محتويات
أول سفير في الإسلام
ختم الله تعالى الرّسالات السّماوية ببعث نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم- بالإسلام؛ حيث جاءت رسالة الإسلام خاتمةً لكل الرسالات السماويّة، وأنزل الله -تعالى- القرآن الكريم ختامًا للكتب السماويَّة ومعجزةً إلهيَّةً، وبفضل الله تعالى وتمام بلاغ الرّسالة انتشر الإسلام إلى كافة بقاع الأرض، وبدأت بذرة نشره بخروجه من مكة إلى المدينة المنورة، تمامًا بعد بيعة العقبة الأولى، التي قدم فيها عددٌ من أهل المدينة المنوّرة إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في مكّة وبايعوه على الإسلام، وعند عودتهم إلى المدينة كان لا بدّ من خروج صحابيٍّ من مكة معهم إلى المدينة المنورة؛ ليُعلِّمهم الإسلام، ويفقّهم في الدين، ويدعو إلى الإسلام أهلها غير المؤمنين، وقد وقع الاختيار على الصّحابي مُصعب بن عمير -رضي الله عنه-؛ لذا لُقِّب -رضي الله عنه- وعُرف بأول سفيرٍ في الإسلام.[١]
تعريفٌ بمُصعب بن عُمير
اسمه ونسبه
هو الصحابيّ الجليل مُصعب بن عُمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة العبدري القرشي، وكنته أبو عبد الله، ترعرع ونشأ في أسرةٍ غنيَّةٍ من أغنى أُسر قريش، فكان قبل إسلامه شابًا جميلًا غنيًّا، وكان يلبس أجمل وأحسن الثياب ويضع أفضل العطور.[٢]
إسلامه
كان مُصعب بن عُمير -رضي الله عنه- من السابقين إلى الإسلام، حيث قدم إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وهو في دار الأرقم، وكتم إسلامه؛ خوفًا من أمه، فكان يلتقي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- سرًّا لتلقّى القرآن منه ويتعلم أمور الدين، وعندما شاهده عثمان بن طلحة أبلغ أمه وأهله؛ فحبسوه إلى أن هاجر -رضي الله عنه- إلى الحبشة، ثمّ عاد بعدها إلى مكّة المكرّمة.[٢]
دوره في الدعوة
في إحدى مواسم الحجّ عند العرب قدم إلى مكّة المكرّمة اثنا عشر رجلاً من الأنصار بايعوا وعاهدوا النّبي عليه الصّلاة والسّلام الإسلام على البقاء على دينه، ولكن طلبوا منه أن يرسل معهم رجلاً يعلم الدين، فاختير لتلك المهمة الصحابي مُصعب بن عُمير، حيث كان عالماً بالقرآن الكريم وشاباً يتمتع بالهدوء واللباقة وكياسة الحديث والصبر والحكمة ورقة القرآن، فكانت هذه هي الأسباب التي دفعت النّبي لاختيار مُصعب بن عُمير بأن يكون سفيراً للإسلام في أرض يثرب.[٣]
وخرج مصعب بن عمير -رضي الله عنه- من مكة إلى يثرب لنشر الدعوة الإسلامية، فنزل في دار أسعد بن زرارة، وبدأ ببث الدعوة فأسلم على يديه سيد الأوس والخزرج سعد بن معاذ رضي الله عنه، وارتفع عدد المسلمين في يثرب من اثني عشر رجلاً إلى سبعين رجلاً وامرأة وهؤلاء هم الذين وفدوا إلى الرسول -عليه الصّلاة والسّلام- في بيعة العقبة الثانية بموسم الحج بقيادة مُصعب بن عُمير؛ فنجح الصحابي مُصعب بن عُمير في بناء قاعدة إسلامية في يثرب، وكان هذا تمهيدًا لهجرة المسلمين من مكة إلى المدينة المنورة بعد أن عذبهم كفار قريش.[٤]
وفاته
استشهد مصعب بن عمير -رضي الله عنه- في غزوة أحد، ورغم ما كان به من غنى في الجاهليّة؛ فإنّه عند دفنه -رضي الله عنه- لم يجدوا عنده إلا بردةً باليةً قصيرةً يغطّوه بها، إذا غطوا رأسه بانت قدماه، وإذا غطوا قدميه بان رأسه، وروي عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال حينها: (غَطُّوا بهَا رَأْسَهُ، واجْعَلُوا علَى رِجْلِهِ الإذْخِرَ -أوْ قالَ: ألْقُوا علَى رِجْلِهِ مِنَ الإذْخِرِ- ومِنَّا مَن قدْ أيْنَعَتْ له ثَمَرَتُهُ، فَهو يَهْدِبُهَا).[٥][٦]
المراجع
- ↑ صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 29-30. بتصرّف.
- ^ أ ب أبو الحسن بن الأثير، أسد الغابة، صفحة 175. بتصرّف.
- ↑ رمضان البوطي، فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة، صفحة 116-117. بتصرّف.
- ↑ عدنان الجابري، كتاب سيرة الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه، صفحة 33-37. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن خباب بن الأرت، الصفحة أو الرقم:4047، حديث صحيح.
- ↑ أبو الحسن الندوي، السيرة النبوية، صفحة 333. بتصرّف.