محتويات
محمد الغزالي
ما سبب تسمية محمد الغزالي بهذا الاسم؟
واحد من أشهر المفكرين الإسلاميين في العصر الحديث، ولد محمد الغزالي في محافظة البحيرة في مصر عام 1917 للميلاد، بما يوافق 1335 للهجرة، وقد كان له خمسة إخوة في البيت، وقد سمَّاه والده محمد الغزالي تيمنًا بالإمام الغزالي؛ إذ ذكر أنَّه رأى في إحدى المرات الإمام الغزالي في منامه وأخبره أنَّه سيُنجب ولدًا ونصحه أن يُسميه على اسمه، ففعل الوالد كما رأى في المنام.[١]
نشأة محمد الغزالي
متى التحق محمد الغزالي بجماعة الإخوان المسلمين؟
نشأ محمد الغزالي في بيت متدين وقد ألحقه أهله بالكُتَّاب؛ لكي يتمَّ حفظ القرآن الكريم، وقد كان ذلك في العاشرة من عمره، وذكر أنَّه كان يُكثر التدرّب على حفظ القرآن في أوقاته كلّها حتى قبل نومه، وبعد ذلك التحق بمعهد الإسكندرية الديني وقد درس فيه الابتدائيَّة، وحصل منه على شهادة يُطلق عليها اسم "الكفاءة"، ثم حاز بعدها على الشهادة الثَّانويَّة حتى التحق بكلية أصول الدين في الأزهر في القاهرة.[١]
وقد التقى في مرحلة دراسته الجامعيَّة بمؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، وكان ما يزال في السنة الثالثة الجامعيَّة وشجّعه على الكتابة في مجلة الإخوان المسلمين، ثم تخرَّج في الجامعة والتحق بعدها بكلية الدَّعوة والإرشاد وبدأ يُمارس نشاطاته التعليمية في مساجد القاهرة وهو ما يزال في السادسة والعشرين من العمر.[١]
مسيرة محمد الغزالي العلمية
ما الدول التي سافر إليها الغزالي للتدريس فيها؟
بعدما تخرج محمد الغزالي من كلية الدعوة والإرشاد انضمّ بشكل رسمي إلى جماعة الإخوان المسلمين وقد تأثر بمؤسس الجماعة حسن البنا تأثرًا كبيرًا، ثم انطلق بعدها للتدريس في جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية في قسنطينة في الجزائر، وقد شارك معه بالتَّدريس في تلك الجامعة الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، وقد حصل على الكثير من الجوائز تقديرًا لجهوده العلميَّة، وحصل على جائزة الملك فيصل للعلوم الإسلاميَّة، وقد أطلق عليه حسن البنَّا لقب "أديب الدعوة".[٢]
محمد الغزالي والأدب
ما أهمية اللغة العربية في نظر الغزالي؟
لقد كان محمد الغزالي من أوائل المدافعين عن اللغة العربية وربط لسان العرب بالدّين، فإذا أفلح أعداء الأمّة بسلخ المسلم من لغته استطاعوا أن يسلخوه من دينه كما ذكر في كتابه "تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل"، وقد نقل في كتابه رأيًا للأستاذ أحمد موسى سالم يذكر فيه أنَّ ضعف اللغة منبثقٌ عن ضعف النَّاطقين بها، ولم تدخل الألفاظ المعربة إلى اللغة العربية إلا بعد أن ترك أهل اللغة لغتهم تتقاذفها تيارات المجون، فإذا كانت مجالس الخمر والفسق شاعت ألفاظ جديدة في الغناء والطرب دخيلة على الفصحى وصار النَّاس يتناقلونها عن طريق الأغاني وتكرارها وتثبيتها في الأذهان.[٣]
عدا عن ذلك فقد بيَّن في كتابه أنَّ الدول الحديثة لم تدعم اللغة كما كان في عصور اللغة الذهبيّة، فالشَّاعر لا يملك تلك المكانة في البلاط والأديب لا يجد ما يقتات عليه سوى بضع دراهم تُساق له بين الفينة والأخرى، فلمَّا فقد أعلام اللغة مكانتهم فقدت اللغة قوتها تدريجيًّا، حتَّى إنَّ الغزالي قد أفصح عن مكنونات نفسه؛ إذ قال إنّه عندما يأتي على كتابة مؤلفاته فإنَّه ينتقي الكلام الرصين ويعمد إلى اللغة العالية التي تُبرز العربيَّة في أبهى صورها وحللها.[٣]
