من هم يهود خيبر

كتابة:
من هم يهود خيبر

من هم يهود خيبر

سكن الجزيرة العربية العديد من قبائل اليهود، من بينهم يهود خيبر الذين يعود نسلهم إلى يهونا داب بن ركاب كما ذكر في التّوراة عندهم، وقد هاجروا إلى خيبر في المدينة المنورة بعد خراب الهيكل الأول عام خمسمئة وستة وثمانين، وظلّوا فيها إلى عهد الخليفة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-.[١]


تشتهر المنطقة التي يسكنون فيها بكثرة الماء وغزارته، ما جعلهم يشتغلون بالزّراعة وخاصّة زراعة النّخيل والحبوب، كما اشتهرت هذه المنطقة بالحمى لمن يدخلها، فكانت تنسب الحمى إليهم، وقد قام يهود خيبر عندما وصلوها ببناء حصون وقلاع لحمايتهم، وقيل إنّهم بنوا سبعة حصون.[٢]


أمّا سبب تسميتهم بهذا الاسم فقد تعدّدت روايات المؤرّخين في ذلك، فقيل نسبة إلى رجل يسمّى خيبر كان أوّل شخص نزلها فنسب المكان إليه، وقيل إنّ كلمة خيبر كلمة أصلها عبري تعني الحصن، ويقال إنّ معناها الجماعة والطّائفة.[٢]


موقف يهود خيبر من دعوة الإسلام

لم يعتنق يهود بني خيبر الإسلام، مع أنّهم يعلمون ويعرفون بشأن دين الإسلام، فقد جاء في كتبهم إشارة إلى نبوّة محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-، قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).[٣][٤]


ومع ذلك لم يذكر المؤرّخون في السيرة النّبوية موقفاً عدائياً ليهود بني خيبر من دعوة الإسلام، فلم يكونوا مثل يهود يثرب الذين تواطئوا مع كفّار قريش على صدّ الدّعوة الإسلامية، بل ظهر يهود خيبر على الحياد من هذه الدّعوة، وظلّ موقفهم كذلك حتّى بعد هجرة النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه إلى المدينة المنوّرة، ومع أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- حارب بعض قبائل اليهود وأجلاهم، إلّا أنّهم استمروا في موقفهم الحياديّ.[٥]


غير أنّه تغيّر الحال عندما لجأ إليهم بعض قبائل اليهود الذين أجلاهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من يهود بني النّضير وقريظة؛ من بينهم حيي بن أخطب وسلام بن الحقيق،[٥] فجعلوا ينشرون الفساد في يهود بني النّضير ويزرعون الفتنة بين ظهرانيهم للكيد بالإسلام، فأراد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- معاقبتهم على ذلك فقام بغزوهم، ولكنّه كان رحيماً بهم؛ بسبب مواقفهم السّابقة، فلم يقم بطردهم بل اكتفى بتأديبهم بأخذ نصف ثمارهم.[٦]


حرب النبي عليه الصلاة والسلام مع يهود خيبر

بعد أن انتهى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من حرب بعض القبائل اليهودية المحيطة وطردهم من المدينة، كان لا بدّ من تنظيف المدينة المنوّرة من كل ما يهدد أمن المسلمين، وكان يهود خيبر قد تحالفوا مع كفّار قريش في غزوة الخندق، وحزّبوا الأحزاب، ووضعوا خطّة مع قريش لدخولهم من جهتهم لتطويق المسلمين، وهم الذين حاولوا اغتيال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-، فقررّ غزوهم ليلاً وحاصرهم دون علمهم.[٧]


ولكنّهم كانوا في حصون منيعة، ومع ذلك استمات المسلمون في الدّفاع والقتال،[٧]إلى أن خرج زعماؤهم وطلبوا الاستسلام، وخرجوا من بيوتهم بثيابهم فقط، وغنم المسلمون منهم غنائم كثيرة، إلّا أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أبقى المزارعون فيها على أن يتم إعطاء نصف ما تُحصِّل الأرض للمسلمين.[٨]


إجلاء يهود خيبر في عهد خلافة عمر بن الخطاب

نقض يهود خيبر العهد في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقتلوا واحداً من المسلمين يُسمّى مُظْهر، فخرج عمر بن الخطّاب لنصرته وقتالهم،[٩] وقد أراد أن يجعل المدينة خالية من أيّ ملة غير ملّة الإسلام، تحقيقاً لحديث رسول الله -عليه الصلاة والسّلام-: (لا يُترَكُ بجزيرةِ العربِ دينانِ)،[١٠] كما أنّه لم يعد المسلمون بحاجة لمزارعيهم، وقد تعلّم منهم الكثير هذه المهنة، فقام عمر بن الخطّاب بإجلائهم من المدينة المنورة.[١١]


المراجع

  1. محمد مهران، دراسات في تاريخ العرب القديم (الطبعة 2)، صفحة 404. بتصرّف.
  2. ^ أ ب محمد جواد (2001)، المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام (الطبعة 4)، صفحة 101-103، جزء 12. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:146
  4. فاضل رضوان، موقف يهود خيبر وشمال الحجاز من الدولة الإسلامية إلى إجلائهم في عهد عمر رضي الله عنه، صفحة 58-59. بتصرّف.
  5. ^ أ ب راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 15. بتصرّف.
  6. عبد الشافى عبد اللطيف، السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي (الطبعة 1)، القاهرة:دار السلام، صفحة 77-78. بتصرّف.
  7. ^ أ ب محمود خطاب (1422)، الرسول القائد (الطبعة 6)، بيروت:دار الفكر، صفحة 293-297. بتصرّف.
  8. أحمد غلوش (2004)، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني (الطبعة 1)، صفحة 538. بتصرّف.
  9. سبط ابن الجوزي (2013)، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (الطبعة 1)، دمشق:دار الرسالة العالمية، صفحة 104، جزء 9. بتصرّف.
  10. رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1650، حسن.
  11. أكرم العمري (2009)، عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين (الطبعة 1)، الرياض:مكتبة العبيكان، صفحة 226، جزء 1. بتصرّف.
4841 مشاهدة
للأعلى للسفل
×