من هم قوم صالح
ذكر الله قوم ثمود في القرآن الكريم في مواضع عديدة، وقد اشتُهروا عند المؤرخين نظراً لكثرة الآيات الواردة فيهم إضافةً إلى ما كان من بعدهم من الآثار العديدة، وقد وصفهم الله بأنّهم جابوا الصخر بالواد، دلالةً على ما قاموا به من النحت في الصخور حتى بنوا منه مقابرهم وبيوتهم، فأرسل الله لهم سيدنا صالح نبياً لهم.[١]
وقد ابتدأ ظهور الثموديّيون منذ ما قبل القرن الثامن، ولكنّهم عاشوا حياة البداوة البسيطة ممّا جعلهم غير معروفين بالنسبة إلى علماء التاريخ، ثمّ بعد القرن الثامن ظهر الثموديون الذين عاشوا في البريّة، وخرجوا عن حكم ملوكهم.[١]
وذكر علماء التاريخ أنّ قوم ثمود اتّخذوا من وادي القرى الواقع بين الحجاز والشام مسكناً لهم، ورُوي عن النبيّ أنّه مرّ بجيشه ناحية المكان الذي كانوا يسكنونه فنهى أصحابه عن الدخول، ربما تأكيداً على كفرهم، وربما خاف الرسول على أصحابه من أن يكون المشركين قد نصبوا فخاً لهم.[١]
نبي الله صالح ودعوته لقومه
أرسل الله سيدنا صالح -عليه السّلام- إلى ثمود يدعوهم إلى توحيد الله -عزّ وجلّ-، وقدّم لهم ناقةً بناءً على طلبهم وأمرهم ألّا يمسّوها بسوءٍ، قال -تعالى-: (وَإِلى ثَمودَ أَخاهُم صالِحًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ قَد جاءَتكُم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكُم هـذِهِ ناقَةُ اللَّـهِ لَكُم آيَةً فَذَروها تَأكُل في أَرضِ اللَّـهِ وَلا تَمَسّوها بِسوءٍ فَيَأخُذَكُم عَذابٌ أَليمٌ).[٢][٣]
وأخبر صالح قومه أنّ لا يطلب منهم أجراً على دعوته، وإنّما يريد لهم طريق الحق، واستخدم معهم أسلوب الحجة والإقناع، ومع ذلك فقد عاندوه ولم يستجيبوا لأمره واتّهموه بالسحر.[٤]
واجتمع القوم واتّفقوا على أن يطلبوا من نبيهم أن يخرج لهم من الصخرة ناقةً، وعيّنوا الصخرة له ووضعوا للناقة صفات معينة، وتمّ الاتفاق على أنّهم سيؤمنون مع صالح إن حقّق لهم ما يريدون وأخرج الناقة من الصخرة.[٥]
وتوجّه سيدنا صالح يدعو ربّه ويطلب منه أن يُخرج لقومه ناقةً من الصخرة ليؤمنوا بدعوته، فشقّ الله الصخرة وأخرج لهم منها الناقة التي طلبوها، فآمن كثيرٌ منهم وكثيرٌ منهم استمرّوا بكفرهم وطغيانهم، وجعل الله لهذا الناقة يوماً تشرب فيه من عين الماء، ولهم يوماً يشربون فيه، ووعدهم بالعذاب إن أصابوها بسوءٍ.[٥]
عذاب قوم صالح
عاشت الناقة بينهم فترةً من الزمن، تشرب الماء وتأكل المرعى، وبعد فترةٍ من الزمن قرّر القوم أن يقتلوها،[٦] فأتوا بها وقطعوا أرجلها ثم نحروها، فتوعدهم صالح بالعذاب بعد ثلاثة أيام.[٧]
وما هي إلّا ثلاثة أيام حتى أنزل الله بهم صيحةً من السماء أهلكتهم جميعاً، وسوّتهم بالأرض، وجعل مساكنهم كأن لم يكن بها أحد، ونجّى الله صالحاً والذين آمنوا معه،[٧] قال -تعالى-: (فَعَقَرُوا النّاقَةَ وَعَتَوا عَن أَمرِ رَبِّهِم وَقالوا يا صالِحُ ائتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ المُرسَلينَ*فَأَخَذَتهُمُ الرَّجفَةُ فَأَصبَحوا في دارِهِم جاثِمينَ).[٨][٩]
المراجع
- ^ أ ب ت عبد العزيز صالح ، تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة، مصر :مكتبة الأنجلو المصرية ، صفحة 139. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف ، آية:73
- ↑ محمد أبو زهرة (1425)، خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم، القاهرة :دار الفكر العربي، صفحة 33، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ حمود الرحيلي (2004)، منهج القرآن الكريم في دعوة المشركين إلى الإسلام (الطبعة 1)، المدينة المنورة :عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 191، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب حمود الرحيلي (2004)، منهج القرآن الكريم في دعوة المشركين إلى الإسلام (الطبعة 1)، المدينة المنورة :عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 191-192، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق :دار الفكر المعاصر، صفحة 202، جزء 19. بتصرّف.
- ^ أ ب إبراهيم القطان ، تيسير التفسير، صفحة 227، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف ، آية:77-78
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1993)، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة 1)، مصر :الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، صفحة 1461، جزء 3.