ولم يكتفِ الغزالي بذلك بل ساق الأمثلة على تقصير معلمي اللغة العربية في تبسيط اللغة وشرحها وتلقينها للطلاب، فالأمر بات لا يعدو شرحًا للقاعدة وسوق بعض الأمثلة عليها من الكتاب أو السنة أو الشعر الجاهلي، مع أنَّ الشواهد التي يأتون بها تكاد أن تكون كنوزًا في المعاني وزادًا في الفكر والعاطفة والأدب، حتَّى إنَّ اللغة العربية قد باتت مطرودة من ميادين الطب والهندسة التي اعتمدت معجمًا أعجميًا وكأنَّ اللغة العربيَّة قد ضاقت بمعانيها عن احتواء المصطلحات الجديدة، وهذا كله يعزوه إلى الأثر الذي خلّفه الاحتلال الذي ساهم في تحطيم اللغة عن بكرة أبيها.[٣]
إن الغزالي قد جعل من اللغة العربية طريقًا لنشر الإسلام ولم ينأ بنفسه عن تلك القاعدة؛ فقد قرأ عيون اللغة العربيَّة من العقد الفريد وأشعار أبي تمام والبحتري والمعلقات وعيون الشعر الجاهلي وغيرها من الآداب التي بنى ذائقته اللغوية بها.[٣]
مسيرة محمد الغزالي المهنية
ما أول عمل تقلَّده الغزالي؟
بعد أن تخرج محمد الغزالي في كلية الدعوة والإرشاد التحق بالتدريس وكان ذلك في أولى محطاته في القاهرة عندما عمل إمامًا وكذلك خطيبًا لمسجد الخضراء في القاهرة، وقد تقلد الإمامة في ذلك المسجد بأمر من الأوقاف في ذلك الوقت، ثم تقلَّد بعد ذلك منصب وكيلِ وزارة الأوقاف لشؤون الدّعوة الإسلاميّة، ثم انصرف بعدها للتدريس في عدد من الجامعات في المملكة العربيَّة السعودية وكذلك في قطر والقاهرة وعمل محاضرًا في إحدى الجامعات في الجزائر وكذلك في الأزهر.[٤]
عقيدة محمد الغزالي
كيف توضحت عقيدة الغزالي من خلال كتاباته؟
القدر
يرى محمد الغزالي أنَّ وقوع الإنسان في الخطأ -مع تحاشيه ذلك- هو من القدر المحتوم عليه، وأنَّه مهما حاول أن يخرج من دائرة الخطأ فإنَّه لن يستطيع مناطحة تيار الحياة، ويذكر بالاستناد إلى قول أحد الأطبَّاء أنَّ الإنسان يخرج من رشده إلى الغيبوبة حال غضبه الشديد فيكون غير مدرك للأخطاء التي يرتكبها، مثل ارتكابه لجريمة القتل وهو في حالة الغيبوبة الفكرية على سبيل المثال.[٥]
ويُضيف إلى ذلك أنَّ الله -تعالى- قد قدَّر الخطأ على الإنسان ليخرج من دائرة تقديم الطَّاعات إلى دائرة انتظار العفو والمغفرة، ويُطوّع بعض الأحاديث النبويّة لذلك مثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو لم تذنبوا لذَهبَ اللهُ بِكم ولجاءَ بقومٍ يذنبونَ فيستغفرونَ اللهَ فيغفرُ لَهم".[٦][٥]
تكرار الخطايا
يذكر محمد الغزالي في كتابه عقيدة المسلم أنَّ المؤمن وهو في طريقه إلى الله لا بدَّ من وقوعه في الخطايا والذنوب، فذلك ككبوة الجواد التي ما يلبث أن يقف منها فيستغفر الله ويؤوب ويعود إلى ما كان عليه، ويستشهد بالكثير من الأحاديث النبويَّة التي تُذكر بمغفرة الله وأنَّ الله يتوب على عباده جميعًا حال عودتهم وإنابتهم إليه، ولكنَّه يُعقِّب على ذلك أن ليس كل الخطايا سواء وليس جميع المخطئين كذلك سواء.[٧]
فتكرار المعاصي والجرائم -في قوله- قد يُؤدي إلى إزهاق الإيمان في قلب المسلم حال عدم إنابته إلى ربه، وقد تُؤدي كثرة الزلات وارتكاب الدنايا إلى الوصول للكفر؛ إذ بقاء الإيمان وانتهاؤه في القلب مرهون بكثرة الذنوب التي تُرتكب، والدَّنايا التي تُفعل.[٧]
التوسل
لقد ذكر الغزالي في كتابه "عقيدة المسلم" أنَّ من شأن العامَّة هو التوسل إلى الله -تعالى- بالأنبياء والصَّالحين وذوي الأعمال الصَّالحة، ظنًّا منهم أنَّ الله لن يستجيب لهم مع حملهم لتلك الخطايا والذنوب، فلا بدَّ هنا من وساطة تجعلهم أقرب إلى الله جلَّ في علاه، ولكن كلّ ذلك لا أصل له من الصحة بحسب ما يرى الغزالي؛ إذ إنّ إبليس دعا ربَّه أن يمهله حتى يوم القيامة مع أنّه المطرود من رحمة الله ولكنَّه -تعالى- قد أجابه، فكيف لمسلم يرجو المغفرة والخير من الأمور ألَّا يستجيب الله له، وما هذه المغالطة إلا طريقًا يوصل المسلم إلى الهاوية.[٨]
