شعراء الشيعة في العصر العباسي الأول

كتابة:
شعراء الشيعة في العصر العباسي الأول


شعراء الشيعة في العصر العباسي الأول

من أبرز شعراء الشيعة في العصر العباسي الأول ما يأتي:


السيد الحميري

هو إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري، وُلد في البصرة عام 105هـ وقد كان السيد الحميري في بداية إقبال الدولة العباسية محبًّا لها، ولكن لاحقًا تغيرت مواقفه وعبر عن ذلك في شعره، كما كان يفخر بحميريته، ونظم شعرًا في آل البيت،[١] ومن قصائده في رثاء الحسين بن علي -رضي الله عنهما- قوله:

امررْ على جدثِ الحسينِ

وقل لأعظُمِه الزكيّهْ

يا أعظُمًا لا زلتِ من

وَطفاءَ ساكبةٍ رويّهْ

ما لَذَّ عيشٌ بعد رضِّـ

ـكِ بالجياد الأعْوَجِيّهْ

قبرٌ تضمّنَ طيّباً

آباؤه خيرُ البريّهْ

آباؤه أهلُ الريا

سةِ والخِلافةِ والوصيّهْ

والخيرِ والشّيمِ المهذْ

ذَبةِ المطيَّبةِ الرضيّهْ

فإذا مررتَ بقبرهِ

فأطلْ به وقفَ المطيّهْ

وابكِ المطهَّرِ للمطهَّر

والمطهّرةِ الزكيّهْ

كبكاءِ مُعْوِلَة غَدت

يومًا بواحدِها المنيِّهْ[٢]


دعبل الخزاعي

هو دعبل بن علي بن رزين،[٣] وقد اختلف العلماء في اسمه، فقيل محمد وقيل الحسن وقيل عبد الرحمن، يُذكر أنّه من خزاعة صليبة، وُلد في الكوفة سنة 148هـ، وقد نشأ دعبل الخزاعي في بيت أدبٍ وشعر، فقد كان أبوه شاعرًا متوسّطًا، وكذلك الأمر أيضًا بالنسبة لعمّه ولأخويه.[٤]


ما لبث دعبل أن صار من أكبر هجّائي عصره، ولم يكد ينجو من أحد، فكان إذا مدح رجلًا اليوم عاد في اليوم التالي ليهجوه، وقد هجا عددًا من الشخصيات في الدولة العباسية، ورثا آل البيت بأشعاره،[٤] ومن أشهر قصائده في ذلك قوله:

لِآلِ رَسولِ اللَهِ بِالخَيفِ مِن مِنىً

وَبِالرُكنِ وَالتَعريفِ وَالجَمَراتِ

دِيارُ عَلِيٍّ وَالحُسَينِ وَجَعفَرٍ

وَحَمزَةَ وَالسُجّادِ ذي الثَفِناتِ

دِيارٌ عَفاها جَورُ كُلِّ مُنابِذٍ

وَلَم تَعفُ لِلأَيّامِ وَالسَنَواتِ

قِفا نَسأَلِ الدارَ الَّتي خَفَّ أَهلُها

مَتى عَهدُها بِالصَومِ وَالصَلَواتِ

وَأَينَ الأُلى شَطَّت بِهِم غَربَةُ النَوى

أَفانينَ في الآفاقِ مُفتَرِقاتِ

هُمُ أَهلُ ميراثِ النَبِيِّ إِذا اِعتَزَوا

وَهُم خَيرُ قاداتٍ وَخَيرُ حُماةِ

وَما الناسُ إِلّا حاسِدٌ وَمُكَذِّبٌ

وَمُضطَغِنٌ ذو إِحنَةٍ وَتِراتِ

إِذا ذَكَروا قَتلى بِبَدرٍ وَخَيبَرٍ

وَيَومِ حُنَينٍ أَسبَلوا العَبَراتِ

وَكَيفَ يُحِبّونَ النَبِيَّ وَأَهلَهُ

وَقَد تَرَكوا أَحشاءَهُم وَغراتِ

لَقَد لايَنوهُ في المَقالِ وَأَضمَروا

قُلوبًا عَلى الأَحقادِ مُنطَوِياتِ

قُبورٌ بِكوفانٍ وَأُخرى بِطَيبَةٍ

وَأُخرى بِفَخٍّ نالَها صَلَواتي

وَقَبرٌ بِأَرضِ الجَوزَجانِ مَحَلُّهُ

وَقَبرٌ بِباخَمرا لَدى العَرِماتِ

وَقَبرٌ بِبَغدادٍ لِنَفسٍ زَكِيَّةٍ

تَضَمَّنَها الرَحمَنُ في الغُرُفاتِ

وَقَبرٌ بِطوسٍ يا لَها مِن مُصيبَةٍ

تُرَدَّدُ بَينِ الصَدرِ وَالحَجَباتِ

فَأَمّا المُمَضّاتُ الَّتي لَستُ بالِغًا

مَبالِغَها مِنّي بِكُنهِ صِفاتِ

إِلى الحَشرِ حَتّى يَبعَثَ اللَهُ قائِمًا

يُفَرِّجُ مِنها الهَمَّ وَالكَرَباتِ

نُفوسٌ لَدى النَهرَينِ مِن أَرضِ كَربَلا

مُعَرَّسُهُم مِنها بِشَطٍّ فُراتِ[٥]


