من الذي رتب سور القرآن وآياتها

كتابة:
من الذي رتب سور القرآن وآياتها

من الذي رتب سور القرآن الكريم؟

كان للعلماء في ترتيب سور القرآن أقوال عديدة هي:[١]

  • القول الأول: ذهب إليه جمهور العلماء ومنهم الإمام مالك، وهو أنَّ ترتيب سور القرآن الكريم الّذي ورد في المصاحف من اجتهاد الصَّحابة، واستدلوا على ذلك بأنَّ المصاحف التي كانت مع الصَّحابة مختلفة في ترتيبها كمصحف ابن مسعود الذي بدأ بسورة البقرة ثمَّ تلاها سورة النِّساء ثمَّ سورة آل عمران، أمَّا مصحف علي بن أبي طالب رُتِّبَت سُوره على حسب نزولها.
  • القول الثاني: هو أنَّ ترتيب سور القرآن توقيفي رتَّبه الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- كما في اللّوح المحفوظ عند الله تعالى، والذين قالوا أنَّ ترتيب السور توقيفيًّا استدلوا بأنَّ النَّبيَّ -عليه الصَّلاة السَّلام- تأخّر يومًًا عن الخروج إلى بعض الوفود، فقال لهم: "طرأ عليَّ حزبٌ من القرآنِ ، فأردتُ ألَّا أخرجَ حتَّى أقضيَه".[٢]
  • القول الثالث: أنَّ التَّرتيب توقيفيٌّ إلَّا بعض السّور كالأنفال وبراءة، إذ جاءت من اجتهاد الصّحابة، مستدلّين بأدلّة القولين السَّابقين فجمعوا بينهما وهذا ما تمَّ ترجيحه من بين الأقوال.


في كم مرحلة جُمع القرآن الكريم؟ لمعرفة ذلك يمكنك الاطلاع على هذا المقال: مراحل جمع القرآن الكريم وترتيبه


من الذي رتب آيات القرآن الكريم؟

انعقد إجماع العلماء ومنهم الإمام السّيوطيُّ على أنَّ آيات القرآن الكريم رتِّبَت توقيفيًا ولا شبهة في ترتيبها، وقد أخرج الإمام أحمد عن الصَّحابي عثمان بن أبي العاص قال: "كنت عند رسولِ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ ـ جالسًا إذ شَخِص بصرُه فقال أتاني جبريلُ فأمرني أن أضعَ هذهِ الآيةَ بهذا الموضعِ من السورةِ { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ }الآية"،[٣] وقد ورد أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما كان يصلّي في الصَّحابة كان يقرأ آيات القرآن الكريم مرتَّبة على حسب ترتيبها في الرّقاع، ومن هذا تبيَّن أنَّ ترتيب آيات القرآن الكريم توقيفيٌّ من عند الله تعالى عن طريق الوحي يقينًا.[٤]


هل رسم المصحف توقيفي؟

كان للعلماء أيضًا ثلاثة أقوال في بيان رسم المصحف هي:

  • القول الأول: ذهب الجمهور إلى أنَّ رسم المصحف توقيفيٌّ لا يمكن مخالفته لأنَّ النّبيَّ -صلّى الله عليه وسلَّم- وضع دستورًا للصَّحابة الّذين كانوا يكتبون الوحي فكتبوه بالرّسم الّذي أقرّه عليهم، واعتمد الصَّحابة هذا الرَّسم بعده عندما كتبه الخليفة أبو بكر في الصُّحف، ثمَّ جاء عثمان وقام بنسخ هذه الصُّحف إلى مصاحف بنفس الرَّسم، ثمَّ جاء مَن بعدهم من التَّابعين فالتزموا هذا الرَّسم ولم يخالفوه.[٥]
  • القول الثاني: وهو أنَّ الرّسم الّذي في المصحف اصطلاحيٌّ ومن الممكن مخالفته، إذ لا يوجد دليل في الشَّرع يوجب هذا الرَّسم بل وردت الأحاديث بجواز الرَّسم بأي طريقةٍ كانت.[٦]
  • القول الثالث: رأى صاحب كتاب التّبيان أنَّ مسألة رسم المصحف تابعة للاصطلاح المتداول بين عامة النَّاس في الكتابة، ولا تجب كتابته بالرَّسم العثمانيِّ نفسه حتَّى لا يقع تحريف من بعض جهال النّاس، وهذا ما رآه الإمام العزُّ بن عبد السَّلام، ولكنْ لا يجري هذا على إطلاقه حتَّى لا يترك أمرٌ جرى عليه القدماء من أجل مراعاة الجاهلين، ويجب مراعاة الأمرين معًا، فتكتب بعض المصاحف وِفق الرَّسم المعروف، ويكتب بعضها بالرسم الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.[٧]


كيف كانت عملية جمع القرآن الكريم؟ لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: جمع القرآن الكريم في عهد عثمان بن عفان

المراجع

  1. محمد بكر إسماعيل ، دراسات في علوم القرآن، صفحة 59-63. بتصرّف.
  2. رواه ابن كثير، في فضائل القرآن، عن أوس بن حذيفة الثقفي، الصفحة أو الرقم:148، إسناده حسن.
  3. رواه الألباني ، في الموسوعة الحديثية ، عن عثمان بن أبي العاص الثقفي ، الصفحة أو الرقم:66.
  4. عدنان زرزور، مدخل إلى تفسير القرآن وعلومه، صفحة 136-137. بتصرّف.
  5. محمد عبد العظيم ، مناهل العرفان في علوم القرآن، صفحة 377-380. بتصرّف.
  6. الزرقاني، محمد عبد العظيم، كتاب مناهل العرفان في علوم القرآن، صفحة 380-381. بتصرّف.
  7. الزرقاني، محمد عبد العظيم، كتاب مناهل العرفان في علوم القرآن، صفحة 385. بتصرّف.
4720 مشاهدة
للأعلى للسفل
×