من هم أولو العزم

كتابة:
من هم أولو العزم

الأنبياء والرسل

اختار الله -تعالى- من ذريّة آدم -عليه السلام- أنبياءً ورسلاً، وأمّا الفرق بين النبي والرسول ففيه قولان: الأول أنّ الرسول من بُعث برسالةٍ جديدةٍ ليبلّغها، وأمّا النبي فهو من بُعث مؤكّداً لرسالة من سبقه من الرسل، وأمّا القول الثاني فهو: أنّ النبي من أوحى إليه الله تعالى، ولم يأمره بتبليغ الرسالة، في حين أنّ الرسول من أوحى إليه الله تعالى برسالةٍ، وأمره بتبليغها، والقول الثاني هو الأرجح.[١]


أولو العزم من الرسل

ثمّة أقوالٍ عديدةٍ في تحديد أولي العزم من الرسل، وأصحّها أنّهم خمسة أنبياءٍ، وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام جميعاً، وفيما يأتي نبذةٌ عن أولي العزم من الرسل.[٢]


نوح عليه السلام

كان قوم نوح -عليه السلام- عبّاد أصنامٍ، فبعثه الله -تعالى- ليدعوهم للتوحيد، ونبذ الشرك، كما قال الله تعالى: (لَقَد أَرسَلنا نوحًا إِلى قَومِهِ فَقالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ إِنّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ عَظيمٍ)،[٣] ولكنّ قومه طغوا، وتكبّروا، وتمرّدوا، واستمرّت دعوة نوح عليه السلام لقومه تسعمئةٍ وخمسين سنةٍ، دون أي استجابةٍ من قومه الذين كذّبوه، وأنكروا نبوّته، وفي المقابل لم يترك نوح -عليه السلام- وسيلةً للدعوة إلّا اتبعها، حيث دعا قومه سرّاً وجهراً، وليلاً ونهاراً، فآمن معه قلّةٌ من المستضعفين، وأمّا الكبراء وسادة القوم فقد كذّبوه، وسخروا منه، واتهموه بالجنون، وحاولوا صدّه عن دعوته، وهدّدوه بالرجم إن لم يتوقّف عن الدعوة، مصداقاً لقول الله تعالى: (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ)،[٤] وبعد زيادة الأذى من قبل قوم نوح لنبيهم ومن آمن معه، وتهديدهم بالقتل، دعا نوح الله أن يهلكهم، فاستجاب له، وأهلك القوم الكافرين بالطوفان، ونجى نوح، ومن معه على متن السفينة التي أمر الله تعالى ببنائها.[٥]


