العُمرة عبادة عظيمة
العمرة عبادة عظيمة تمنح النفس الراحة والسكينة والروحانية الكبيرة، وفيها تجديدٌ للإيمان وارتواءٌ للقلب ونورٌ للعيون؛ إذ إنّ مجرد اكتحال العيون برؤية الكعبة المشرفة والطواف حولها يجعل الروح تحلق في سماء الفرح وتبتهج بالعفو والمغفرة من الله تعالى.
والعمرة كفارة للذنوب وتُرضي الله تعالى وتزيد من الحسنات، وهي ممحاة السيئات ونبعٌ من منابع الفرح التي تجعل القلب متعلقًا بالطواف والسعي ما بين الصفا والمروة.
العمرة تُعلّم الإنسان الكثير من العبر والقصص، وتجعله يغوص في عالمٍ من الروحانيات، فيستشعر قربه من الله تعالى، خاصةً وهو يُفكر في كل خطوة قام فيها أثناء العمرة، فالطواف يُعلم المؤمن الكثير، ويجعله يلهج بالدعوات المستجابة، فهو في أطهر بقاع الأرض وبين يدي الله.
كما في السعي ما بين الصفا والمروة يُفكر في قصة ماء زمزم عندما تفجر رحمة من الله تعالى لترتوي به هاجر زوجة إبراهيم -عليه السلام- وابنها إسماعيل.
العمرة عبادة في كلّ وقت
الرائع في العمرة أنّها متاحة في أيّ وقت، وغير مرتبطة بموسم عبادة معين، لهذا فإنّها فرصة عظيمة كي يسعى إليها كل طالب رحمة من الله، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، وهذه منحة ربانية من الله تعالى كي يكون المؤمن دومًا نقيًا من الذنوب والخطايا، وساعيًا للجنة، فالجنة مهرها غالٍ.
الأعظم من هذا هو أنّ أجر العمرة في شهر رمضان المبارك يعدل أجر حجة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فأيّ رحمة هذه وأيّ عطاء، والعمرة عبادة تُجدد الشغف نحو العبادة، كما لو أنّها جرعة عظيمة من الحماس الإيماني الذي يحتاجه كلّ مسلم.
هي مانعة من ارتكاب الفواحش والمنكرات والمعاضي؛ لأنّها تجعل العبد تقيًا نقيًا طالبًا لرحمة ربه، لا يكترث للغيبة والنميمة، ولا يهتم بصغائر الأمور، فالعمرة تغمر القلب بشعورٍ عظيم؛ إذ يكون من يُؤديها متبعًا لسنة النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- الذي بدأ دعوته من تلك الرحاب الطاهرة في مكة المكرمة.
العُمرة إحياءٌ للقلب
العمرة تُساعد العبد المسلم على أن يفهم سيرة الدعوة بشكلٍ أفضل، وهو يرى المعالم التي بدأت فيها، فتتأثر روحه بكلّ ما يرى، فالعمرة تزرع في القلب الأمل والفرح والإيمان كما تُزرع الأرض الخصبة بالأشجار، فتغرس جذورها الطيبة في الأعماق، وتعلو وتثمر.
وهذا أعظم ما يُمكن أن يتحصل عليه كل مسلمٍ قصد الحرم المكي كي يرتدي ملابس الإحرام ويُؤدي هذه العبادة كما لو أنّه عطرٌ يفوح في الأرجاء.
الذهاب إلى العمرة يحتاج إلى إعدادٍ روحاني كبير، ويحتاج إلى أن يكون المسلم عازمًا على أن يكتسب الحسنات ويُصلي قدر ما يستطيع في الحرم المكي فتعلو مرتبته في الجنة، فالعمرة سلمٌ نحو الجنان، وبذرة للخير يزرعها المسلم في دربه، وحصنٌ حصين من كلّ أذى، فهي مصدرٌ من مصادر الأمان والطمأنينة التي تجعل العبد يتسامى فوق كل ما يشعر به من هموم.