محتويات
عمرو بن كلثوم
هو أبو الأسود عَمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب التغلبي، شعرٌ جاهلي عُرف بشعره القوي وبفروسيّته، وهو صاحب إحدى المعلّقات، وأحدُ فٌتّاك العرب وأسيادها الأكابر، قَتل عمرو بن هند ملكَ الحيرة، وأخوه هو مُرّة بن كلثوم هو الذي قتل المنذر بن النّعمان،[١] وأمّه ليلى بنت المهلهلِ أخي كٌلَيب.[٢]
حياة عمرو بن كلثوم
لم تُعرف سنة ولا مكان ميلاد عمرو بن كلثوم بالتحديد، إنّما عُرف زمانه بزمان معاصريه كعمرو بن هند، وقيل أنّه ولد في سنة (525) للميلاد في شمال الجزيرة العربية، ولد لأب وأمّ شريفي النّسب، فأبوه هو عدي بن زيد، فارسٌ ذاعَ صيته في حرب "بكر وتغلب" وشاعرٌ سادَ قومَه، وأمّه ليلى بنت المهلهل أخيكٌلَيب بن ربيعة التّغلبيّ،[٣] وقيل اسمها أسماء،[٤] وقبيلته تغلب من أقوى وأعظم القبائل العربيّة إن لم تكن أقواها.[٣]
وعمرو بن كلثوم شاعر كبير من فحول شعراء العرب وأبرعهم، وقد عاش حياته في كنف قومه تغلب، ففيهم كان مرباه، ولأجلهم كان غزوه وشعره، وكان سيّدًا فيهم يشار إليه بالبنان،[٣] ولمّا حملت أمّ عمرو به سمعت في منامها منادٍ يقول:[٥]
يا لك ليلى من ولَدْ
- يُقدم إقدام الأسَدْ
من جشم، فيه العدَدْ
- أقول قولًا لا فنَدْ
والغالب في ابن كلثوم أنّه نصرانيّ،[٦] وتوفّي سنة (600) للميلاد أي ما يقارب السّنة (52) قبل الهجرة النّبويّة، وكان عمره يوم مات مئةً وخمسين سنة فعٌدّ من معمّري العرب،[٧] وقيل أنه لما حانت وفاته جمع أبناءه، فأمرهم بالبرّ وأوصاهم بالخير، ومن ذلك قوله:"يا بني، إنّه من سَبَّ سُبَّ، فكفوا عن الشتم، فإنه أسلم لكم. وأحسنوا جواركم يحسن ثناؤكم، وإذا حُدِّثتم فعوا، وإذا حدَّثتم فأوجزوا، فإنه مع الإكثار يكون الإهذار".[٥]
قتل عمرو بن كلثوم للملك ابن هند
قد سأل ابن هندٍ من حوله يومًا عن امرأةٍ تكره أن تخدم أمّه، فقالوا هي ليلى أم عمرو بن كلثوم، فأراد الملك أن يثبت لهم خطأ قولهم فطلب من عمرو بن كلثوم أن يزوره وأن يجعل أمّه تزور أمّ الملك، فجاء عمرو بن كلثوم وأمّه مع قوم من بني تغلب من الجزيرة حيث كانوا يسكنون، إلى الحيرة حيث الملك.[٨]
فدخل عمرو على الملك، ودخلت ليلى في قبّة جانب الرّواق على هند، وكان الملك قد أخبر أمّه أن تُخرج الخدم من القبّة وقت مجيء الطّعام، وأن تستعمل ليلى في خدمتها، فلمّا جاء الطّعام إليهنّ قالت هند لليلى مشيرةً إلى طبق في المائدة: "ناوليني ذاك الطّبق" فأبت إعطاءها إياه وأخبرتها أنّ عليها أخذه بنفسها، فلمّا ألحّت هند عليها صاحت ليلى وقالت: "واذلاه! يا لتغلب!" فلمّا سمعَ ابنها ذلكَ ورأى الشّرّ في عيني الملك قام إلى سيف معلّقٍ في الرّواق وضرب به رأس ابن هند حتّى مات، ثمّ قام وقومَه وعادوا إلى قومهم.[٨]
وتسبب مقتل ابن هندٍ في عداوة كبيرة بين التغلبيين من جهة، ودولة المناذرة وحُلفائها: بني بكر وبني تميم وبني قيس وغيرهم من جهةٍ أخرى؛ مما تسبب في حروب كثيرة بين الفريقين، ومن ذلك أنّ عمرو بن كلثوم أغار مرّةً على بني تميم ثمّ على بني قيسٍ ففتك فيهم وسلبهم أموالًا وسبى منهم خلقًا، فعلم بنو حنيفة بذلك فأتاه منهم بنو سحيمٍ وعلى رأسهم يزيد بن عمرو وكان يزيد قويّا شديدًا فاستطاع طعنَ عمرو بن كلثومٍ وأخذه أسيرًا لفترة من الزمن.[٩]
أبرز ما يميز عمرو بن كلثوم
كان يتحلّى بصفات قلّما تجتمع في غيره، فهو إضافةً إلى نَسبِه عديم النّظير في عصره وقبيلتِه الشريفةِ،[٣] فقد نال خصالًا ما كانت في غيره، فكان شاعرًا فحلًا سلس الألفاظ لا يُغرق في المعنى، ومطبوعًا على الشّعر لا متصنّعه، وكان فارسًا مقدامًا لا يهاب اقتحام الخطوب، كثيرَ الفخر بنفسه وقومه،[١٠] وكان من أهل الجود والكرم وكان خطيبًا مفوّهًا؛[١١] مما أدّى -بطبيعة النّفس الإنسانيّة- إلى أن يكون متكبّرًا، وقد اتُّخذت بعض أقواله أمثالًا كقولهم في حادثة قتله لعمرو بن هند مثلًا فقيل: "أفتك من عمرو بن كلثوم"،[١٢] وكذلك قوله: "من عال بعدها فلا انجبر".[١٣]
