مقومات الدولة وعناصر تكوينها

كتابة:
مقومات الدولة وعناصر تكوينها


ما هي الدولة؟

وفقًا للفيلسوف والمفكر الإنجليزي جون لوك (1632-1704 م)؛ فإنّ الدولة (بالإنجليزية: State) هي العقد الاجتماعي الذي يتفق الأفراد فيه على عدم التعدي على الحقوق الطبيعية لبعضهم (الحق في الحياة والحرية والملكية).[١]


أمّا الدولة بالمفهوم الحديث فهي أحد أشكال الارتباط البشري الذي يهدف إلى إقامة النظام والأمن في أرض أو منطقة معينة بحدود جغرافية معروفة، وفرض السيادة فيها، ومن أوجه تعريف الدولة أيضًا اتفاق الشعب على الوسائل التي سيتم من خلالها حل النزاعات وسن القوانين، ويُشار إلى أنّ مفهوم الدولة في بعض البلدان كالولايات المتحدة، وأستراليا، ونيجيريا، والمكسيك والبرازيل يُشير إليها كدول لا تملك السيادة لكنّها تخضع للاتحاد الفدرالي.[١]


الدولة هي ارتباط مجموعة من الأفراد في أرض ونظام معينين، وتتولى الدولة مسؤولية فرض النظام ومنحهم حقوقهم.


ما هي مقومات الدولة وعناصر تكوينها؟

مقومات الدولة أو عناصر تكوين الدولة (بالإنجليزية: Elements of the State) هي المؤهلات أو الشروط التي يجب أن تمتلكها الدولة على اعتبارها شخصية خاضعة للقانون الدولي[٢]، وفيما يأتي أركان الدولة الأربعة الرئيسية:


الأرض

الأرض (بالإنجليزية: Rerritory) هي المنطقة التي تمارس عليها الدولة سيطرتها، والتي تفصلها عن الدول الأخرى المجاورة، ويُشار إلى أنّ تباين حجم الدول أمر طبيعي ولا يؤثر على وجودها؛ فروسيا مثلًا تقع على مساحة 17 مليون كيلومتر مربع، وبالمقابل تقع دولة موناكو على مساحة 2 كيلومتر مربع فقط، ورغم أنّ وجود الأرض من عناصر تكوين الدولة الرئيسية، إلّا أنّ النزاع على حدودها أيضًا لا يؤثر على وجود الدولة؛ فتعتبر كل من الهند والباكستان دولتين رغم وجود نزاعات إقليمية بينهما على منطقة كشمير[٣].


كما أنّ الأرض المهددة بالاحتلال أو الغزو من قبل الأعداء لا يمنع وجود دولة، بالمقابل، فإنّ الدول التي تنتج عن الحروب الأهلية، يتوجب على الجماعات المتمردة إظهار سيطرتها على الأرض الجديدة بطريقةٍ معينة قبل المطالبة باعتبار تلك الأرض دولة مستقلة[٣].


الشعب 

الشعب أو السكان (بالإنجليزية: Population)، هو العنصر الثاني من عناصر تكوين الدولة، ويُشير إلى الأشخاص الذين يرتبطون بجزء معين من الأرض على وجه الدوام، أي يجب أن يكون السكان مستقرين بما يكفي لاعتبارهم شعبًا لدولة، ووفقًا لأحد قرارات محكمة العدل الدولية فيما يتعلق بالصحراء الغربية؛ فقد أكّد على اعتبار القبائل البدوية مؤهلةً لتكون دولة؛ نظرًا لامتلاكها صلات بإقليم معين، ويُشار إلى أنّه لا يشترط في السكان أن يكونوا سكانًا أصليين، فضلًا عن أنّ التماسك الاجتماعي والثقافي ليسا مطلوبين بشكلٍ واضح، ووفقًا لما هو شائع، فإنّ غالبية سكان الدولة يملكون حق الإقامة في الدولة، كما يُمكنهم الحصول على الجنسية وفقًا لما يحدده القانون الوطني المتعلق بهذا الأمر[٣].


