مميزات الحضارة الإسلامية

كتابة:
مميزات الحضارة الإسلامية

الحضارة الإسلامية

عَرَف التاريخ مرور الإسلام بعصر ذهبيّ، وصلت فيه الحضارة الإسلامية مرحلة متقدمة من التطور في كل مجالات الحياة، فقد قام علماء ومهندسو وفلاسفة وشعراء وتجار العالم الإسلامي بالمساهمة بابتكاراتهم واختراعاتهم السبّاقة في العالم، بشكل كبير في مجالات الفلك والرياضيات والطب والأدب والفن والفلسفة والزراعة والاقتصاد والصناعة والملاحة والتكنولوجيا، كما خلقوا حالة ثقافيّة، وحالة من الحراك الثقافي الذي أثّر على المجتمعات المجاورة في كل القارّات من خلال الترجمة والتلاقح الثقافي، وكان هذا طريقًا لانتشار الإسلام، وتمكين الحضارة الإسلامية لعصور مديدة لاحقة في مختلف بقاع العالم، رغم القضاء على المسلمين فيها مثل المسلمين في الأندلس وآثارهم التاريخية، وفي هذا المقال حديث عن مميزات الحضارة الإسلامية.[١]


مميزات الحضارة الإسلامية

رغم أنّ التاريخ عرف حضارات مختلفة وعريقة، إلا أن هذه الحضارات زالت وانمحت بعد أن وصلت إلى قمتها الهرميّة في عرش الحضارات، ذلك أن الحضارات السابقة كانت تُعنى بالمظاهر المادية كالعمران أكثر من عنايتها بالمظاهر الروحيّة، ومن مميزات الحضارة الإسلامية أنها اعتنت بالمادة والروح على حدّ سواء، ووازنت في هذه العناية، مما أكسبها خصائص ميّزتها عن سابقها من الحضارات، أو حتى الحضارات التي عاصرتها، ومن مميزات الحضارة الإسلامية:[٢]

  • الاختلاف والتنوع كان من أهم مميزات الحضارة الإسلامية، فقد قامت على الجمع بين أناس من أصول مُتفرِّقة وألسنة متباينة دون تمييز وتفريق، وأخذت منهم، وأعطتهم، فكانوا سببًا رئيسًا في نشأة الحضارة الإسلامية بولائهم لدينهم. وكان مقابلا لذلك أنّها رفضت كل أشكال التعصب والعنصرية والطبقيَّة والقوميَّة، تمثيلا لقوله قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم}.[٣]
  • كان الدين هو المحرّك الأساسي لقيام الحضارة وإعمار الأرض، فابتعدت عن كل ما يخالف شرع الله كالعناية بتصوير الأرواح والتماثيل، تمثيلا لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}،[٤] كما ابتعدت عن الخرافة والغلو، وركّزت على المنهج العلمي في التعامل مع الإنسان ومتعلقاته وما يحيط به.
  • الحثُّ على العمل وعمارة الأرض، بكل ما هو مفيد، وجعل العمل من العبادة إذا ابتغى به وجهَ الله، وهكذا كان من مميزات الحضارة الإسلامية التنمية الكبيرة في التجارِة، من خلال: الضرب في الأرض، وتقوية الاقتصاد بالزكاة، وإنشاء بيت المال، واستصلاح الأراضي والإنتاج الزراعي.
  • الجهاد في سبيل الله، لتحرير البشرية من عبوديَّة المادة، ومن طغيان الحُكَّام، ومن عبوديّة وتأليه الملوك، والظُّلم الاجتماعي، ودحْر الفساد والمفسدين، ونَشْر الحرية الملتزمة، وإرساء قيم الحقِّ.
  • العناية ببناء الإنسان كان من أبرز مميزات الحضارة الإسلامية، فاهتمّت بتكوينه النفسيّ والعقليّ والجسديّ والسلوكيّ، وقدّمت له كل ما يغذي هذا البناء لينبني بناء سليمًا قويمًا.
  • الالتزام بمكارم الأخلاق والتأكيد عليها في كلِّ نُظُم الحياة، وعدم التنازل عنها في جميع الأحوال والأزمنة والأمكنة.
  • جَعْل اللغة العربية هي لغةَ تدوين العلوم والثقافة والحُكْم والدِّين؛ لأنّها لغة ثابتةُ الأصول، وقابلة للتجديد.
  • الحكم بالعدل، مهما اختلفت الديانات أو ما أظهر الناس وما أبطنوا.
  • الدعوة إلى العلم، والحث عليه، والبحث والتفكُّر في الآيات الكونية.
  • مراعاة أعراف المجتمع وتقاليده ما لَم تُخالِفِ الدينَ.
  • جعل مبدأ الشورى أصلا ثابتًا في تدبير أمور الأُمَّة.


