من الذي بنى الكعبة

كتابة:
من الذي بنى الكعبة

أول من بنى الكعبة 

اختلف أهل العلم في تحديد أول من بنى الكعبة على عدة أقوال، وفيما يأتي بيانها.

القول الأول: الملائكة

إنّ أول من بنى الكعبة هم الملائكة، ودليلهم على ذلك ما ذكره أبو جعفر الباقر حيث قال: "أنّه لما أراد الله -تعالى- خلق آدم -عليه السلام- وقالت الملائكة: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ)،[١] فغضب الله -تعالى- من قولهم.[٢]

فعادوا يطوفون حول الله طلبًا لرضاه -سبحانه وتعالى-، فرضي الله عنهم، وأمرهم أن يبنوا بيتًا في الأرض؛ ليعود ويطوف به كلّ من يغضب الله -تعالى- ويرتكب معصيةً أو مخالفةً لا ترضيه؛ وذلك اقتداءً بفعل الملائكة، فقامت الملائكة عندها ببناء الكعبة في الأرض.[٢]

القول الثاني: آدم عليه السلام

وأمّا أصحاب القول الثاني فذهبوا إلى أن أول من بناها هو نبي الله آدم -عليه السلام-؛ وهذا القول روي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-، وذلك لما أنزل الله تعالى آدم -عليه السلام- إلى الأرض أمره الله -تعالى- عن طريق الوحي أن يبني بيتًا لله في الأرض؛ ليطوف به النّاس كما تطوف الملائكة.[٢]

وليكون مكانًا لعبادة لله -تعالى- فيه ويطوفوا به؛ ليتوبوا إلى الله -تعالى- بعد ذنوبهم، وروي عن عطاء أنّه قال: "أنَّهُ بَنَاهُ آدَمُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ: لُبْنَانَ وَطُورِ سِينَاءَ، وَطُورِ زَيْتَا وَالْجُودِيِّ وَحِرَاءٍ"، وحين توفي آدم -عليه السلام- بناه أولاده بالحجارة والطين، وذهب بالطوفان.[٢]

القول الثالث: إبراهيم عليه السلام 

وآخر الأقوال بأنّ أول من بنى الكعبة هو نبي الله إبراهيم -عليه السلام-؛ حيث قال الله -تعالى-: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)،[٣] وعدّوا ذلك دليلًا على أنّ أول من بنى الكعبة هو إبراهيم -عليه السلام-.[٤]

جهود تجديد بناء الكعبة

بُنيت الكعبة المشرفة سبعة مرات على مرّ العصور؛ فبعدما وُضع الحجر الأسود في الأرض لأول مرة، على الخلاف الذي أُسلف سابقًا، ثمّ جدّد بنائها إبراهيم -عليه السلام-، ورفع القواعد بمساعدة ابنه إسماعيل -عليه السلام-، ثمّ جدد بنائها بعد ذلك العمالقة للمرة الرابعة، وتبعتهم قبيلة "جرهم" العربية؛ حيث قاموا بتجديدها للمرة الخامسة.[٥]

ثمّ اعتنت بها قريش قبل الإسلام، وبعد مجيء الإسلام، بل وأولوها عنايةً واهتمامًا خاصًا، ومن الذين اعتنوا بها عبد المطلب جدّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وقد شهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بنائها في وقتهم، وهو من وضع الحجر الأسود في مكانه بعدما دمرها الطوفان.[٥]

وقام بعدها الصحابي عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- ببنائها، وجدّد هذا البناء الحجاج بن يوسف الثقفي؛ الذي قام بإصلاح حجر إسماعيل، وقيل إنّه أعاد تجديدها وبنائها بشكل كامل، وبقيت على هذا البناء حتى الوقت الحاضر.[٥]

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:30
  2. ^ أ ب ت ث ابن الجوزي ، التبصرة لابن الجوزي، صفحة 126. بتصرّف.
  3. سورة الحج، آية:26
  4. مجموعة من المؤلفين ، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1668. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت الديار البكري ، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس، صفحة 117. بتصرّف.
3955 مشاهدة
للأعلى للسفل
×