محتويات
من هو كليم الله؟
لقد حظي موسى -عليه السلام- بفضل عظيم وشرفٍ عميم اختصّه به الله -عزّ وجلّ- لحكمة بالغة لا يعلمها إلّا هو، وهو تكليمه في الأرض؛ إذ أكرمه الله -تعالى- وكلمه من فوق سبع سموات تكليمًا مباشر من دون وحي أو واسطة بشر كباقي الأنبياء والرسل، وجاء ذلك بدليل قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا}،[١] وقوله تعالى: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي}،[٢] فهذا الاصطفاء والتخصيص ما جاء إلا لموسى-عليه السلام- الذي عرف بعدها بكليم الله أو كليم الرحمن.[٣]
لماذا كلم الله موسى؟
إنّ سبب تكليم الله -تعالى- لموسى -عليه السلام- هو الأمر بتبليغ الرسالة، فلقد كان لكل نبي من الأنبياء -عليهم السلام- طريقة خاصة في تبليغه الرسالة، واختُصّ موسى -عليه السلام- بشرف التكليم وعدم إرسال الوحي الذي ينقله رئيس الملائكة جبريل عليه السلام.[٤]
وقد رأى بعض العلماء أنّ رسالة موسى -عليه السلام- كانت من أصعب الرسالات التي قد أُرسِلَ بها الأنبياء باستثناء رسالة سيد البشرية صلّى الله عليه وسلّم، ولا سيما أنّ موسى -عليه السلام- كان مرسلًا إلى فرعون الذي كان أكبر طاغية على وجه الأرض، وقومه الذين كانوا على عقيدة قديمة، ولهذا احتاجت إلى عمل شاق ودعوة مستمرة.[٥]
ولذلك كان من حكمة الله أنْ فضّله قبل البدء بهذه الدعوة الشاقة بالتكليم المباشر من دون واسطة؛ إذ طلب فيها موسى أنْ يعينه أخوه هارون -عليهما السلام- في تبليغ رسالته، قال -تعالى- على لسان موسى عليه السلام: {وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي}،[٦] وممّا سبق يظهر أنّ الحكمة من تكليم موسى -عليه السلام- دون غيره من الأنبياء مجهولة لا يعلمها إلّا الله -تعالى- وحده، بدليل قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ}.[٧][٤]
أين كلّم الله تعالى موسى؟
إنَّ النّداء العلوي الذي أكرم الله -عزّ وجلّ- به موسى -عليه السلام- وقع عند الوادي الأيمن، وهو وادِِ يقال له طُوى قال تعالى: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}،[٨]وقيل إنّه وادِِ في أرض سيناء في بلاد مصر؛[٩] وهو مكان مبارك وطاهر بدليل وصف الله -تعالى- له بالمقدس، وقد سمع عنده موسى -عليه السلام- آيات الله عزّ وجلّ.[١٠]
هل كلّم الله محمدًا صلى الله عليه وسلم؟
جاء تكليم الله -عزّ وجلّ- لثلاثة أنبياء؛ وهم: آدم وموسى الذي لُقب بكليم الله، وسيد المرسلين محمد صلّى الله وسلّم عليهم أجمعين، فقد كلم الله -تعالى- في ليلة الإسراء والمعراج النبي عليه الصلاة والسلام، فعندما عُرج به إلى السماء العليا عند سدرة المنتهى أكرمه الله -عزّ وجلّ- بهذا الشرف العظيم الذي زاده فضلًا وتشريفًا، وهناك كلم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ربّه في أمر الصلوات الخمس وطلب التخفيف على العباد، فصارت خمس صلوات ولكنّها في الأجر خمسين صلاة،[١١] ومن الجدير بالذكر أنَّ الله -عزّ وجلّ- كلم موسى -عليه السلام- على الأرض وآدم ومحمد -عليهما الصلاة السلام- في السماء العليا.[١٢]
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية:164
- ↑ سورة الأعراف، آية:144
- ↑ أحمد بن عمر الحازمي، كتاب شرح سلم الوصول في علم الأصول، صفحة 1. بتصرّف.
- ^ أ ب سعد يوسف (2001)، قصص القرآن (الطبعة 1)، الإسكندرية:العقيدة للتراث، صفحة 137. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوى، الأساس في التفسير، صفحة 4079-4080. بتصرّف.
- ↑ سورة طه، آية:29 30
- ↑ سورة البقرة، آية:253
- ↑ سورة طه، آية:12
- ↑ مجموعة من المؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1287. بتصرّف.
- ↑ عبد الكريم يونس الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، صفحة 784. بتصرّف.
- ↑ محمد حسن عبد الغفار، شرح كتاب التوحيد لابن خزيمة، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن بن صالح المحمود، كتاب شرح لمعة الاعتقاد، صفحة 19. بتصرّف.