الإسهامات العلمية في بناء الحضارة الإسلامية

من مميزات الحضارة الإسلامية أنّها شهدت تنوعًا في العلوم المختلفة التي أسهمت في بناء هذه الحضارة، وعرفت مجموعة من أشهر علماء المسلمين واختراعاتهم في مجالات علمية مختلفة، ومن العلوم التي برزت فيها وكانت من مميزات الحضارة الإسلامية:[١]

  • الأخلاق: وظهرت من خلال تضمين النزعة الإنسانية والعقلانية في أبحاث المسلمين عن المعرفة والقيم، فقد كان التسامح الديني عاملًا كبيرًا في جذب المثقفين المسلمين والمسيحيين واليهود الذين كان لهم اسهامات بارزة في الإبداع الفلسفي في العصور الوسطى من الحضارة الإسلامية، بالإضافة إلى ما توافر لهم من حرية الكلام والتعبير عن الرأي.
  • الاقتصاد: فقد كان اقتصاد الحضارة الإسلامية أقوى اقتصاد في العالم، فقيل أنه في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، فتحه بيت مال المسلمين لمن يريد أن يأخذ أي أموال فاضت فيه، ومع ذلك لم يأت أحد من الناس من كثرة الأموال لديهم، مما دفع الناس إلى التصدّق بأموالهم طعاما للطيور على رؤوس الجبال.
  • الصناعة: وقد برزت اسهامات المهندسين المسلمين في مميزات الحضارة الإسلامية من خلال الاستخدامات الصناعية المبتكرة للطاقة المائية، واستخدامات صناعية مبكرة لطاقة المد والجزر وطاقة الرياح والطاقة البخارية والوقود الأحفوري مثل النفط، وأيضًا مجمعات صناعية كبيرة تسمى "طراز" باللغة العربية، وصناعة السفن والملاحة.
  • المنهج العلمي: وذلك من خلال التقدم الكبير في المنهجية المتبعة في الأساليب العلمية، وخصوصًا في أعمال الحسن ابن الهيثم وكتابه البصريات، والذي يعتبر رائدًا في الفيزياء التجريبية والعالم الأول في ابتكار المنهج العلمي. فكان أهم تطور في المنهج العلمي هو استخدام التجريب والقياس الكمي للتمييز بين مجموعة من النظريات العلمية المتكافئة في إطار توجه تجريبي بشكل عام. كما يعتبر علم ابن الهيثم في مجال علم نفس الإدراك البصريّ مقدمة لعلم النفس الطبيعي وعلم النفس التجريبي.
  • مراجعة الأقران: وهي عملية طبيّة تقوم فيها لجنة من الأطباء بالتحقيق في الرعاية الطبية المقدمة، من أجل تحديد ما إذا كان قد تم الوفاء بمعايير مقبولة من الرعاية، ووجدت أقدم هذه المراجعات في كتاب "أدب الطبيب" الذي كتبه إسحاق بن علي الرهاوي.


معابر الحضارة الإسلامية إلى أوروبا

تعتبرة كثرة المعابرة وتنوعها من مميزات الحضارة الإسلامية، إذ إنّها وجدت أكثر من طريقة للاتصال بأوروبا، ونقل علومها ومعارفها إليها، إضافة إلى الأخذ منها، ويذكر منها:[٥]

  • الأندلس: من خلال جامعاتها التي كانت مقصدًا للعديد من طلاب أوروبا يطلبون العلم فيها، وما زالت الحضارة الإسلامية في الأندلس ماثلة إلى اليوم بالعديد من مظاهرها خاصة العمرانية للتدليل على مدى الرقي الحضاري الذي وصلت إليه.
  • الترجمة: فقد عرفت مراكز رئيسة للترجمة في الأندلس وأوروبا، من ذلك مثلًا أن فكان جيرارد الكريموني الإيطالي مترجمًا مكثرًا، فقد حضر إلى الأندلس لتعلم العربية وأقام في قرطبة خمسين سنة، ترجم وحدَه إلى اللاتينية واحدًا وسبعين مؤلَّفًا عربيًّا في مختلف العلوم.
  • الحروب الصليبية والفتوحات الإسلامية: فكان عن طريقها احتكاك الأوروبيين بالمسلمين والأخذ منهم وعنهم.
  • التجارة: فكانت التجارة معبرًا لانتقال الحضارة بين المسلمين والأوروبيين.

المراجع

  1. ^ أ ب "العصر الذهب للإسلام"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-07-2019. بتصرّف.
  2. "من مميزات الحضارة الإسلامية"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-07-2019. بتصرّف.
  3. سورة الحجرات، آية: 13.
  4. سورة الأنعام، آية: 162.
  5. "الحضارة الإسلامية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-07-2019. بتصرّف.
4202 مشاهدة
للأعلى للسفل
×