محتويات
علماء الاجتماع
يتناول علم الاجتماع دراسة السلوك الاجتماعي لأفراد المجتمع، وما ينتظم به المجتمع من أساليب، وذلك باتباع خطوات منهج علمي، وأكاديميًّا فإنَّ علم الاجتماع مصطلح حديث الظهور، فقد تطور في بداية القرن 19، واهتمَّ بالعمليات الاجتماعية والقواعد التي تربط بين الناس وتفصل بينهم كأعضاء ومجموعات وليس فقط كأفراد، ويعدُّ العالِم العربي ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع في القرن الرابع عشر الميلادي، أمَّا أهم علماء الاجتماع في العصر الحديث فمنهم: أوغست كانت وهو الذي اخترع تسمية علم الاجتماع ويعدُّ أبو علم الاجتماع، هيربرت سبنسر، كارل ماركس، كلود ليفي ستروس والذي سيدور حوله الحديث في هذا المقال.[١]
كلود ليفي ستروس
كلزد ليفي ستروس أو كلود ليفي شتراوس كما يُطلق عليه أيضًا، أحد أشهر علماء الاجتماع في القرن العشرين، عالم اجتماع فرنسي، بدأ بتكوين شخصيته الفلسفية بدراسة الفلسفة المجردة النظرية، لكنَّ هذه الفلسفة البعيدة عن الواقع خيَّبت آماله بعد حين، فانتقلَ إلى البرازيل ليدرس علم الاجتماع هناك، وفيها اكتشف أعمال كثيرين من علماء الإنسان الأمريكيين ولم تكن معروفة في أوروبا من قبل، من أمثال: كروبر، لووي، بواس وغيرهم، واختلط بالسكان الأصليين لتلك البلاد والذين يطلق عليهم اسم الهنود الحمر، ونشر عن ذلك ملاحظاته في عام 1948م، والتي أدرجها لاحقًا في كتاب المدارات الحزينة في عام 1955م، خلال الحرب العالمية الثانية اكتشف أعمال رومان جاكوبسون وخاض في علم اللسانيات البنيوية، فاعتبرها في ذلك الوقت منهجًا علميًّا استقى منه أفكاره فيما بعد.[٢]
حياة كلود ليفي ستروس
وُلدَ عالم الاجتماع الفرنسي في عام 1908م في العاصمة البلجيكية بروكسل، وترعرع في بيئة فنية وثقافية وأدبية، فوالده كان فنانًا وجده كان حاخامًا، أثناء اندلاع الحرب العالمية الأولى انتقل للعيش في مدينة فرساي في فرنسا مع عائلته، وكان يظهر عليه أنه طفل متوحد يحب التأمل والتفكير والقراءة، وكان يسير وحيدًا لوقت طويل ويتأمل الطبيعة، دخل إلى الجامعة في عام 1927م في باريس وحصل على الإجازة في الفلسفة والقانون عام 1932م، ودرس في هذه المرحلة أعلام علماء الاجتماع الفرنسيين، بعد ذلك عمل مدرسًا في الليسيه لكنَّه ما لبثَ أن سافر إلى البرازيل في عام 1934م ليشغل منصب أستاذ في علم الاجتماع في جامعة ساوباولو، ثمَّ ترك الجامعة ليقوم ببعثة دراسية من قبل الحكومة الفرنسية واسعة النطاق في وسط البرازيل، فقام بدراسة القبائل البدائية هناك من السكان الأصليين، ممّا أسهم في تطوير أفكاره آنذاك.[٣]
في عام 1940م رجع إلى فرنسا من أجل الخدمة العسكرية لكنه تركها راحلًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد سقوط باريس وشغل منصبًا في كلية البحث الاجتماعيّ هناك، فأتيح له كتابة أطرحة الدكتوراه الخاصة به بعنوان البنى الأولية للقرابة، وقابل رومان جاكسون وتعرف على أعماله الذي وجّه تركيزه إلى الاهتمام بعلم اللغة البنيوي فكتب مقال التحليل البنيوي في علم الإنثروبولوجيا واللغة عام 1945م، وفي عام 1946م وعام 1947م عمل في الملحق الثقافي الأمريكي، ثمَّ عاد إلى فرنسا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، في عام 1950م أصبح مدير للدراسات في المعهد التطبيقي للدراسات العليا في جامعة باريس، وفي نفس العام قام برحلة بحث ميداني إلى الباكستان الشرقية، وبعد هذه المرحلة كتب ستروس عددًا من مؤلفاته الكثير من المقالات التي نُشرت في مجلات علمية حيثُ تناول فيها الظواهر مستندًا إلى المنهج البنيوي، لذلك يعدُّ ستروس من أهم البنيويين في العصر الحديث، فأطلق عليه لقب رائد البنيوية المعاصرة وشيخ البنيويين لأنه جعل من المنهج البنيوي القاعدة التي انطلق منها في جميع المجالات التي درسها وبحث فيها، خاصّة في الإنثروبولوجيا، توفي ستروس في عام 2009م في مدينة باريس.[٣]
عضوية الأكاديمية الفرنسية