معلقة عمرو بن كلثوم
وهي القصيدة التي أنشدها عمرو بن كلثوم في حادثة حلّ النّزاع بين بكر وتغلب، فإنّه بعد أن هدأت حرب البسوس بمدّة، مرّ قومٌ من تغلب على بني بكر يطلبون منهم الماء، فأبى بنو بكر سُقيَتَهم بسبب ما كان بين الفريقين من حرب، فلمّا لم يشرب القوم الماء مات منهم سبعون رجلًا عطشًا، فاجتمع التغلبيّون لحرب البكريّين.[١٤]
ولكنّ تغلب كرهت انبعاث الحرب مرّة أخرى فاحتكموا إلى الملك عمر ابن هند، فأبى أن يكون حكمًا حتّى يُوثقَ سبعين رجلًا من أشراف بكرٍ عنده، فإن كان الحكم لبكرٍأعادهم، وإلا دفَعَهم إلى تغلب لتفعل بهم ما تشاء، فقبلوا بذلك وسلّموه السّبعين، فلمّا اجتمع الفريقان في يوم الحُكم عنده، أنشد شاعر بكر وسيّدها الحارثُ ابن حلّزة مُعلّقته المشهورة،[١٥] وفي مطلعها يقول:[١٦]
آذنتنا ببينها أسماءُ
- رُبَّ ثَاوٍ يمَلُّ مِنهُ الثّـوَاءُ
وأنشد سيّد تغلب عمرو بن كلثوم معلّقته المشهورة كذلك، وفي مطلعها يقول:[١٧]
أَلا هُبّي بِصَحنِكِ فَاَصبَحينا
- وَلا تُبقي خُمورَ الأَندَرينا
ويبدو أنّ ابن هندٍ طربَ لمعلّقة الحارث بن حلّزة واستحسنها، ففكّ بذلك قيد السّبعين وردّهم إلى أهلهم.[١٤]
اقتباسات من شعر عمرو بن كلثوم
فيما يلي بعض اقتباساتٍ من شعر عمرو بن كلثوم مع مواقفها:
- قال في معلّقته مفتخرًا بقومه:[١٨]
وَقَد عَلِمَ القَبائِلُ مِن مَعَدٍّ
- إِذا قُبَبٌ بِأَبطَحِها بُنينا
بِأَنا المُطعِمونَ إِذا قَدَرنا
- وَأَنّا المُهلِكونَ إِذا اِبتُلينا
وَأَنّا المانِعونَ لِما أَرَدنا
- وَأَنّا النازِلونَ بِحَيثُ شينا
- قال بعد قتله لعمرو بن هند:[١٨]
بِأَيِّ مَشيئَةٍ عَمرُو بنَ هِندٍ
- تُطيعُ بِنا الوُشاةَ وَتَزدَرينا
تَهَدَّدنا وَأَوعِدنا رُوَيدًا
- مَتى كُنَّا لِأُمِّكَ مَقتَوينا
فَإِنَّ قَناتَنا يا عَمرُو أَعيَت
- عَلى الأَعداءِ قَبلَكَ أَن تَلينا
- قال في الوعيد:[١٩]
أَلا أَبلِغِ النُعمانَ عَنّي رِسالَةً
- فَمَجدُكَ حَولِيٌّ وَلُؤمُكَ قارِحُ
مَتى تَلقَني في تَغلِبَ اِبنَةِ وائِلٍ
- وَأَشياعِها تَرقى إِلَيكَ المَسالِحُ
المراجع
- ↑ [أبو عبيد البكري]، كتاب سمط اللآلي في شرح أمالي القالي، صفحة 636. بتصرّف.
- ↑ أحمد الهاشمي، جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب، صفحة 60.
- ^ أ ب ت ث حسين الزَّوْزَني، أبو عبد الله، شرح المعلقات السبع للزوزني، صفحة 206. بتصرّف.
- ↑ عبد القادر البغدادي، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي، صفحة 183. بتصرّف.
- ^ أ ب مصطفى الغلاييني، رجال المعلقات العشر، صفحة 41. بتصرّف.
- ↑ أبو عبد الله الزَّوْزَني، شرح المعلقات السبع للزوزني، صفحة 211. بتصرّف.
- ↑ حسين الزَّوْزَني ، شرح المعلقات السبع للزوزني، صفحة 203.
- ^ أ ب ابن قتيبة الدِّينَوري ، الشعر والشعراء، صفحة 228. بتصرّف.
- ↑ أبو هلال العسكري، جمهرة الأمثال، صفحة 260. بتصرّف.
- ↑ الزَّوْزَني، أبو عبد الله، شرح المعلقات السبع للزوزني، صفحة 206. بتصرّف.
- ↑ الزَّوْزَني، أبو عبد الله، شرح المعلقات السبع للزوزني، صفحة 206. بتصرّف.
- ↑ أبو الفضل الميداني، مجمع الأمثال، صفحة 89. بتصرّف.
- ↑ أبو هلال العسكري، جمهرة الأمثال، صفحة 260.
- ^ أ ب عبد القادر البغدادي، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي، صفحة 181. بتصرّف.
- ↑ عبد القادر البغدادي، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي، صفحة 182. بتصرّف.
- ↑ "آذنتنا ببينها أسماء"، الديوان.
- ↑ "ألا هبي بصحنك فاصبحين"، الدّيوان.
- ^ أ ب "ألا هبّي بصحنك فاصبحينا"، الدّيوان.
- ↑ "ألا أبلغ النعمان عني رسالةً"، الدّيوان.