كما أن حجم السكان غير ضروريّ لوجود الدولة؛ فهناك دول يُقدّر عدد سكانها بـ1.3 مليار نسمة كالصين، ودول أخرى صغيرة عدد سكانها حوالي 30 ألف نسمة، مثل دولة سان مارينو[٣].


الحكومة

إنّ الحكومة (بالإنجليزية: Government) هي العنصر الثالث من عناصر الدولة، وهي شكل من أشكال التنظيم، وتعتبر ضرورية لإدارة حشود أو مجموعات الناس، ويتحدّث أشخاص الحكومة ويتصرّفون نيابة عن باقي الناس، وعند وجود ظروف معينة، يتخذون قرارات ملزمة للجميع، وتكون القرارات موحدة، أي أنّ أهداف الحكومة تتمثل عمومًا في الحفاظ على النظام والقانون اللازمين لأمن الأفراد والمصالح المشتركة، وجديرٌ بالذكر أنّ الحكومات قد يتم تغييرها من وقتٍ لآخر، لكنّ وجودها كنظام بحدّ ذاته لا يتغير، وإنّ تغيّر أشخاصها أو شكلها لا يؤثر على وجود الدولة[٤].


السيادة

السيادة (بالإنجليزية: Sovereignty) وتعني سيطرة الدولة على الأرض الخاصة بها، وفرض سلطتها عليها، وفرض القانون بكافّة الطرق المشروعة وبالقوّة إذا دعت الضرورة لذلك، وتعني السيادة أيضًا استقلال الدولة وعدم وجود تدخلات داخلية أو خارجية، ووفقًا لهذا المفهوم وواقع الحال، لا توجد سيادة مطلقة؛ فلا سيادة كاملة سواء في الشؤون الداخلية أو الخارجية، ويُمكن تعزيز السيادة داخل الدولة عن طريق إجبار أفرادها على احترام القوانين وطاعتها، وتنفيذ المراسيم التي تصدر عن السلطات العامة، أمّا ما يحد من السيادة الخارجية للدولة فهو احتواء الأخيرة على أراضٍ استعمارية؛ الأمر الذي يجعل الدولة خاضعة للسلطات العليا، وكذلك الدول التي تخضع للحكومة الاتحادية[٤].


للدولة 4 مكوّنات رئيسية، هي: الأرض المحددة جغرافيًا، والسكان الذين يقطنون فيها، والحكومة التي تتولّى مسؤولية النظام والقانون، والسيادة التي تُمكّن الدولة من السيطرة على نفسها ومنع التدخلات الداخلية أو الخارجية.


ما الفرق بين الدولة القوية والدولة الفاشلة؟

اختلف المفكرون السياسيون على الفرق بين الدولة القوية والدولة الفاشلة، وفيما يأتي أبرز نظرياتهم:[٥]


  • تأدية الخدمات: يرى البعض، أنّ الدولة الناجحة هي التي تتمكن من تقديم الخدمات المطلوبة منها لمواطنيها أولًا، وبالتالي فإنّ الدولة التي تعجز عن القيام بوظائفها الأساسية هي دولة فاشلة ومعرضة للانهيار، ومن الخدمات الأساسية: تحقيق الأمن، سيادة القانون، حماية الممتلكات، ضمان الحق في المشاركة السياسية، توفير البنية التحتية والخدمات الاجتماعية المختلفة كالصحة والتعليم، وقد أُخذ على هذا الرأي، أنّ غالبية دول العالم ليس بإمكانها توفير كافة الخدمات المطلوبة منها، وبناءً على هذه النظرية فإنّ غالبيتها تعتبر فاشلة، وهو حكم غير عادل.


  • القوة العسكرية: يرى البعض أنّ الدولة القوية هي الدولة التي تستطيع الدفاع عن نفسها عسكريًا، وإنّ هذه الدولة هي الوحيدة القادرة على البقاء.