إبراهيم عليه السلام

كان قوم إبراهيم -عليه السلام- يشركون بالله، ويعبدون الأصنام من دونه، فأرسل إليهم نبيه إبراهيم -عليه السلام- ليدعوهم إلى التوحيد، وترك عبادة الأصنام، كما قال الله تعالى: (وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)،[٦] وقد حاول إبراهيم -عليه السلام- مراراً وتكراراً تخليص قومه من الأساطير، والخرافات، وتحذيرهم من الانقياد لغيرهم من غير تفكيرٍ كالبهائم، وبيّن لهم أنّ العبادة الحقّ هي عبادة الله وحده لا شريك له، وكان والد إبراهيم -عليه السلام- من عبدة الأصنام، فخصّه بالنصح حيث قال له: (يا أَبَتِ لِمَ تَعبُدُ ما لا يَسمَعُ وَلا يُبصِرُ وَلا يُغني عَنكَ شَيئًا*يا أَبَتِ إِنّي قَد جاءَني مِنَ العِلمِ ما لَم يَأتِكَ فَاتَّبِعني أَهدِكَ صِراطًا سَوِيًّا)،[٧] ولكنّ والده لم يقبل دعوته، بل هدّده بالهجر والرجم، فاعتزله إبراهيم عليه السلام، ولكن بقي يستغفر الله له، ويدعو له بالهداية حتى تبيّن له أن والده عدوٌ لله تبرأ منه، ولم يعد يستغفر له، وبعد أن أصرّ قومه على عبادة الأصنام عزم على بيان البرهان العملي بأنّ أصنامهم لا تضرّ ولا تنفع، وفي أحد الأيام وفي غفلةٍ من قومه قام بتحطيم أصنامهم إلّا الصنم الكبير، لكي يسأله قومه عن الفاعل، ولمّا رجع القوم من عيدهم، وجدوا أصنامهم محطمةً، فاتّهموا إبراهيم -عليه السلام- بتحطيمها، فقال لهم: (بَل فَعَلَهُ كَبيرُهُم هـذا فَاسأَلوهُم إِن كانوا يَنطِقونَ)،[٨] فرجعوا إلى أنفسهم، وتفكّروا بالأمر وعلموا أنّ تلك الأصنام لا تتكلّم، ولا تضرّ، ولا تنفع، فقالوا لإبراهيم: (لَقَد عَلِمتَ ما هـؤُلاءِ يَنطِقونَ)،[٩] وفي تلك اللحظة، وبعد أن اعترفوا بعجز أصنامهم، وانقطعت حجّتهم قرّروا استخدام القوة المُفرطة، فقالوا: (حَرِّقوهُ وَانصُروا آلِهَتَكُم إِن كُنتُم فاعِلينَ)،[١٠] ثمّ أعدّوا لحرق إبراهيم ناراً عظيمةً، وألقوه فيها، فما كان منه إلّا أن قال: (حسبي الله ونعم الوكيل)، فنجّاه الله تعالى من تلك النار، حيث جعلها عليه برداً وسلاماً، وأبطل كيد الكافرين.[١١]


موسى عليه السلام

هو نبيٌّ من أنبياء بني إسرائيل، بعثه الله تعالى إلى فرعون وقومه؛ لينقذ بني إسرائيل من استعباد فرعون وظلمه، وأيّده الله تعالى بالعديد من المعجزات، فكان إذا ألقى عصاه أصبحت حيّةً تسعى، وإذا أدخل يده في جيبه أخرجها بيضاء، فذهب بتلك المعجزات إلى فرعون، ولكنّه كذّب وطغى، واتهم موسى -عليه السلام- بالسحر، ثمّ جمع له السحرة، وحصل بينهم وبين موسى -عليه السلام- لقاء أمام الناس جميعاً في يوم الزينة، حيث ألقى السحرة حبالهم وعصيّهم، ولكنّ الله تعالى نصر موسى، فآمن السحرة وسجدوا لله تعالى، فغضب فرعون لذلك، فأمر بصلبهم، وتقطيع أيديهم وأرجلهم، فصبروا على ما وجدوا من العذاب، حتى توفّاهم الله مسلمين، ووصلت الأخبار إلى موسى -عليه السلام- بأنّ فرعون وحاشيته يأتمرون لقتله، وجاء أمر الله تعالى لموسى ومن آمن معه من بني إسرائيل بالخروج من أرضهم، فخرجوا ولحقهم فرعون حتى أدركهم عند شاطئ البحر الأحمر، ولكنّ الله تعالى أنجى موسى وبني إسرائيل، وأغرق فرعون وجنوده.[١٢]


