محتويات
صفات طرفة بن العبد
ما هي أبرز الصفات التي عُرفت عن طرفة بن العبد؟
يُعدُّ الشاعر طرفة بن العبد من أشهر الشعراء الذين لمع اسمهم في العصر الجاهلي، وكان أحدث شعراء عصره إلّا أنّه أقلهم عمرًا وقد مات والده مُبكّرًا عندما كان طرفة حديث السنّ، فنشأ يتيمًا بلا أب ممّا جعل أعمامه يرفضون إعطاءه ميراثه من ميراث أبيه، ولهذا السبب عاش حياة تملؤها الفقر والبؤس مع أمّه، فرعى الإبل له ولأخيه إلا أنّه كثيرًا ما كان يلهو عنها بنظم الشعر[١]، وممّا يجدر ذكره أنّ طرفة كان في حسب من قومه وله مكانة بينهم، ومن أبرز صفات طرفة بن العبد أنه كان ذكيًا وجريئًا جدًا على هجائهم وهجاء غيرهم وشجاعًا لا يهاب أحد.[٢]
حياة طرفة بن العبد
ما الخلفية التي تشكلت حول حياة طرفة بن العبد؟
لقد عُرف عن طرفة بن العبد أنّه كان أجود فحول العصر الجاهلي شعرًا وأقلهم عمرًا، فقد كانت ولادته في البحرين في بيت عُرف عنه الأصالة في الشعر، فوالده كان شاعرًا وخاله المُلتمس كان شاعرًا أيضًا، وعمّه هو المُرقّش الأصغر، وخال والده المُرقّش الأكبر، وكلاهما شاعران.[٣]
مات والده وهو صغير في السن، ثم كفل أعمامه تربيته، فأهملوه إهمالًا شديدًا وأساؤوا أدبه، كما أخذوا حقّه وحقّ والدته من ميراث أبيه، فاندفع هذا الطفل صغيرًا يلهو على شرب الخمر والتبذير ومولعًا بالحديث والوقوع في أعراض الناس، فأقدم قومه على طرده لذلك، ولقد دعاه حماسه لأن يهجو الملك الذي يُدعى عمرو بن هند، فأضمر له السوء وأمر بقتله وكان عمره لا يتجاوز 26 عامًا، وبذلك انتهت حياة طرفة بن العبد.[٣]
طرفة بن العبد شاعرًا
كيف استطاع طرفة بن العبد أن يصبح شاعرًا مُجيدًا؟
يُعد طرفة بن العبد شاعرًا مُقلًّا، لكنه بلغ من جودة الشعر الذي أنشأه بصغر سنّه ما لم يبلغه شعراء آخرون بكثرة أشعارهم وطول أعمارهم، وقد أجمع مُعظم النّقّاد على أنّ شعر طرفة بن العبد تغلب عليه البداوة، فكثُر في ألفاظه الغريب واتّسم بمتانة تركيبه وقوّته مع بلوغه شيء من الإبهام أحيانًا.[١]
كما تعددّت الأغراض الشعرية التي نظم فيها، فكتب في الحماسة والهجاء والحكمة التي استمدّها من خبرته في حياته القصيرة ومن معاملة أهله له، وغالب الحكمة التي نظم فيها تحدّثت عن الحياة والموت، فرأى أنّ حياة الإنسان فرصة له يجدر به أن يستفيد منها، بالإضافة إلى أنّه أكثر من لوم الأغنياء لأنّهم لا يتمتّعون بأموالهم في حياتهم، ومن أبرز ما نظم طرفة من قصائد هي معلقته الشهيرة التي كانت تفضل كلّ قصيدة أخرى له.[١]
خصائص شعر طرفة بن العبد
ما الصفات التي تميّز بها شعر طرفة بن العبد؟
لقد تميّز شعر طرفة بن العبد بخصائص عديدة، جعلته ينفرد عن باقي الشعراء في عصره، ومن هذه الخصائص ما يأتي:
بناء القصيدة
تكشف المعلقة التي نظمها طرفة بن العبد عن أنّ لغته امتازت بكونها طيّعة لينة بين يديه، يبدع من خلالها في رسم اللوحات والصور الفنية التي يمزج فيها بين الواقع والخيال، كما تحفل قصائده ببنية لغوية ترتقي بلغة شعره، وقد احتوى شعره على الكثير من أساليب النفي والشرط واستخدام الجمل الاسمية التي تدل على الاستمرار والديمومة.[٤]
الأسلوب
يشدد الشاعر طرفة بن العبد على براءته من كافة الذنوب من خلال استخدامه للأسلوب النفسي الصريح والضمني، واللجوء لاستخدام الكثير من الجمل الخبرية؛ حبًا منه في إسناد الصفات الحميدة لنفسه، بالإضافة إلى استخدام أساليب السؤال والحيرة والاستنكار بشكل واضح في شعره.[٤]
الصورة الشعرية
تعدّ الصورة الشعرية من أبرز وسائل الإيحاء والتأثير، كما أنها الوسيلة الأكثر رغبة واستخدامًا لدى طرفة بن العبد، فاعتمد فيها على الاستعارة والكناية والتشبيه، والصورة الشعرية والفنية مثّلت لدى طرفة بن العبد دفقة شعرية هائلة عبر فيها عمّا يجيش في خاطره من أحاسيس.[٤]
الموسيقى
استخدم طرفة بن العبد الموسيقى في شعره بشكل منظم منتبهًا إلى الإيقاع الداخلي والخارجي، وإيقاع الألفاظ والمحسنات البديعية من طباق وجناس، فضلًا عن براعته في انتقاء الوزن والقافية، ومن الأمثلة على ذلك انتظام موسيقى معلقته التي جاءت على البحر الطويل فكان استخدام الموسيقى من أبرز خصائص شعر طرفة بن العبد.[٤]