كان العالم الفرنسي كلود ليفي ستروس عضوًا في أكاديمية اللغة الفرنسية التي تأسست في عام 1635م ويشغل المقعد رقم 29 لمدة 35 عامًا، وهي أكاديمية فرنسية تعدُّ من أقدم الهيئات في فرنسا، تأسست على يد الكاردينال ريشيلو وهو سياسي ورجل دولة فرنسي في زمن الملك لويس الثالث عشر، وكانت مَهمّتها الأساسية المحافظة على اللغة الفرنسية، تتكون من أربعين عضوًا فقط، وقد بلغ عدد الأعضاء منذ تأسيسها إلى الآن 700 عضو تقريبًا وهم من مختلف الاختصاصات، فمن بين الأعضاء كان شعراء وكتَّاب وأطباء وعلماء وفلاسفة وعسكريون وغير ذلك، لم تحدث حالات طرد منها إلى في حالات نادرة كما حدث في الحرب العالمية الثانية إذ تمَّ طرد بعض الأعضاء لاتهامهم بالعمالة لألمانيا، كما لا يجوز لأي عضو أن يقدم استقالته من العضوية، أغلقت الأكاديمية أثناء الثورة الفرنسية في عام 1793م إلى أن اعترف بها نابليون عام 1803م وأصبحت جزءًا من المعهد الفرنسي الذي يضم عددًا من الجمعيات العلمية التي تدعمها الحكومة، ولا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ أوَّل عربي حصل على مقعد عضوية في الأكاديمية الفرنسية الكاتبة الجزائرية آسيا جبار في عام 2005م، وبعدها الكاتب اللبناني أمين معلوف في عام 2011م شاغلًا المقعد الذي تركه ستروس خلفه فارغًا.[٤]
مؤلفات كلود ليفي ستروس
تركَ كلود ليفي ستروس عددًا من المؤلفات المثيرة التي كتبها بعد أن خاضَ تجربةً طويلةً في البحث والدراسة، فقد تنقل بين عدد كبير من الوظائف وسافَرَ إلى كثير من البلدان حول العالم ما أكسبه خبرةً واسعة نتيجةَ اطلاعه، واستطاع من خلال ذلك أن يسكبها كلها في مؤلفاته الشهيرة، وفيما يأتي أهم مؤلفاته.
مدارات حزينة
كثيرًا ما يستأنس ستروس بغموض الحقائق ولا يلجأ إلى وضوح العلم إلا في حالات قليلة، وكتابه هذا مطابقًا لشخصيته، يشير هذا الكتاب إلى محدودية العلوم وعن شاعرية المعرفة، وهو كتاب مختص وغير مختص في نفس الوقت، يتحدث فيه عن فنون وطبائع البشر، بأسلوب يجمع بين التصوف والشعر، ففيه يوميات إنسانية متسائلة قلقة ومعرفة إنثربولوجية حديثة، وذلك بعد الدراسة التي قام بها في البرازيل مقتربًا فيها من الهنود الحمر في تلك الفترة.[٥]
الفكر البري
يشيرُ ستروس في هذا الكتاب محاولًا أن يثير دهشة القارئ إلى المعرفة البشرية وقد انغلقت على ذاتها باجتماع العلم والسحر في لغة معلوماتية حديثة، ويشير إلى الاتحاد بين البدائي والمعاصر، واتحاد الإنسان بالذهن والمادة والكون، فيُبقي الزمان بعيدًا ويجعل من الطقوس والأساطير فضاءً جديدًا، ويرى أن تقسيمات العلوم تنهدم تباعًا لتظهر الإنثروبولوجيا كأنها شيئًا يجمع خبرات المجتمعات النيولتية والاكتشافات التي وصلت إليها المجتمعات الحديثة.[٦]
العرق والتاريخ
تناول ستروس في هذا الكتاب محاولة مختصرة لم تقف عند موضوعها الرئيس بل تجاوزته لتكون مدخلًا جديدًا للتأمل في الثقافة الغربية ومفهوم الحضارة وحول السمة الاحتمالية للزمن التاريخي وغيرها، وكانت جملة الأفكار التي طرحها بعض من أفكاره التي تمت صياغتها بلغة واضحة وبمنتهى الدقة ودون تكلف، وقد كان هذا الكتاب أحد المؤلفات التي نشرته اليونسكو حول مشكلة العنصرية في العالم.[٧]
الأسطورة والمعنى
يتحدث هذا الكتاب حول مفهوم الأسطورة بشكل أساسي كمعظم مؤلفات ستروس، حيثُ يعمل فيه الكاتب على تحديد العلاقة بين الأسطورة والعلم، وعلاقتها باللغة والموسيقى والتاريخ وغير ذلك، ويحدد موقعها في سياق الفكر الإنساني.[٨]
المراجع
- ↑ "ما هو علم الاجتماع"، www.arageek.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "كلود ليفي ستروس"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "كلود ليفي ستروس"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "الأكاديمية الفرنسية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "مدارات حزينة"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "الفكر البري"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "العرق والتاريخ"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "الأسطورة والمعنى"، www.abjjad.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2019. بتصرّف.