من هم قوم لوط

كتابة:
من هم قوم لوط

من هم قوم لوط؟

قوم لوط هم أهل قرى سدوم الذين عاش سيّدنا لوط -عليه السّلام- بينهم، واتّخذ من سكنهم مسكناً له، وتحدّث بلغتهم، وقد عبد قوم لوط الكثير من الآلهة، لكنّهم افتعلوا مع ذلك معصيةً عظيمة تخالف الفطرة التي فطر الله الإنسان عليها، ورغم أنّ الله أنعم عليهم بالنّعم العظيمة، إلّا أنّهم لم يُعطوا هذه النّعم حقّها، فقد كان الرّجل يأتي الرّجل، ووصفهم الله في كتابه فقال: (وَلوطًا آتَيناهُ حُكمًا وَعِلمًا وَنَجَّيناهُ مِنَ القَريَةِ الَّتي كانَت تَعمَلُ الخَبائِثَ إِنَّهُم كانوا قَومَ سَوءٍ فاسِقينَ).[١][٢]


ولم تكن المعصية متعلّقة بجماعةٍ معيّنة منهم، بل شملتهم جميعاً، كما أنّهم جهروا بفعلتها دون سترٍ أو حياء،[٢] وهذه المعصية لم يسبقهم بها أحداً من العالمين،[٣] وقُرى قوم لوط تشتمل على أربعة مدائن؛ سدوم، وأموراء، وعاموراء، وصبويراء،[٤] وتقع قرى سدوم في الأردن، وقيل إنّ البحر الميت الآن يقع مكانهم، وسُمّي قوم لوط بهذا الاسم نسبةً للنبي الذي أرسله الله إليهم، قال -تعالى-: (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ)،[٥][٦] وفي موضعٍ آخر من القرآن ذكرهم الله بإخوان لوط.[٧]


نبوة لوط عليه السلام

دعوة لوط عليه السلام لقومه

سكن لوط -عليه السّلام- سدوم بعد عودته من بلاد الشام مع عمّه إبراهيم -عليه السّلام-، ولمّا بلغ من العمر أربعين عاماً أرسله الله إلى قوم لوط كي يدعوهم إلى توحيد الله ويخلّصهم من الفاحشة التي يرتكبونها، وكانت له ابنتان آمنتا به واتّبعتا رسالته، أمّا زوجته فلم تؤمن به، قال -تعالى-: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ* إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ*وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ).[٨][٩]


فلم يؤمنوا بهذه الدّعوة وكذّبوه، ثمّ هدّدوه بالطّرد من بينهم، لكنّ ذلك التّهديد لم يوقف لوط ولم يمنعه من الاستمرار في دعوته، وضلّ يُذكّرهم أنّ الفاحشة التي يأتونها قد أضلّت عقولهم وحرفت طريقهم عن الصّواب، وأن ذلك يعدّ عدواناً وظلماً وإسرافاً، وبيّن لهم ما يؤدي به ذلك الفعل من العواقب الوخيمة، لكنهم قالوا له: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّـهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).[١٠][٩]


وقبل أن يُهلكهم الله أراد أن يمتحنهم، فأرسل لسيّدنا لوط ملائكة بهيئة رجال حسان، فخاف لوط -عليه السّلام- لعدم قدرته من منع قومه عنهم، وأسرعت زوجته تخبرهم بمجيء رجالٍ عنده، فأقبل القوم فعرض عليهم لوط أن يزوّجهم بناته بطريقة شرعيّة، لكنّهم استهزؤوا بذلك، فأخبرته الملائكة أنّهم إنّما جاؤوا لإهلاك قوم لوط.[٩]


عقاب الله لقوم لوط

دعا لوط على قومه بالهلاك بعدما يئس من استجابتهم لدعوته، فقال: (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ)،[١١]فاستجاب الله لدعائه ودمّر قريتهم على رؤوسهم، قال -تعالى-: (جَعَلنا عالِيَها سافِلَها وَأَمطَرنا عَلَيها حِجارَةً مِن سِجّيلٍ مَنضودٍ*مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ).[١٢][١٣]


وكان الجزاء من جنس العمل، فكما غيّروا فطرة الله وقلبوها؛ قلب الله عليهم قريتهم وجعل عاليها سافلها،[١٤] وأمطر عليهم حجارة من السّماء أهلكتهم،[١٥] وقيل إنّ أحدهم يكون بين النّاس فيقع عليه حجراً من السّماء فيهلكه، حتى لم يبقَ منهم أحداً، وفي رواية عن قتادة أنّ جبريل نشر جناحه حتى عمّهم جميعاً، ورفعهم إلى السّماء حتى سمع أهل السّماء نواحهم، ثمّ ألقى بهم إلى الأرض وألقى عليهم حجارة من سجّيل.[١٦]


المراجع

  1. سورة الأنبياء ، آية:74
  2. ^ أ ب أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرسالة ، صفحة 147-148. بتصرّف.
  3. محمد مكي الناصري (1985)، التيسير في أحاديث التفسير (الطبعة 1)، بيروت :دار الغرب الإسلامي، صفحة 92، جزء 6. بتصرّف.
  4. ابن منظور (1984)، مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر (الطبعة 1)، دمشق :دار الفكر، صفحة 237، جزء 21. بتصرّف.
  5. سورة الشعراء ، آية:160
  6. مجموعة من المؤلفين ، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1413. بتصرّف.
  7. ابن عاشور (1984)، التحرير والتنوير، تونس :الدار التونسية ، صفحة 295، جزء 26. بتصرّف.
  8. سورة الشعراء ، آية:161-164
  9. ^ أ ب ت أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرسالة، صفحة 149-152. بتصرّف.
  10. سورة العنكبوت ، آية:29
  11. سورة العنكبوت ، آية:30
  12. سورة هود ، آية:82-83
  13. محمد المكي الناصري (1985)، التيسير في أحاديث التفسير (الطبعة 1)، بيروت :دار الغرب الإسلامي، صفحة 92، جزء 6. بتصرّف.
  14. أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة 1)، بيروت :مؤسسة الرسالة ، صفحة 148. بتصرّف.
  15. وهبة الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق :دار الفكر المعاصر، صفحة 69، جزء 19. بتصرّف.
  16. إسماعيل بن كثير (1999)، تفسير القرآن العظيم (الطبعة 2)، الرياض:دار طيبة، صفحة 341، جزء 4. بتصرّف.
4209 مشاهدة
للأعلى للسفل
×