من هو شهيد الشهداء

النبي محمد شهيد الشّهداء

شهيد الشُّهداء هو بلا شكٍّ النَّبيِّ محمَّد بن عبد الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وهو شهيدٌ وشاهدٌ، وإنَّ وصف الشَّهادة وتلقيبه به جاء في كتاب الله -تعالى- في مواضع مختلفة منها ما يأتي:

• قول الله -تعالى-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)،^[١] أي أنَّه هو الذي يزكِّي أمَّته ويشهد على عدالتهم يوم يسأل الله -تعالى- يوم القيامة الأمم عن تبليغ الرُّسُل والأنبياء لهم، فتشهد أمَّة محمَّد بصدقه وتبليغه الرِّسالة،^[٢] ومعنى أن يكون النَّبيُّ شهيداً على هذه الأمَّة:
  • أي أنَّه يشهد أمام الله -تعالى- بأنَّ هذه الأمَّة المحمَّديَّة قد آمنت به وصدَّقته واتَّبعت النُّور الذي جاء به، وأنَّهم قد امتثلوا لأمر وفعلوا ما طُلب منهم، ويشهد أمام الله -تعالى- للمؤمنين على إيمانهم.^[٣]
  • أنَّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- هو المثل الأعلى في الوسطيَّة والاعتدال، فمن اتَّبع دين الله كما جاء به محمّد والتزم بشريعته حُكم بها وشهدت أعماله عليه، ومن حاد عن شريعته كانت حجَّةً عليه.^[٤]
• قول الله -تعالى-: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)،^[٥] والمراد بقول الله شاهداً أي أنّ محمّداً سيكون يوم القيامة يشهد على أحوال أمَّته، ويبشِّر المؤمن منهم بالجنَّة، ومنذراً للكفرة والعصاة بنار جهنَّم.^[٦]

من هو الشهيد؟

الشَّهيد هو لفظٌ مشتقٌّ من شَهِدَ، وهو يعني لغةً حضر أو علم ما لم يظهر علمه، وفي اصطلاح العلماء الشَّهيد؛ هو من قُتل أو مات في سبيل الله دفاعاً عن الإسلام ولمقاتلة الكفَّار، وسمِّي المقتول في سبيل الله شهيداً؛ وذلك لأنَّ الله -تعالى- وملائكته يشهدون له بدخول الجنَّة لعظم صنيعه، وقيل أنَّه سمِّي شهيداً؛ لأنَّ الشَّهيد يطَّلع على أعمال النَّاس ومنازلهم.^[٧]

منازل الشهداء يوم القيامة

إنَّ الشُّهداء لهم عند الله -تعالى- منزلةٌ رفيعةٌ ومكانةٌ عاليةٌ أعدَّها لهم؛ فهم قدَّموا من أجله أسمى ما يملكون وهو أنفسهم فاسترخصوها من أجله، فكانت منزلتهم يوم القيامة كما جاءت في الأحاديث كما يأتي:^[٨]

• يغفر الله -تعالى- ذنوبه مع أوَّل قطرة دمٍ تسيل منه في سبيل الله -تعالى-.
• يرى الشَّهيد مقعده في الجنَّة.
• يُجيره الله -تعالى- ويمنع عنه عذاب القبر.
• يأمن من فزع يوم القيامة، فلا يخاف ولا يضجر.
• يُوضع على رأسه تاج الوقار، وهو تاج لا تساوي الياقوتة الواحدة فيه كلُّ ما في الدُّنيا من نعيمٍ.
• يزوِّجه الله -تعالى- اثنتين وسبعين حوريةً من الحور العين.
• يشفع الشَّهيد لسبعين من أقاربه.

أمّة الإسلام شهيدة على تبليغ الأنبياء

ذُكِرَ في الأحاديث النَّبويَّة الشَّريفة أنَّ النّبي يأتي يوم القيامة ومعه رجالٌ ممَّن آمنوا معه، فيسأله الله -سبحانه وتعالى- عن رسالة أنبيائهم وهل بلَّغها إلى قومه أم لا، فيقول الرَّسول لقد بلَّغت، ويسأل الله -تعالى- أمَّته فيما إذا كان الرَّسول بلغها بالرِّسالة فتنكر أمَّته، فيقال للنَّبي من يشهد لك، فيقول: أمَّة محمّد عليه الصّلاة والسّلام، وبذلك تتميَّز أمَّة محمَّد أنَّها أمَّةٌ عادلةٌ تشهد لجميع الأنبياء والمرسلين بتبليغ انبياء الله جميعهم دين الله -تعالى- لأقوامهم.^[٩]

خلاصة المقال: شهيد الشّهداء هو لقب سمّي به نبيّنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-؛ وذلك لانّه شهيد على أعمال أمّته يوم القيامة، وشاهد عليها، مع أنّ لفظ الشّهيد متعارف عليه لمن يموت في الجهاد دفاعاً عن الإسلام، كما أنّ أمّة محمّد وُصفت بوصف الشّهادة؛ وذلك لأنّهم يشهدون للأنبياء السّابقين بتبليغهم أقوامهم دين الله -تعالى-.

المراجع

1. ↑ سورة البقرة، آية:143
2. ↑ أبو البركات النسفي، مدارك التنزيل وحقائق التأويل، صفحة 137. بتصرّف.
3. ↑ صديق خان، فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 300. بتصرّف.
4. ↑ أحمد المراغي، تفسير المراغي، صفحة 6-7. بتصرّف.
5. ↑ سورة الفتح، آية:8
6. ↑ علي الماوردي، النكت والعيون، صفحة 410. بتصرّف.
7. ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 272. بتصرّف.
8. ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الاسلامية، صفحة 20767-20768. بتصرّف.
9. ↑ فيصل المبارك، توفيق الرحمن في دروس القرآن، صفحة 213. بتصرّف.