدق والكذب لا بُدَّ من بيان موقف الشريعة الإسلامية العظيمة من هاتين الصفتين، حيث حثَّ الدين الإسلامي على الصدق وأمر به من خلال الإتيان على ذكره في العديد من آيات كتاب الله تعالى، كما جاءت السنة النبوية المُطهَّرة لتؤكد على أن هذه الصفات من أهم الصفات التي يتميز بها المؤمنون عن غيرهم، فالصدق من أهم صفات المؤمنين التي يحبها الله تعالى، كما حذرت شريعة الإسلام من الكذب الذي يهدي إلى الفجور، والذي يهدي بدوره إلى النار، وكان لصدق الصحابة -رضوان الله عليهم- الدور الأبرز في نقل القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة، فقل نقلها جمع عن جمع يُؤمَن اجتماعهم على الكذب فيما ورد من آيات أو أحاديث.
وفي ختام كتابة مقدمة عن الصدق والكذب لا بُدَّ من أهمية أن يحرص الإنسان على امتثال الصدق فيما يصدر عنه من الأقوال أو الأفعال، وأن يتحرَّى الإنسان الصادقين، ويتخذهم خلِّانًا، وأن يبتعد عن الكذب وأهله، لأنه يقود إلى التهلكة، فالكذبة الصغيرة تجر صاحبها إلى كذبة أكبر منها، ويظل في هذه الطريق حتى يصبح الكذب نهج حياته، وعلى الآباء كذلك أن يحرصوا على غرس الصدق في أبنائهم، فلا تكون تصرفاتهم موحية بالكذب خاصة عند التعامل مع الأطفال، كأن توهم الأم طفلها بأنها ستعطيه شيئًا إن جاء إليها أو استجاب لها في أمر ما، فحين يُنفِّذُ ما طلبت منه لا تعطيه شيئًا، فهذه رسالة مبطَّنة بالكذب لا يُحمَد عقباها.