  • السيادة: وفق إحدى النظريات، فإنّ السيادة هي من مقومات الدولة القوية، إذ إنّ الدولة التي تتمكن من السيطرة على أراضيها، واحتكار استخدام القوّة، وبالتالي السيطرة على أي متمردين مسلحين في الدولة، هي دولة قوية، بخلاف الدولة الفاشلة التي لا تملك السيطرة أو السيادة الكافية.


هناك عدة فروق بين الدولة القوية والدولة الفاشلة، الأولى هي أنّ الدولة القوية قادرة على تقديم الخدمات المطلوبة منها للمواطنين، و/أو تستطيع الدفاع عن أراضيها عسكريًا، وتمتلك سيادة وسيطرة على أراضيها وتحتكر استخدام القوة، بخلاف الدولة الفاشلة، التي هي على عكس ما سبق.


ما الفرق بين السيادة والسلطة السياسية؟

السلطة السياسية هي الوسيلة أو الأداة التي تُمكّن السيادة في الدولة أي تُمكّن من تطبيقها، ولا يمكن وجود دولة ذات سيادة دون سلطة، وبالتالي، فإنّ مفهومي السيادة والسلطة السياسية متشابكان لا ينفصلان، ورغم ذلك فإنّ الدولة التي تسيء استخدام سلطتها ولا تمارسها بشكلٍ مسؤول، عليها التنازل عن مطالبتها السيادة المطلقة[٦].


مفهومي السيادة والسلطة السياسية مترابطين، حيث تعتبر الثانية أداة ووسيلة لضمان تحقيق السيادة والسيطرة.


ما الفرق بين سيادة الدولة وسيادة الشعب؟

سيادة الدولة أو الحكم الملكي (بالإنجليزية: Monarchy) هو الحكم الذي يتم تناقل السلطات فيه بشكلٍ وراثيّ لا عن طريق الانتخاب، وخلال فترة الحكم يكون للملك سلطة سياسية مباشرة على الدولة والشعب[٧]، بالمقابل، فإنّ الحكم الجمهوري (بالإنجليزية: Republic) أو سيادة الشعب (بالإنجليزية: Popular Sovereignty) تعني أنّ مصدر سلطة الحكومة هي الشعب، وبالتي فإنّ السلطة تفتقد إلى الشرعية إذا انفصلت عن إرادة الشعب، ومن أوجه سيادة الشعب[٨]:


  • مشاركة الناس في صياغة الدستور إمّا بشكلٍ مباشر أو عن طريق ممثلين عنهم.
  • مصادقة غالبية الشعب على الدستور المُصاغ باسمه، أو مصادقة الممثلين عنه على الدستور.
  • مشاركة الناس في اقتراح التعديلات على الدستور والتصديق عليها إمّا بشكلٍ مباشر أو غير مباشر.


سيادة الدولة هي امتلاك الملك لسلطة سياسية مباشرة على الدولة والشعب، وتتناقل السلطات وفق هذا الحكم وراثيًا، بالمقابل، تعني سيادة الشعب أنّ الأخير هو مصدر سلطة الحكومة، ومن أوجهه مشاركة الشعب أو الممثلين عنه (النواب) في صياغة الدستور وغيرها.

المراجع

  1. ^ أ ب "State"، britannica، اطّلع عليه بتاريخ 4/3/2021. Edited.
  2. "An analysis of essential elements of the State", International Journal of Engineering Science Invention, 3/2016, Page 24. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث "What constitutes a state?", open, Retrieved 4/3/2021. Edited.
  4. ^ أ ب "An analysis of essential elements of the State", International Journal of Engineering Science Invention, 3/2016, Page 26 27. Edited.
  5. STEIN SUNDSTOL ERIKSEN, State failure' in theory and practice, Page 230-232. Edited.
  6. "What is the Relation Between Sovereignty and Power?", academia, Retrieved 4/3/2021. Edited.
  7. "Republic vs Monarchy", completelaw, Retrieved 4/3/2021. Edited.
  8. "Popular Sovereignty", annenbergclassroom, Retrieved 4/3/2021. Edited.
4202 مشاهدة
للأعلى للسفل
×