أنبياء الله
أنبياء الله هم صفوة الخلق الذين اختارهم -سبحانه- ليبلّغوا رسالاته وينذروا عباده، وصفاتهم هي أكمل الصفات وأفضلها فإنّهم بشر لا يملكون صفاتٍ ربوبية ولكنّهم خير البشر إيمانًا وعبادةً وأخلاقًا، وقد وصف الله -عزّ وجلّ- رسوله محمد بأنّه الرحمة المهداة إلى هذه البشرية؛ حيث قال -تعالى- في سورة الأنبياء: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}،[١] وللأنبياء الكثير من المحامد والفضائل فهم أكمل البشر عقولًا وأطهرهم قلوبًا، وأحسنهم صورةً وأشدّهم ذكاءً وفهمًا، وهم مُختصّون الخصائص تميّزهم عن بقيّة الخلق؛ وقد استحقوا بجميل صفاتهم وتحملّهم رسالة ربّهم وتبليغها إلى خلقه جزيل الثناء وأكمله ولهم -عليهم السلام- الكثير من المنازل والدرجات العليا ومنها مرتبة خلّة الله العظيم، وسيكون هذا المقال للتعريف بخليل الله.[٢]
من هو خليل الله
إنّ الخلّة هي المحبة التي تخلّلت روح المحبوب فلم يبقَ لغيره مكانٌ فيه؛ وقد اشتهر على ألسنة الناس عند سؤالهم من هو خليل الله، بأن يجيبوا أنّ النبي إبراهيم هو خليل الله؛ وهذا صحيح ولكنّ النبي محمد يُشارك النبي إبراهيم في هذه المنزلة الرفيعة؛ وهي خُلّة الله عزّ وجلّ، والدليل ما ورد عن جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه قال: "سَمِعْتُ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- قَبْلَ أنْ يَمُوتَ بخَمْسٍ، وهو يقولُ: إنِّي أبْرَأُ إلى اللهِ أنْ يَكونَ لي مِنكُم خَلِيلٌ، فإنَّ اللهِ تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلًا، كما اتَّخَذَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا مِن أُمَّتي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أبَا بَكْرٍ خَلِيلًا"،[٣] وفي هذا الحديث إجابةٌ وافية عن سؤال من هو خليل الله.[٤]
وقد استحقّ النبي إبراهيم والنبي محمّد -عليهما السلام- هذه المرتبة العالية من مراتب المحبة الربّانيّة؛ بما حملاه من جميل الصفات وعظيم الأفعال، كما ثبتت الخلّة للنبي إبراهيم في القرآن الكريم وذلك في قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}،[٥] وقد ناقش علماء التفسير سبب اصطفاء الله إبراهيم بهذا المقام الرفيع؛ فقال ابن كثير رحمه الله: "وإنما سُمّي خليل الله: لشدة محبة ربه -عَزَّ وجَلَّ- له؛ لما قام له من الطاعة التي يحبها ويرضاها"، ومن الصفات التي تميّز بها النبي إبراهيم وكانت سببًا في استحقاقه هذه الدرجة أنّه قانت لله، كثير التضرّع وملتزم بالشرع المستقيم وملبيًّا للأمر الإلهي مهما كان صعبًا، وفي امتثاله لأمر ربّه في قصة ذبح ابنه إسماعيل وافتداء الله له كبير دليل على ما تقدّم.[٤]
مراتب المحبة
اعتنى العلماء ببيان مراتب المحبّة ودرجاتها ومرتبة الخُلّة هي أعلى مرتبة من مراتب المحبّة التي أوصلها ابن القيّم -رحمه الله- إلى عشرة مراتب وهذه هي مرتبة الخليلان إبراهيم ومحمد -عليهما السلام- وفيما يأتي بيان لبقيّة مراتب المحبّة:[٦]
- العلاقة: وهي تعلّق القلب بالمحبوب
- الإرادة: ومعناها ميل القلب نحو المحبوب.
- الصبابة: وهي انصباب القلب واندفاعه إلى المحبوب.
- الغرام: ومعناه ملازمة الحب للقلب وعدم مفارقته.
- الوداد: وهو صفو المحبّة.
- الشغف: وهو وصول الحب إلى داخل القلب وغشائه المُسمّى بشغاف القلب.
- العشق: ويعني الحب المُفرط.
- التتيّم: وهو التعبّد والتذلّل.
- التعبّد: وهو امتلاك المحبوب للمُحِب ظاهرًا وباطنًا بشكلٍ كامل؛ وهذه هي حقيقة العبودية.
المراجع
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 107.
- ↑ "كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-01-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جندب بن عبدالله، الصفحة أو الرقم: 532، حديث صحيح.
- ^ أ ب "صفات إبراهيم عليه السلام التي استحق من أجلها أن يكون خليل الرحمن"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 20-01-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 125.
- ↑ "مراتب المحبَّة"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-01-2020. بتصرّف.