الصداقة بهجة الحياة
الصداقة بهجة من مباهج الحياة، ونورٌ في عتمة الدرب، فهي منبع الوفاء والإخلاص، والمحبّة، وهي السبب في جَعْل الحياة أكثر جمالًا واحتمالًا، وهي الروح النابضة بالحياة.
وهي التي تجعل الإنسان في أفضل حالاته، لأنّ الحياة دون صداقة تبدو مُملة وحزينة خالية من مظاهر الفرح، ويسكنها الكثير من الوحشة، أمّا الصداقة فهي ممحاة الملل والهم، وهي مُولّدة للسعادة والتفاؤل.
الصداقة بكلّ ما فيها من ذكريات رائعة تجعل روح الإنسان تُحلّق في عالمٍ جميلٍ يمتلئ بالثقة العالية بالنفس، لأنّ الصديق سندٌ وأمان لصديقه، خاصّة إذا صان معنى الصداقة وأدّاها حقّها.
لهذا لا يُمكن للصداقة إلّا أن تكون نبعًا للحب والإخلاص، ومن يَنَم في حُضن الصداقة لا يشعر بالفزع أبدًا، بل يرى أحلامًا ورديّة مُطرّزة بالورود ومرشوشة بالعطر، ليصحو على واقعٍ أجمل.
الصداقة فرحة القلب
الصداقة بكلّ ما فيها من تجلّيات تجعل الإنسان يشعر أنه مُحاطٌ بإخوةٍ أعزّاء لا تربطهم رابطة الدم، وإنّما تربطهم رابطة المحبّة الصادقة المليئة بالإيثار والتواضع والحبّ العظيم.
فالصداقة حين تهبط على القلب يُصبح هذا القلب محظوظًا، لأنُه ضمن قلوب تقف بقربه في أفراحه وأحزانه، فالأصدقاء ورودٌ مزروعة في القلب والروح، ومرآةٌ لكلّ معاني السعادة الخالصة.
من أراد أن يلمس النجوم بيديه ويركض بين الكواكب فما عليه إلّا أن يفتح ذراعيه وقلبه للصداقة، ويُطوّقها جيدًا ويفرح بها ويعيش جميع تفاصيلها، فالصداقة الحقيقة تدوم إلى الأبد، ولا تتغيّر بالمواقف ولا الظروف، ولا تتغيّر دروبها.
والصداقة الحقيقية تجعل القلب يزهو فرحًا بما وصل إليه، فليس هناك أجمل من أن يكون في العالم أخوة وأصدقاء يغمرونك بالحبّ دون أيّ مصلحة، الصداقة مرآةٌ للقلوب ومُلهمةٌ للعقول.
ومهما قال فيها الشعراء من كلماتٍ وحروفٍ ستظلّ معاني الصداقة الحقيقية وصورتها الجميلة عصيّة على الوصف، خالية من أيّ تكلُّف أو كلماتٍ فيها تصنُّع، فالصداقة بحدّ ذاتها كالجبل الصّامد في وجه كلّ من يحاول أن يُقلّل من شأنها.
عظمة الصداقة
من عظمة الصداقة أنها تزرع الثقة بالنفس، وتُزيل الخوف من القلب، فالرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يكُن له أخوة من أم وأب، وكان مُكتفيًا بصديقه أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- الذي رافقه في دعوته، فيا له من نموذجٍ عظيم يزيد الصداقة شرفًا وكرامةً.
الصداقة إن لم تكُن مَبنية على أساسٍ صحيحٍ مليء بالنقاء فلا خير فيها أبدًا، كما أنّ الصداقة كنزٌ لا يُقدّر بثمن، فالصداقة شجرة ظليلة مُثمرة، تمنح أطيب الثمار، وتفوح أغصانها بالعطر، وينام الأصدقاء تحت ظلّها آمنين.
الأصدقاء الذين يصونون معنى الصداقة هم جنود القلب الذين يحفظون له غَيبته وحضوره، ويُدافعون عنه كأنّهم جيشٌ عظيم يحمل سلاح المحبة، والوفاء، والإرادة بأن تدوم الصداقة دومًا مثل النخلة المُثمرة التي تطرح ثمرها على القلوب التي عرفت معنى الحب في الله، وها هي أجمل معاني الصداقة وألطفها وأكثرها صمودًا.