من أول قاضٍ في الإسلام
القضاء من الأمور المهمة التي كان يلجأ إليها المسلمون لفض النزاعات والمشاكل بين بعضهم البعض، وأول قاضٍ في الإسلام: هو النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد كان الناس يحتكمون إليه في شتى الأمور، ويرجعون إليه للنيل من حكمته، وللفصل بينهم بالحق والعدل، وذلك باتباع أحكام الدين الإسلامي الذي جاء لإقامة العدل والحق بين الناس.[١]
قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)،[٢]ذكرت الآية الكريمة أهمية القضاء في الدعوة الإسلامية؛ فالناس يحتاجون في حل نزاعاتهم لجهة عادلة وقائمة على أسس ومبادئ صحيحة، وكان المؤمنون يردون الأمر لله -تعالى- ولرسوله الكريم.[١]
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرسل القضاة إلى الأمصار؛ فقام بإرسال معاذ بن جبل إلى اليمن، وعتاب بن أسيد إلى مكة، وكان النبي الكريم يبين لأصحابه أهمية القضاء والمسؤولية العظيمة التي تقع على القاضي حين تولي حل النزاعات بين الناس.[١]
العدل في القضاء
العدل صفة عظيمة يستحب للمسلم تتبع أثره، وإقامته في كافة شؤون حياته، والعدل في القضاء الإسلامي سمة عامة ومتميزة؛ فقد وُصف النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعدل بين الناس، وكان الناس يلجأون إليه لحل نزاعاتهم ومشاكلهم؛ وذلك لما يعلموه من صدقه وعدله وقوة حكمته وصبره، وقد ثبت عن النبي الكريم عدّة أحاديث تتحدث عن العدل، وسنذكر بعضها فيما يأتي:[٣]
- (بايَعْنا رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- علَى السَّمْعِ والطَّاعَةِ في المَنْشَطِ والمَكْرَهِ، وأَنْ لا نُنازِعَ الأمْرَ أهْلَهُ، وأَنْ نَقُومَ أوْ نَقُولَ بالحَقِّ حَيْثُما كُنَّا، لا نَخافُ في اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ).[٤]
- (أَعْطَانِي أبِي عَطِيَّةً، فَقالَتْ عَمْرَةُ بنْتُ رَوَاحَةَ: لا أرْضَى حتَّى تُشْهِدَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَى رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنِّي أعْطَيْتُ ابْنِي مِن عَمْرَةَ بنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فأمَرَتْنِي أنْ أُشْهِدَكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: أعْطَيْتَ سَائِرَ ولَدِكَ مِثْلَ هذا؟، قالَ: لَا، قالَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ واعْدِلُوا بيْنَ أوْلَادِكُمْ، قالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ).[٥]
- (إنَّما أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقَامُوا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا).[٦]
آداب القضاء
إن القاضي المسلم يتحلى بالكثير من الآداب العظيمة، وسنذكر بعض هذه الآداب فيما يأتي:[٧]
- تحكيم كتاب الله -تعالى- وسنة النبي الكريم، والعودة إلى مبادئ وأسس شرعية في إصدار الأحكام.
- تفعيل نظام العدل الذي حث عليه الإسلام الحنيف.
- ألا يقضي القاضي وهو غضبان.
- ابتعاد القاضي عن القضاء للأهل أو مشكلة شخصية؛ بل تحكيم طرف حكيم وقاضي عادل في مثل هذه الأمور.
- عدم قبول القاضي للهدية.
المراجع
- ^ أ ب ت "القضاء في الإسلام "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 9/6/2022.
- ↑ سورة النساء، آية:59
- ↑ راغب السرجاني، "عدل الرسول مع غير المسلمين في القضاء"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 9/6/2022. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:7199، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم:2573، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3457، صحيح.
- ↑ التويجيري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة، صفحة 1008. بتصرّف.