عيسى عليه السلام

كانت ولادة عيسى -عليه السلام- معجزةً بحدّ ذاتها، فقد وُلد من غير أبٍ، وكان ذلك عندما بشرت الملائكة أمّه مريم العذراء بولادته، ونبوته، وعظم شأنه، ثمّ جاء جبريل عليه السلام، ونفخ في جيب درعها، فحملت به، وبعد أن وضعته، أمرها ربها -عزّ وجلّ- ألّا تكلّم أحداً، فعادت إلى قومها تحمله، فلمّا رأوها تحمله استهجنوا الأمر، وأنكروا عليها، فلم تكلّمهم، وأشارت إلى الطفل الذي لا زال في المهد، أن اسألوه يجيبكم، فأجابهم عيسى -عليه السلام- قائلاً: (قالَ إِنّي عَبدُ اللَّـهِ آتانِيَ الكِتابَ وَجَعَلَني نَبِيًّا*وَجَعَلَني مُبارَكًا أَينَ ما كُنتُ وَأَوصاني بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمتُ حَيًّا)،[١٣] وهكذا كانت قصة ولادته، ثمّ بعثه الله تعالى ليدعو بني إسرائيل لتوحيد الله تعالى، والعمل بما جاء في التوراة والإنجيل، وأيّده بمعجزاتٍ عديدةٍ، فكان يحيي الموتى بإذن الله، ويشفي الأبرص والأكمه، ويخلق من الطين كهيئة الطير فيكون طيراً بإذن الله، ولمّا شعرعيسى -عليه السلام- إصرارهم على الكفر، قال: من أنصاري إلى الله، فآمن به الحواريون، وعددهم اثنا عشر رجلاً، وفي تلك الأثناء قام اليهود بتدبير مكيدةٍ لقتل عيسى عليه السلام، حيث حرّضوا الرومان، وأوهموا ملكهم أنّ دعوته خطر على ملك الروم، فقرّروا القبض عليه، وصلبه حتى الموت، ولكنّ الله تعالى ألقى شبه عيسى -عليه السلام- على الرجل المنافق الذي دلّ على مكانه فأخذوه وصلبوه، ورفع الله عيسى إليه، ونجّاه من القتل.[١٤]


محمد صلّى الله عليه وسلّم

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، خاتم الأنبياء والمرسلين، مصداقاً لقول الله تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)،[١٥] وُلد في مكة المكرمة، وبعثه الله تعالى إلى الناس كافةً؛ ليخرجهم من الظلمات إلى النور، فدعا الناس في مكة إلى توحيد الله تعالى ثلاثة عشر عاماً، فآمن معه قلّةٌ من المستضعفين، فعُذّبوا في سبيل الله، وأذاهم المشركون أشدّ الإيذاء، حتى أمرهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالهجرة إلى المدينة المنورة، فخرجوا جماعاتٍ متفرقةً من مكّة، ولم يبق فيها إلّا رسول الله، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه، وفي تلك الأثناء اجتمع زعماء قريش، وقرّروا قتل النبي عليه الصلاة والسلام، فأمره الله تعالى بالخروج، فخرج مهاجراً إلى المدينة وبصحبته أبي بكر، وهناك فتح الله على المسلمين، وقويت شوكتهم، وانتشرت دعوة الإسلام إلى أن فُتحت مكة المكرمة، ودخل الناس في دين الله أفواجاً.[١٦]


المراجع

  1. "الفرق بين النبي والرسول"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2018. بتصرّف.
  2. "أولو العزم من الرسل"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2018. بتصرّف.
  3. سورة الأعراف، آية: 59.
  4. سورة الشعراء، آية: 116.
  5. "نوح عليه السلام"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2018. بتصرّف.
  6. سورة العنكبوت، آية: 16.
  7. سورة مريم، آية: 42-43.
  8. سورة الانبياء، آية: 63.
  9. سورة الأنبياء، آية: 65.
  10. سورة الأنبياء، آية: 68.
  11. "إبراهيم عليه السلام"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2018. بتصرّف.
  12. "نبذة عن موسى عليه السلام"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2018. بتصرّف.
  13. سورة مريم ، آية: 31-30.
  14. "نبذة عن نبي الله عيسى عليه السلام"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2018. بتصرّف.
  15. سورة الأحزاب، آية: 40.
  16. "محمد صلى الله عليه وسلم"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2018. بتصرّف.
5222 مشاهدة
للأعلى للسفل
×