الابتلاء
اقتضت حكمةُ الله -عزَّ وجلَّ- أن يوقع البلاء على خلقه؛ وذلك لاختبارهم وتمحيص ذنوبهم ولتمييز الصادق من الكاذب،[١] ودليل ذلك قول الله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ}،[٢] وإنَّ من الابتلاءات التي تقع على الإنسان ابتلاء اليُتم، فيعيش هذا الابتلاء ويعاني من آثاره،[٣] وسيتم تخصيص هذا المقال للإجابة على سؤال من هو اليتيم، ثمَّ ذكر بعض فضائل الإحسان إلى اليتيم كما سيتم الحديث عن حكم أكل مال اليتيم.
من هو اليتيم
إنَّ اليتيم في الاصطلاح الشرعيّْ هو: من مات عنه أبوه قبل سنِّ البلوغ، ويستمرُّ وصف اليتيم لمن فقد أباه، حتى يصل إلى سنِّ البلوغ فمتى وصل انقطع عنه وصف اليُتم،[٤] ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُتْمَ بعدَ احتِلامٍ"،[٥] وقد حثَّ الشرع وندب الإحسان إلى اليتيم وحذّر من إهانته،[٦] حيث قال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ}،[٧] وذلك لأنَّ اليُتم في حياة الطفل أمرٌ عظيم يستوجب الشفقة والرحمة به،[٨] وفيما يأتي بعض فضائل الإحسان إلى اليتيم:[٦]
- الإحسان إلى اليتيم وإكرامه سبيل للفوز بالجنَّة، ودليل ذلك قول الله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا* إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا* فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا* وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا}.[٩]
- الإحسان إلى اليتيم وكفالته سبب لمرافقة النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في الجنَّة، ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ كَهاتين، وأشارَ بأصبُعَيْهِ يعني: السَّبَّابةَ والوسطى".[١٠]
- الإحسان إلى اليتيم والعطف عليه سبب لعلاج قسوة القلب، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنْ أردتَ أنْ يَلينَ قلبُكَ، فأطعِمْ المسكينَ، وامسحْ رأسَ اليتيمِ".[١١]
حكم أكل مال اليتيم
نهى الله -عزَّ وجلَّ- عن أكل مال اليتيم وأكَّد على هذا النهي، حيث قال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}،[١٢] وقال الله -تعالى- أيضًا: {وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ ۖ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ۖ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا}،[١٣] والمراد بأكل أموال اليتيم بأيِّ طريقة سواء أكان ذلك بإتلافه أو بأكله وضمِّه إلى ماله، وفيما يأتي بعض عواقب أكل مال اليتيم بغير حقّ:[١٤]
- إنَّ مال اليتيم الذي يأكلونه ظلمًا سيتأجج نارًا في بطونهم يوم القيامة، ودليل ذلك قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}.[١٥]
- جعل الله -عزَّ وجلَّ- أكل مال اليتيم من السبع الموبقات، ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ وما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ".[١٦]
المراجع
- ↑ "نعمة الابتلاء"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-2-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة العنكبوت، آية: 2.
- ↑ "كيف يفكر اليتيم"، www.saffar.org، اطّلع عليه بتاريخ 15-2-2020. بتصرّف.
- ↑ "الفرق بين اليتيم واللطيم"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-2-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 2873، حديث صالح.
- ^ أ ب "الإسلام وإكرام اليتيم "، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-2-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الضحى، آية: 9.
- ↑ "اليُتم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-2-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الإنسان، آية: 8-12.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 1918، حديث صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1410، حديث حسن.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 152.
- ↑ سورة النساء، آية: 2.
- ↑ "عقوبة آكل مال اليتيم"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-2-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 10.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2766، حديث صحيح.