محتويات
ما مدى صحة أنّ الملائكة هي أول من بنى الكعبة؟
إنّ القول بأن الملائكة أول من بنى الكعبة من الأقوال المختلف فيها بين أهل العلم،[١] وقيل إن أول من بنى الكعبة هو إبراهيم -عليه السلام- بدليل الآية الكريمة: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ)،[٢] وقيل إنه آدم عليه الصلاة والسلام.[٣]
أما دليل أن الملائكة أول من بنى الكعبة، فذكره الأزرقي في الأثر المرفوع إلى علي بن الحسين -رضى الله عنهما-، ومضمونه أنه أتاه سائل يسأله عن الطواف في البيت الحرام لم كان؟ وكيف كان الحجر الأسود؟ فروى له ما حدث عندما قال الله سبحانه وتعالى للملائكة: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[٤]
فظنّ الملائكة بسبب سؤالهم أن الله -عز وجل- غضب من قولهم، فلاذوا بالعرش يتضرعون ويبكون إشفاقا لغضبه، وطافوا بالعرش، ونزلت رحمة الله، فوضع الله تعالى "البيت الضراح" تحت عرشه، وأمرهم بالطواف به وهو البيت المعمور، ثم أمرهم أن يبنوا في الأرض مثله، وأمر خلقه أن يطوفوا بهذا البيت.[٥]
من أول من بنى الكعبة من الأنبياء؟
قيل إن النبي الذي بنى الكعبة هو إبراهيم -عليه السلام- ابتداءً، وهذا مذكورٌ عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-،[٦] وإن إبراهيم -عليه السلام- أول من طاف به مع ولده إسماعيل، وهما اللّذان سألا ربهما بأن يريهما أعمال الحج ومناسكه، مستدلّين بقوله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).[٧][٨]
وقيل إن أول نبيٍّ بنى للكعبة هو آدم -عليه السلام-، حيث أسّسه قبل انتشار ولده في الأرض، بل يذكر بعض العلماء أيضا أنه أول من أسس المسجد الأقصى، مستدلين بالعديد من الآثار رغم ضعفها.[٩] وجُمع بين الرأيين فقيل: إن بناء سيدنا إبراهيم -عليه السلام- هو رفع قواعد البيت الحرام التي كانت موجودة قبله، فمعنى رفع القواعد هو: البناء عليها، وكان ابنه إسماعيل -عليه -السلام- تبعا له في ذلك ومساعدًا له، فيكون إبراهيم -عليه السلام- بذلك أول من رفع القواعد الذي وضع أساسه آدم -عليه السلام-.[١٠]
هل أُعيدَ بناء الكعبة أكثر من مرة في السابق؟
أعيد بناء الكعبة المشرفة مرات عديدة أبرزها:[١١]
- بناء إبراهيم -عليه السلام-.
- بناؤها من قِبَل القبائل العربية من العمالقة وجرهم.
- بناء عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-.
- بناء الحجاج بن يوسف الثقفي في عهد عبد الملك بن مروان.
- بناء قريش، وشهدت مشاركة الرسول في بناء الكعبة قبل البعثة.[١٢]
- آخرها في العصر العثماني، في عهد مراد الرابع.[١٣]
ملخّص المقال: تعدّدت أقوال العلماء في أوّل من بنى الكعبة؛ فقيل الملائكة، وذكر هذا القول الأزرقي بأثرٍ مرفوه لعلي بن الحسين، أما من الأنبياء فقيل إن آدم هو أول من بنى الكعبة، وقيل إبراهيم -عليهما السلام-، وقيل إنّ آدم وضع أساس الكعبة، وإبراهيم رفع قواعد البيت الحرام على ذلك الأساس، وقد أُعيد بناء الكعبة مراتٍ عديدة على مر العصور آخرها في العصر العثماني.
المراجع
- ↑ لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 73. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:127
- ↑ محمد الشعراوي، تفسير الشعراوي، صفحة 578. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:30
- ↑ أحمد النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، صفحة 299-300. بتصرّف.
- ↑ محمد الفاكهي، أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه، صفحة 207. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية:127-128
- ↑ عبد الكريم العمري، تسهيل المناسك، صفحة 24. بتصرّف.
- ↑ أحمد بن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، صفحة 409. بتصرّف.
- ↑ سراج الدين النعماني، اللباب في علوم الكتاب، صفحة 478. بتصرّف.
- ↑ محمد الفاسي، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، صفحة 124-125. بتصرّف.
- ↑ المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في مصر، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 97. بتصرّف.
- ↑ المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 97. بتصرّف.