من حلف بالله فصدقوه

كتابة:
من حلف بالله فصدقوه



حديث (من حلف بالله فصدقوه)

انتشر بين الناس عبارة: (من حلف بالله فصدِّقوه) على أنها حديث؛ لكنَّ ذلك لا يصحَّ، وإنما هناك حديث صحيح ورد عن الرسول وهو، عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنه- قال: سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يحلف بأبيه فقال: (لا تحلفوا بآبائكم، من حَلَف بالله فلْيصدُق، ومن حُلِفَ له بالله فليرضَ، من لم يرضَ بالله فليس من الله)،[١] وهذا الحديث صحيح، له نفس معنى الحديث الذي ينتشر بين الناس.

شرح حديث (من حلف بالله فصدقوه)

أمَّا عن معنى هذا الحديث، فهو يُغني عنه ما جاء في الحديث الصحيح: (لا تحلفوا بآبائكم، من حَلَف بالله فلْيصدُق، ومن حُلِفَ له بالله فليرضَ، من لم يرضَ بالله فليس من الله)،[١] أي أنه لا يجوز الحلف بغير الله -تعالى-، ولا بأيٍ من مخلوقاته، ومن كان حالفاً فليحلف بالله وليكن صادقاً فيما يحلف؛ فاليمين الغموس هي التي يحلف صاحبها بالله كذباً، وسُمِّي غموساً لأنه يغمس صاحبه في النار.[٢]

وكذلك من حُلف له بالله -تعالى- فليُصدِّق الحالف؛ لأنه حلف بعظيم، وهو الله -تعالى-، وهذا غالبٌ على الناس ألا يكذبوا على الله -تعالى-، وهذا قد يكون خاصٌّ بأهل التقوى والإيمان منهم، أمَّا المقصود هنا الذين إذا استخفُّوا بالإيمان، واستسهلوا الكذب مع الحلف بالله، فهؤلاء لا يلزم تصديقهم؛ لأنهم مُتهمون في تقواهم لله.[٣]

حكم إبرار القسم

عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: (أمرنا رسول الله بسبعٍ ونهانا عن سبعٍ؛ أمرنا بإتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإجابة الداعي، ونصر المظلوم، وإبرار القسم، ورد السلام، وتشميت العاطس)،[٤] وذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ حكم إبرار القسم أي إمضاءه للحالف، كإجابة دعوته، فهو مُستحبٌ.[٥]

والدليل أن أبا بكر -رضي الله عنه- حلف على النبي -صلى الله عليه وسلم-، بأن يُخبره ما هو الخطأ في تعبير رؤيا كان قد عبَّرها، فلم يخبره، إلا أن بعض الحنابلة قالوا بوجوب إبرار القسم، وما كان من امتناع النبي -صلى الله عليه وسلم- هو لدفع ضرر أكبر من إبرار القسم.[٥]

أمثلة على إبرار القسم

ويمكن تفسير إبرار القسم عن طريق أمثلة نذكرها فيما يأتي:[٦]

  • إذا دعى شخصٌ شخصاً آخر إلى مائدة طعام وأقسم عليه، فعليه أن يبر القسم ويلبي الدعوة ما لم يحصل بها ضرر.
  • إذا دعى شخصٌ شخصاً آخر إلى مناسبة معينة، وأقسم عليه فعليه أن يلبِّي الدعوة، ويبر بالقسم ما لم يكن هنالك ضرر من تفويت مصلحة، أو حصول منكر.
  • إذا دعى شخصٌ شخصاً آخر إلى دخول منزله وأقسم عليه، فعليه أن يبر بقسم أخيه، ويدخل المنزل ما لم يكن هنالك إثمٌ أو منكر أو ضرر في ذلك.
  • إذا أقسم شخصٌ على شخصٍ آخر لمرافقته في الطريق، أو إلى مشوار، فعليه أن يبرَّ بقسم أخيه؛ ما لم يفته مصلحة مُلحَّةٍ، مثل امتحان، أو أن يكون هنالك إثم من ذلك الذهاب.

المراجع

  1. ^ أ ب رواه الالباني، في الجامع الصحيح، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:7247، صحيح.
  2. عبد العظيم بدوي، الوجيز في فقه السنة والكتاب العزيز، صفحة 387.
  3. عبد الله بن محمد الغنيمان، شرح كتاب التوحيد، صفحة 108.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن العازب، الصفحة أو الرقم:1239، صحيح.
  5. ^ أ ب محمد بن علي بن حزام البعداني، كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4، صفحة 316.
  6. عبد الكريم اللاحم، كتاب المطلع على دقائق زاد المستقنع فقه القضاء والشهادات، صفحة 404.
4841 مشاهدة
للأعلى للسفل
×