مقدمة عن بر الوالدين لإذاعة المدرسة
إنّبرّ الوالدين من أعظم النّعم التي يهبها الله عزّ وجلّ للإنسان، فهي سببُ لدخول الجنّة، وقد أمرت الشّريعة الإسلاميّة بطاعة الوالدين، فقال تعالى:{وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا}[١]
فقد قرن الله عزّوجلّ طاعته ببرّ الوالدين، فمن أطاع الوالدان فقد أطاع الله، ومن عصاهما فقد عصى الله، وهذا يدُل على عظيم أجر برّ الوالدين، وحَذّرت أشدّ التّحذير من عقوقها وجعل عقوقها منأكبر الكبائر، فقد جاء أعرابيٌّ إلى النبيّ-صلى الله عليه وسلّم- فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما الكَبائِرُ؟ قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: اليَمِينُ الغَمُوسُ قُلتُ: وما اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قالَ: الذي يَقْتَطِعُ مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، هو فيها كاذِبٌ"[٢]
فالأب هو الظّهر الذي يمتطيه الإنسان ليعبُر من خلاله كلّ الصّعُوبات التي تُواجهه طِوال حياته، والأم هي الدِّفء الذي يحمي المرء من بُرودة المواقف، فهما مصدر الحنان، وأصل كلّ أمانٍ، ولولاهما بعد الله عزّ وجلّ ما استشعر الإنسان أنّ لحياته قيمةً، ويجب على المرء أن يُطيعها في كلّ ما أمراه به، وألّا يُخالف لهما أمرًا إلا إذا كان هذا الأمر مخالفًا لكتاب الله ولسُنّته، فإنه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.
كما أن الوالدين هما الطريقان اللذان يصلان بالمرء إلى جنّات النّعيم بفضل الله ربّ العالمين، ولا يتوقّف برّ الوالدين على حياتهما، بل يتعدّاه إلى بعد مماتهما، وبرّ الوالدين بعد مماتهما أفضل أجرًا، فالبرّ في حياتهما قد يكون لأجل منفعةٍ دُنيويّة، أو لأجل الثّناء والمدح، أو رياءً أمام النّاس، وأما البرّ بعد الممات يكون صادقًا؛ لأنه لا منفعة من خلاله، كما أنّ الوالدين أشدّ احتياجًا لمن يدعو لهما بعد مماتهما، وخاصّة من أبنائهما، فعمل المُتوفّى لا ينقطع إذا كان له ولدٌ صالحُ يعود لهما بعد مماتهما، وإذا أراد المرء أن يُعوّض والديْه بما فعلاه له لن يستطيع.
فالأم هي التي حملته في بطنها تسعة أشهرٍ، وتحمّلت الآلام والأحزان لأجله، وفرحت لفرحه وحزنت لحُزنه، وسهرت الليالي لأجل راحته، وضحّت بكل ما لديها؛ لأجل أن يعيش أبناؤها حياةً كريمةً، وكذلك الأب تحمّل مشاقّ الحياة حتى يحيا أبناؤه في سعادةٍ وطمأنينةٍ وراحةٍ وسعادةٍ، وحرم نفسه مما تشتهيها؛ لأجل أن يحصُل أبناؤها على ما يشتهون، ولو أيقن المرء ما لوالديه عليه من فضلٍ ما ترك طاعتهما.
يجب على كلّ شخص أن يُطيع والداه حقّ الطّاعة، ولا ينحرف عن طاعتهما مثقال ذرّة إذا أراد التّوفيق في حياته، وأراد أن يُوسّع له في رزقه، ويفوز بالدُّنيا والآخرة، أما من ترك برّهما؛ فقد خسر الدُّنيا والآخرة، وذلك هو الخُسران المُبين.[٣]