من أول من أسلم من النساء

كتابة:
من أول من أسلم من النساء

بعثة النبي وبداية الإسلام

انتشر الجهل والضلالة والشرك والإلحاد في العالم قبل بعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وكانت الجزيرة العربية غارقةً في ذلك الشرك وعبادة الأوثان، وكان العالم كلُّه يعيش الظلم تحت سلطة الفرس والروم، فجاء النبي برسالة عالميَّة لنشر الدين الإسلامي الذي يدعو إلى العدل والمساواة، وبُعث النبي وهو في الأربعين من عمره حيث جاءه الملك جبريل وهو في غار حراء الذي كان ينقطعُ فيه للتأمل، حاملًا له أولى الآيات من القرآن الكريم، وقرأ عليه قول الله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[١]، وتوالى بعدها نزول القرآن الكريم على رسول الله، وبدأ بنشر دعوته أولًا بين أقاربه، ثم في قبيلة قريش، ثم في الجزيرة العربية ثم العالم، وقد أسلم في البداية قلةٌ قليلة من أصحابه، وسيتحدث هذا المقال عن أول من أسلم من النساء.[٢]

أول من أسلم من النساء

أجمعت كتب السيرة أنَّ أول من سجد لله بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هي السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- زوجة النبي -عليه الصلاة والسلام- وأم المؤمنين الأولى، فكانت أول من أسلم من النساء، فقد نزل الوحي عندما كان النبي في غار حراء وقد فزع منه رسول الله -صلوات الله عليه- ونزل خائفًا من الغار إلى بيته وهو يقول: "زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، ثُمَّ قالَ لِخَدِيجَةَ: أيْ خَدِيجَةُ، ما لي وأَخْبَرَها الخَبَرَ، قالَ: لقَدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي"[٣]، فثبتته السيدة خديجة وقالت: "كَلّا أبْشِرْ، فَواللَّهِ، لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، واللَّهِ، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتُكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ"[٣]، وذهبتْ إلى قريبها ورقة بن نوفل وقصَّت عليه الخبر، فعلم أنّه رسول الله وأنَّ ما جاءه هو ما جاء إلى الرسل من قبله، رجعت خديجة إلى رسول الله وزفت له البشارة بأنَّه رسول من عند الله، فكانت بذلك أول من آمن به ونصره وسانده.[٤]

فضائل أم المؤمنين خديجة

أول من أسلم من النساء، وأم المؤمنين الأولى، وزوجة النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- التي لم يتزوج من غيرها وهي على قيد الحياة، لم تُخفي السيرة النبوية ذلك الحبِّ العظيم الذي أحبَّه النبي للسيدة خديجة -رضي الله عنها-، تزوجها قبل البعثة حيث كان لقبُها في قومها "الطاهرة"، وكانت في الأربعين من عمرها بينما عمر النبي خمسةٌ وعشرون عامًا، وأنجبت له أولاده جميعًا: القاسم وعبد الله وزينب ورقيَّة وأم كلثوم وفاطمة، عدا إبراهيم فلم يكن منها، عاشت مع رسول الله خمسةَ عشر عامًا تحمل همومه وتواسيه وتشدُّ من عزيمته، وظلَّ النبيُّ وفيًا لذكراها بعد موتها فقد قالت له السيدة عائشة يومًا عندما رأته يكثر من ذكر خديجة: "ما أكثرَ ما تذكُرُها حَمراءَ الشِّدْقِ، قد أبدَلَكَ اللهُ عزَّ وجلَّ بها خَيرًا منها"، فقال النبيُّ: "ما أبدَلَني اللهُ عزَّ وجلَّ خَيرًا منها، قد آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ، ورزَقَني اللهُ عزَّ وجلَّ ولَدَها إذ حرَمَني أولادَ النِّساءِ"[٥].

وقد كان لها خصوصيةُ السلام من الله عز وجلّ الذي أرسله مع جبريل -عليه السلام- إلى النبي ليخبرها به وهذه الخاصية لم تُعرف لغير خديجة رضي الله عنها وجاء ذلك في الحديث: "أَتَى جِبْرِيلُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، هذِه خَدِيجَةُ قدْ أَتَتْكَ معهَا إنَاءٌ فيه إدَامٌ، أَوْ طَعَامٌ، أَوْ شَرَابٌ، فَإِذَا هي أَتَتْكَ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِن رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا ببَيْتٍ في الجَنَّةِ مِن قَصَبٍ، لا صَخَبَ فيه وَلَا نَصَبَ"[٦]، وتوفيت السيدة خديجة قبل الهجرة النبوية بثلاثةِ أعوام وقد حزن النبي عليها حزنًا شديدًا، رضي الله عنها وأرضاها.[٧]

المراجع

  1. سورة العلق، آية: 1.
  2. " بداية البعثة النبوية"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-05-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 160، صحيح.
  4. "خديجة بنت خويلد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 13-05-2019. بتصرّف.
  5. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 24864، صحيح.
  6. رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة ، الصفحة أو الرقم: 2432 ، صحيح.
  7. "فضائل أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-05-2019. بتصرّف.
4070 مشاهدة
للأعلى للسفل
×