سيد الخزرج
سيد الخزرج هو سعد بن عبادة بن دليم بن كعب بن الخزرج الأنصاري، كنيتُه أبو ثابت وأبو قيس، وقد كان يَعرف الكتابة والسباحة ورمي السهام، فسمّوه بالكامل لذلك السبب، وأسلم مع النّفر السبعين من الأنصار في بيعة العقبة، وكان البيّ المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يحرص على تعليمه ووعظه وتربيته، ولسعد بن عبادة -رضي الله عنه- العديد من الصفات، منها ما يأتي:[١]
- كان ثابتاً على رأيه ومبادئه.
- قال فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (جزى اللهُ الأنصارَ عنا خيرًا، و لا سيما عبدَ اللهِ بنَ عمرو بنَ حرامٍ و سعدَ بنَ عبادةَ).[٢]
- كان غيورًا؛ فكان لا ينكح إلّا بكرًا، وكان إذا طلّق امرأة لا يجرؤ رجلٌ من قومه على الزواج بها.
- كان سعد بن عبادة -رضي الله عنه- جواداً كريماً، فهو ابن عبادة بن دليم بن حارثة المعروف والمشهور بذلك أيضاً، ومما يدل على كرمه ما قيل عنه واشتُهر بين الناس، فقالوا: "كانت جفنة سعد تدور مع النبي صلى اله عليه وسلم في بيوته جميعا"، وقالوا أيضاً: "كان الرجل من الأنصار ينطلق إلى داره بالواحد من المهاجرين، أو بالاثنين، أو بالثلاثة، وكان سعد بن عبادة ينطلق بالثمانين".[٣]
وكان سعد بن عبادة -رضي الله عنه- ممّن شهد البيعة وبايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرّا رغم أنّ قريش تُعذّب كلّ من علِمت أنّه أيّد رسول الله ونصره وبايعه،[٤] وسيأتي لاحقاً في المقال بيان تعذيب قريش له بعد أن أمسكوه وعلموا ببيعته للرسول.
يتلخّص مما سبق أن بيعة العقبة لم تكن بالأمر الهين على الصحابة، فقد واجهوا ما واجهوا من تعذيب قريش لمّا عرفوا من بايع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان سعد بن عبادة من الأشخاص الذين نالهم جزء من تعذيب قريش.
تعذيب قريش لسعد بن عبادة
عندما علمت قريش أنّ البعيعة قد تمّت، لاحقت المسلمون الذين كانوا يتهيّؤون للسفر، ولم يكن التعذيب هذه المرة لأي رجل، بل كان لسيدٍ من سادات الخزرج، فقد أمسكوا بسعد -رضي الله عنه- ونال نصيبه من العذاب، فأخذوه مربّطين يديه إلى عنقه، وساروا به إلى مكة، واجتمعوا حوله يضربنه بشدّة، ويُنزلون به أشدّ العذاب.[٥]
أمسكت قريش بسعد بن عبادة -رضي الله عنه-، ووعذّبوه وضربوه، وكان جبير بن مطعم بن عدي والحارث بن حرب بن أمية ممّن رأى ذلك الموقف؛ أي تعذيب سعد، وكان سعد بن عبادة -رضي الله عنه- يحمي لهم قوافلهم فيما سبق عندما تمرّ بالمدينة المنورة، فأجاروه بسبب ذلك من قريش، ورجع سعد بن عبادة -رضي الله عنه- إلى قافلة الأنصار.[٦]
يتلخّص مما سبق أن جِوار سعد بن عبادة لجبير بن مطعم والحارث بن حرب هو الذي جعلهم يخلّصانه من عذاب قريش، وأن قريش كانت تنزل أشد العذاب لمن يناصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان سعد بن عبادة ممن أمسكت به قريش، فربطوه وذهبوا به إلى مكة واحتشدوا حوله يضربونه وينزلون به أشد العذاب إلى أن خلّصه جبير ومطعم.
موقف سعد بن عبادة في غزوة بدر
تعدّدت الرويات في مشاركة سيد الخزرج في معركة بدر أم لا، فقيل إنه لم يشارك فيها، حيث قال ابن حجر -رحمه الله-: "سعد بن عبادة لم يشهد بدرا وإن كان يعد فيهم لكونه ممن ضرب له بسهمه"، وقال ابن حجر إن المقصود هو سعد بن معاذ -رضي الله عنه-،[٧] وقيل إنّه شهدها، فلمّا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستشير أصحابه في الخروج من المدينة لاعتراض المشركين؛ قام سعد -رضي الله عنه- فقال: "يا نبي الله! لكأنك تعرض بنا اليوم لتعلم ما في نفوسنا، والذي نفسي بيده لو ضربت أكبادها حتى برك الغماد من ذي يمن لكنا معك".[٨]
وقد كان موقفه -رضي الله عنه- في غزوة بدر شجاعاً، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه موقفه وحكمته، فعن أنس -رضي الله عنه-: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ فَأَعْرَضَ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا الْبِحَارَ لَأَخَضْنَاهَا، وَلَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ).[٩]
وفاة سعد بن عبادة
تُوفّي سعد بن عبادة -رضي الله عنه- سيد الخزرج في السنة الرابعة عشر من الهجرة،[١٠] وقد توفّاه الله في حوران بأرض الشام، فقد أورد الذهبي في كتابه عن أبي رجاء قال: "قُتِلَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ بِالشَّامِ".[١١]
المراجع
- ↑ "سعد بن عبادة"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:461، صحيح.
- ↑ خالد محمد خالد، رجال حول الرسول، صفحة 375.
- ↑ راغب السرجاني، كتاب السيرة النبوية، صفحة 12.
- ↑ خالد محمد خالد ، رجال حول الرسول، صفحة 374.
- ↑ راغب السرجاني، كتاب السيرة النبوية، صفحة 12.
- ↑ موسى شاهين لاشين (2002)، فتح المنعم شرح صحيح مسلم (الطبعة 1)، صفحة 247، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ نبيل البصارة، أنيس الساري (تخريج أحاديث فتح الباري)، صفحة 986، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1779، صحيح.
- ↑ لا يوجد اسم (8/11/2020)، "الصحابي سعد بن عبادة"، مكتبة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 1/9/2021.
- ↑ شمس الدين الذهبي، كتاب سير أعلام النبلاء ط الرالة، صفحة 278.