الأغراض الشعرية في شعر طرفة بن العبد
ما هي أبرز الأغراض الشعرية التي نظم بها طرفة بن العبد؟
- الفخر: يعد الفخر من أبرز الأغراض الشعرية في شعر طرفة بن العبد، فقد كان مقتنعًا جدًّا بحسب قومه ومكانتهم ومجدهم بين العرب، بالإضافة إلى اقتناعه بشجاعته وشهامته ونخوته، فاندفع في الكثير من المناسبات ينظم الشعر يفخر فيه بنفسه وبقبيلته[٤]، ومن أبرز ما قال في الفخر ما يأتي:[٥]
سائِلوا عَنّا الَّذي يَعرِفُنا
- بِقُوانا يَومَ تَحلاقِ اللِمَم
- الهجاء: لقد أجمع كافة الرواة والنقاد على أن طرفة بن العبد كان سليط اللسان جريء الهجاء، كما أجمعوا على أن شدّة استخفافه بالناس كان سببًا لدنوّ أجله، ومن أبرز الأشخاص الذين هجاهم طرفة هو الملك عمرو بن هند الذي لم يتأخر في الانتقام لنفسه وقتل طرفة بسبب الهجاء،[٤] وممّا قاله في الهجاء:[٦]
قَد يورِدُ الظُلمُ المُبَيَّنُ آجِنًا
- مِلحًا يُخالَطُ بِالذُعافِ وَيُقشَبُ
- الحكمة: لم يخلُ شعر طرفة بن العبد من آراء مميزة وخواطر تقترب نحو الحكمة، وهي إذا كانت تدلّ على شيء فإنّها تدلّ على ذكائه وثقوب ذهنه واندفاع فكره وحدّته، وحكمته بمجملها تُشكّل نظرة تميل إلى الفلسفة وبسيطة تقترب إلى السذاجة أحيانًا،[٤] وممّا قال في الحكمة:[٧]
وَإِنَّ لِسانَ المَرءِ ما لَم تَكُن لَهُ
- حَصاةٌ عَلى عَوراتِهِ لَدَليلُ
- الوصف: كانت معلقة طرفة بن العبد وحدها تشكّل دليلًا كافة للدلالة على براعة طرفة في الوصف، فوصف الناقة مستخدمًا الغريب من الألفاظ، كما وصف الصحراء والفرس والمجالس الخاصة بالشراب، حتى الأطلال لم يغفل وصفها في شعره،[٤] فيقول في وصفها:[٨]
أَتَعرِفُ رَسمَ الدارِ قَفرًا مَنازِلُه
- كَجَفنِ اليَمانِ زَخرَفَ الوَشيَ ماثِلُه
- الغزل: تغزّل طرفة في معلقته وكافة شعره بخولة، ومهما يكن من الأمر، فإن المعاني التي اختارها طرفة في شعر الغزل كانت قليلة وبدائية، كما لاحظه القدماء من أن طرفة بن العبد لا يحسن العشق،[٤] وممّا يقول في الغزل:[٩]
لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ
- تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ
آراء النقاد في طرفة بن العبد
ما هي أبرز الآراء التي وُجهّت لطرفة بن العبد؟
- ابن سلّام الجمحي: لقد جعله ابن سلام الجمحي في الطبقة الرابعة من كتابه طبقات شعراء الجاهلية إلى جانب كلّ من عبيد بن الأبرص وعدي ابن زبدة، كما قال عنه: "وهو أشعار الناس واحدة" وكان هذا الرأي من أبرز آراء النقاد في طرفة بن العبد.[٤]
- ابن قتيبة: قال عنه: "هو أجود الشعراء قصیدة له بعد المعلقة شعر حسن ولیس عند الرواة من شعر ه وشعر عبید إلا القلیل".[٤]
- عبد القادر البغدادي: جعل طرفة بن العبد في الطبقة الثانية متعارضًا بذلك مع ابن سلام الجمحي.[٤]
- عتبة بن زيد العابدي: كغيره من النقاد قال عن طرفة بن العبد: "فأما طرفة فأشعرهم واحدة".[٤]
- محمد بن أبي الخطاب: ، قال عن طرفة: "هو أشعرهم إذ بلغ وجداته سنة ما بلغ القوم في طول أعمارهم، وإنما بلغ نیّفًا وعشرین سنة".[٤]
- ابن دريد: قال عن طرفة بن العبد: "هو أشعرهم إذا بلغ بحداثة سنِّه ما بلغ القوم في طوال أعمارهم، فخب وركض معهم".[٤]
لقراءة أشعار طرفة بن العبد، انظر هنا: شعر طرفة بن العبد في الحب.
المراجع
- ^ أ ب ت عمر فروخ، تاريخ الأدب العربي، صفحة 136. بتصرّف.
- ↑ ابن قتيبة، الشعر والشعراء، صفحة 185. بتصرّف.
- ^ أ ب بحث جامعي، ترجمة طرفة بن العبد، صفحة 13 14. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض بحث جامعي، الصفات الإنسانية في المعلقات الشعرية، صفحة 38. بتصرّف.
- ↑ "سائِلوا عَنّا الَّذي يَعرِفُنا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/03/2021م.
- ↑ "ما تَنظُرونَ بِحَقِّ وَردَةَ فيكُمُ"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/03/2021م.
- ↑ "لِهِندٍ بِحِزّانِ الشَريفِ طُلولُ"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/03/2021م.
- ↑ "أَتَعرِفُ رَسمَ الدارِ قَفراً مَنازِلُه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/03/2021م.
- ↑ "لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 11/03/2021م.