ديك الجن

هو عبد السّلام بن رغبان المعروف بديك الجن،[٦] وُلد في حمص سنة 161هـ، وقد كان جدّه مسؤول عن ديوان الإعطاء لدى أبي جعفر المنصور، لم يكن دين الجن من الشعراء المتكسبين بشعرهم فلم يقصد أحدًا لهذا السبب.[٧]


عُرف بصحبته مع أحمد بن علي الهاشمي وأخيه جعفر وقد مدحهما مدحًا كثيرًا، ولعلّ هذا بسبب تشيّعه، فقد كان ديوانه يعجّ بأشعار الرثاء لآل البيت والحسين على وجه الخصوص، وله مرثيّة ظلّ الشيعة زمنًا يتلونها وينوحون بها،[٧] وفيها يقول:

يا عَينُ لا للغَضَا ولا الكُثُبِ

بُكَا الرَّزَايا سِوى بُكا الطّرَبِ

جُودِي وجِدِّي بملءِ جَفْنِكِ ثُمْـ

ـمَ احْتفِلي بالدُّموعِ وانْكسبي

يا عينُ في كَرْبُلاَ مَقَابِرُ قَدْ

تَرَكْنَ قَلبي مَقَابرَ الكُرَبِ

مَقابرٌ تحتَها مَنابِرُ مِنْ

عِلْمٍ وحِلْمٍ ومَنْظَرٍ عَجَبِ

مِنَ البَهَاليلِ آلِ فاطمةٍ

أَهْلِ المعالي والسّادةِ النُّجُبِ

كَمْ شَرِقَتْ مِنْهُمُ السُّيُوفُ وكَمْ

رُوِّيَتِ الأَرْضُ مِنْ دَمٍ سَرِبِ

نَفْسي فِداءٌ لَكُمْ ومَنْ لَكُمُ

نَفْسي وأُمِّي وأُسْرَتي وأَبي

لا تَبْعَدُوا يا بَني النّبِيِّ على

أَنْ قَد بَعُدْتُمْ والدُّهْرُ ذُو نُوَبِ

يا نَفْسُ لا تَسْأَمِيْ ولا تَضيقِي

وَارْسِي على الخَطْبِ رَسْوَةَ الهُضُبِ

صُوني شُعَاعَ الضَّمير واسْتَشْعِرِي

الصَّبْرَ وحُسْنَ العَزَاءِ واحْتَسِبي

فالخَلْقُ في الأرضِ يَعْجَلُونَ ومَوْ

لاكِ على تَوْأَدٍ ومُرْتَقَبِ

لابُدَّ أَنْ يُحْشَرَ القتيلُ وأَنْ

يُسْأَلَ ذُو قَتْلِهِ عَنِ السّبَبِ

فالوَيْلُ والنّارُ والثُّبُورُ لِمَنْ

قَدْ أَسْلَموهُ لِلْجَمْرِ واللّهَبِ

يا صَفْوَةَ اللهِ في خَلائقه

وأَكْرَمَ الأَعْجَمِينَ والعَربِ

أَنْتُمْ بُدُورُ الهُدَى وأَنْجُمُهُ

وَدَوّحَةُ المَكْرُماتِ والحَسَبِ

وسَاسَةُ الحَوْضِ يَوْمَ لا نَهَلٌ

لِمُورِدِيكُمْ مَوارِدَ العَطَبِ[٨]



المراجع

  1. شوقي ضيف، العصر العباسي الأول، صفحة 309 - 314. بتصرّف.
  2. "امرر على جدث الحسين"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2022.
  3. ابن العديم، كتاب بغية الطلب فى تاريخ حلب، صفحة 3496. بتصرّف.
  4. ^ أ ب شوقي ضيف، العصر العباسي الأول، صفحة 318 - 324. بتصرّف.
  5. "مدارس آيات خلت من تلاوة"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2022.
  6. ابن خلكان، كتاب وفيات الأعيان، صفحة 184. بتصرّف.
  7. ^ أ ب شوقي ضيف، العصر العباسي الأول، صفحة 324 - 325. بتصرّف.
  8. "يا عين لا للغضا ولا الكثب"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2022.
10828 مشاهدة
للأعلى للسفل
×