ولو ظنَّ المسلم أنَّه مرفوض من الله فالوساطة لن تُغيّر من تلك الحقيقة -التي يظنها- شيئًا؛ إذ إنَّ الله -تعالى- قد رفض استغفار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وهو حيٌّ لعبد الله بن أبي بن سلول، والجدير بالمسلم أن يتسلح بالصدق واليقين والإخلاص لله في دعائه لا الالتجاء إلى ما لا يفيد.[٨]
أبرز أفكار محمد الغزالي
كيف تجلى تجديد الدعوة في نظر الغزالي؟
حمل الغزالي مجموعة من الأفكار التي آمن فيها، ومن بينها:[٩]
- المرأة لها الحق في المشاركة في الحياة الاجتماعية وبنائها في حدود الأدب، والمرأة شقيقة الرَّجل فلها الحق في الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر والتَّعلُّم.
- الأسرة هي الخليَّة الأولى التي ينشأ المجتمع عنها، والرجل هو ربّ الأسرة الذي تُناط به مسؤوليات الحفاظ على الأسرة كما شرّع الله -تعالى- في كتابه وسُنّة نبيه.
- الحُكَّام هم خدم للشعوب وأُجراء عندهم، وتقتضي المصلحة أن يقوموا على أمر الرَّعية ويكون ذلك باختيار السَّواد الأعظم من الشَّعب لهم.
- الشورى هي القاعدة الأساسيَّة لأي دولةٍ وحُكم، ولا يجب أن تنبني الشورى على مصالح دنيويَّة وشخصية، بل يُشاوَرُ من كان أهلًا لذلك.
- الملكية الخاصة يجب أن تكون غير مُنتهكةٍ من قبل أيِّ أحد، والأمة كلها كالجسد الواحد فلا تزدري طائفةٌ طائفةً أخرى.
- اختلاف الديانة ليس مسوّغًا للحرب أو الاعتداء، بل تكون الحرب عند تعرّض أيٍّ من الفئات للظلم من فئة أخرى.
- الدّعاة لدين الله لا يحملون في قلوبهم شرًّا ولا ضغينة، بل هم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بالموعظة والقول الحسن.
- مشاركة الأمة الإسلامية في جميع ما يرتقي بالأمة من النَّاحية المادية والمعنوية مع الدول الأخرى على اختلاف مذهب الدّولة أو العقيدة أو ما إلى ذلك.
الآراء المعارضة لمحمد الغزالي
ما المآخذ التي أخذها علماء الأمة على الغزالي؟
قلبُ الحقائق
زعم الشيخ أبو إسحاق الحويني أنَّ الغزالي يقلب الحقائق في بعض المواقع، وقال الحويني إنَّه يُحسن الظن بالغزالي فهو لم يفعلها عن قصد بل غلبه مخالفوه فأساء التصرف، ومن ذلك أنَّ الغزالي جعل دية المرأة في دمها كديَّة الرجل، فيرى الغزالي أنَّ الفقهاء والمحققين قد نفوا أن تكون ديّة المرأة بقدر نصف ديّة الرجل؛ لأنّ في ذلك امتهان للمرأة فذلك يعني أنّ دمها أرخص من دم الرَّجل.[١٠]
فيعقّب الحويني على ذلك بأنَّ الغزالي قد تسرّع في كلامه ذاك، وفوق ذلك فهو لم يذكر اسم محدّث واحد قال بذلك الأمر ممن جاز القول عنهم إنّهم أهل حديث، فقول الغزالي ذاك -كما ذكر الحويني- هو قول عامة أهل الفقه ولا يجوز نسبة هذا القول إلى المحدّثين؛ فقد ذكر ابن المنذر أنَّ من قال إنَّ ديَّة المرأة كدية الرجل فقوله شاذٌّ خالف به الصحابة ورسول الله صلى الله عليه وسلم.[١٠]
قصة إحياء والدي النبي
قال الغزالي في بعض كتبه إنّ الله -تعالى- أحيا والدي النبي -عليه الصلاة السلام- فآمنا به، فيعقّب عليه الدكتور سلمان العودة -مستندًا إلى عدة أدلة- أنَّ تلك القصة هي غير متناقلة بين الصَّحابة، ولو حدث ذلك فعلًا لكان الصّحابة أول من يتناقل الخبر؛ لندرة حدوث ذلك، عدا عن أنَّ هذه القصة تُخالف القاعدة الشرعية التي تقضي بأنَّ الإنسان إذا مات انتهى عمله وحان وقت الجزاء، وكثرٌ هم أقارب الأنبياء الذين لم يؤمنوا كابن نوح ووالد إبراهيم عليهما السلام.[١١]
مؤلفات محمد الغزالي
من أشهر مؤلفات محمد الغزالي:[١٢]
- السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث.
- الإسلام والأوضاع الاقتصادية .
- الإسلام والاستبداد السياسي.
- الإسلام والطاقات المعطلة.
- مستقبل الإسلام خارج أرضه.
- الإسلام المفترى عليه.
- الاستعمار أحقاد وأطماع.
وللاطّلاع أكثر حول مؤلفات محمد الغزالي يمكنكم زيارة مقال: مؤلفات محمد الغزالي
أقوال الإمام الغزالي
- "كان رجال القانون فى أوروبا وأمريكا ـمنذ قرنين- يضعون الدساتير التى تقيد الملوك والرؤساء، وتبرز سلطات الأمم فى وجه الحاكم الفرديّ المُطلق، أمّا نحن فكان المطلوب منا أن ندعو إلى الإسلام وحسب، والذين يشمئزون من كلمة ديمقراطية لا يفكرون فى القيام بجهد عملي بنقل الشورى الإسلامية من ميدان الفكر النظري المطلق إلى قوانين دقيقة تنصف الجماهير العانية وتضبط سلطات الولاة على اختلاف ألقابهم".[١٣]
- "نحن نكافح هذه القوانين المستوردة من الخارج وما تتضمنه من فساد وإلحاد، فكيف دخلت بلادنا، وماذا كان موقف العلماء منها يوم جاءت، ولِمَ لَمْ يموتوا دون تحكيمها فى مجتمعنا؟ ثم علمتُ أنَّ موتنا الأدبيَّ هو الذي مهد لقَبولها واستقرارها".[١٣]
- "يعتقد الشيوعيون أنّ الصحافة والكتب من أهم وسائل الثورة الثقافية، أو بتعبير آخر من أهم وسائل الانقلاب الفكريّ الذى ينشدونه، ولا شك أنّ الكتب والرسائل المؤلفة بذكاء من أمضى الأسلحة فى القضاء على الأفكار والنظرات المعارضة وبثّ الآراء والتصورات الماركسية".[١٣]
وفاة محمد الغزالي
توفي محمد الغزالي في عام 1996 للميلاد الموافق لـ 1416 للهجرة، وقد دُفن في البقيع في المدينة المنورة؛ تلبيةً لرغبته قبل أن يموت، وقد مات الغزالي في أثناء مؤتمر في المملكة العربيَّة السعودية حول الإسلام وتحديثات العصر، رحمه الله.[١]
المراجع
- ^ أ ب ت ث بحث منشور على الإنترنت، محمد الغزالي، صفحة 2. بتصرّف.
- ↑ بحث موجود على الإنترنت، محمد الغزالي، صفحة 3. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث محمد الغزالي، تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل، صفحة 185. بتصرّف.
- ↑ ملتقى أهل الحديث، أرشيف ملتقى أهل الحديث، صفحة 312. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد الغزالي، عقيدة المسلم، صفحة 119. بتصرّف.
- ↑ رواه الزرقاني، في مختصر المقاصد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:839، حديث صحيح.
- ^ أ ب محمد الغزالي، عقيدة المسلم، صفحة 125. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد الغزالي، عقيدة المُسلم، صفحة 60. بتصرّف.
- ↑ محمد عمارة، الشيخ محمد الغزالي الموقع الفكري والمعارك الفكرية، صفحة 99. بتصرّف.
- ^ أ ب أبو إسحاق الحيويني، طليعة سمط اللآلئ في الرد على الشيخ محمد الغزالي، صفحة 19. بتصرّف.
- ↑ سلمان العودة، في حوار هادئ مع محمد الغزالي، صفحة 44. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، أرشيف منتدى الفصيح. بتصرّف.
- ^ أ ب ت محمد الغزالي، قذائف الحق، صفحة 190-195. بتصرّف.