من هي زوجة فرعون

اسم زوجة فرعون

هي آسيا بنت مزاحم بن عبيد الديان بن الوليد، كان أبوها حاكماً لإحدى الممالك التي كانت تحت الحكم المصري، وذلك خلال عصر الدولة الفرعونية الحديثة، وقد تزوّجها فرعون رغم أنّها امرأةٌ عقيمٌ؛ إذ كان من عادات الملوك أن يُصاهروا بعضهم البعض،^[١] وذكر بعض المؤرخّين أنّ آسيا كانت من بني إسرائيل من سبط موسى، وقال السهيلي إنّها كانت عمّة موسى.^[٢]

دور آسيا زوجة فرعون في نجاة نبيّ الله موسى

كانت آسيا بنت مزاحم زوجة فرعون سبباً في نجاة نبيّ الله موسى -عليه السلام-،^[٣] قال الله -تعالى-: (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)،^[٤] وذلك بعد أن أحضرنه الجواري إلى آسيا في صندوقٍ، فوقعت محبّته في قلبها، وأخبرت بأمره زوجها الذي همّ بقتله، فظلّت آسيا تكلّمه بعدم قتله، إلى أن عَدَل عن ذلك.^[٥]

وقد وردت العديد من الروايات المتعلّقة بوصول التابوت الذي كان فيه موسى -عليه السلام- إلى بيت فرعون:^[٥]

• قِيل إنّ أمواج البحر حملته إلى أن وصلت به إلى أشجار قصر فرعون، فوجدْنه الجواري وحَمْلنَه؛ ظنّاً منهن أنّ بداخله مالاً، وذهبن به إلى آسيا زوجة فرعون.
• ورد في روايةٍ أخرى أنّ ابنة فرعون كانت عند الشاطئ وكان قد أصابها مرض البرص، فوجدت التابوت، وأخذته وفتحته، وقِيل إنّها بَرَأت من مرضها حين نظرت إلى موسى، فأخذته إلى أمّها قائلةً لها: "إنّ هذا الصبيّ مباركٌ، عندما نظرت إليه بَرِئت من البرص"، وأراد فرعون قتله، وعَدَل عن رأيه بقول زوجته له: (قُرَّت عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ).^[٤]
• ورد في إحدى الروايات أنّ فرعون وزوجته كانا يجلسان على النيل، فرأت زوجته التابوت، فأتى به أعوان فرعون، فأُلقِيت مَحبّته في نفس آسيا بنت مزاحم، وقالت: (لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا).^[٤][٥]

وقِيل في تفسير (قُرَّت عَيْنٍ) إنّ آسيا كانت تحبّب فرعون بموسى لئلّا يقتله؛ أي أنّ موسى ممّا تقرّ به العيون وتسكُن، وتفرح برؤيته النفس، وعلّلت ذلك بقولها: (عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا)؛^[٤] أي لعلّ في موسى الخير والبِرّ، أو أن يتّخذوه ولداً؛ لجماله ووسامته اللائقة بمكانتهم ومنزلتهم، وبذلك اتّخذوه في قصرهم.^[٦]

وبعدما استقرّ موسى -عليه السلام- في قصر فرعون، أخذت زوجة فرعون تبحث عن مرضعةٍ له، إلّا أنّه لم يقبل أيّ مرضعةٍ، وأخبرتهم أخته قائلةً: (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ)،^[٧] وبذلك تحقّق وعد الله لأمّه؛ إذ عاد إليها ابنها، قال الله -تعالى-: (وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).^[٨][٩]

إسلام زوجة فرعون ووفاتها

كانت آسيا بنت مزاحم تعيش في قصر فرعون حياة الرفاهية والنعيم، وقد أراد من الناس أن يقدّسوه، وقال بأنّه ربّ الناس الأعلى، ونصب نفسه إلهاً على الناس، ومن القصص المذكورة في ظلمه وعنَته في ذلك الأمر إلقاؤه للماشطة التي كانت ترعى ابنته هي وأولادها في النار؛ بسبب عدم اعترافها بألوهية فرعون، وتحدّته قائلةً: "ربّي وربّك الله".^[١٠]

وبعد ذلك آمنت آسيا بالله وحده، وكذّبت بما يدعو إليه زوجها على الرغم من الضغوطات الكثيرة التي لاقتها في سبيل تصديق دعوة زوجها، فأراد فرعون الانتقام منها، فقيّد يديها وقدميها، وجعل صخرةً على ظهرها تحت أشعّة الشمس، وأخذ بجَلدِها، إلّا أنّها بَقِيت صابرةً محتسبةً أجرها عند الله، قال الله -تعالى- على لسانها: (رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)،^[١١] ثمّ أطلعها الله -سبحانه- على مكانها في الجنة، وبشّرها بها، فضَحِكت، ثمّ قُبِضت رُوحها.^[١٠]

فضل زوجة فرعون ومكانتها

• ورد الثناء من الله -عزّ وجلّ- على آسيا زوجة فرعون في القرآن الكريم، إذ قال -تعالى-: (وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).^[٦][١٢]
• أثنى عليها الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (خيرُ نساءِ العالَمينَ: مَريمُ بنتُ عِمرانَ وخديجةُ بنتُ خُوَيلدٍ وفاطمةُ بنتُ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وآسيةُ امرأةُ فِرعونَ).^[٦][١٣]
• قال -صلى الله عليه وسلم-: (كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بنْتُ عِمْرَانَ، وإنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ علَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ علَى سَائِرِ الطَّعَامِ).^[١٤][٦]

ملخص المقال: آسيا بنت مزاحم امرأة فرعون من كمّل النساء ومن خير نساء العالمين، أسلمت وقبل موتها بشرها الله بمقعدها في الجنّة، أحبت موسى -عليه السلام- حباً شديداً، وقامت على رعايته وكانت سبباً في ألّا يقتله فرعون عندما كان رضيعاً.

المراجع

1. ↑ جهاد الترباني (2010)، مائة من عظماء أمة الاسلام غيروا مجرى التاريخ (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار التقوى، صفحة 249. بتصرّف.
2. ↑ ابن كثير (1988)، البداية والنهاية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 276، جزء 1. بتصرّف.
3. ↑ أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 313. بتصرّف.
4. ^ ^{أ ب ت ث} سورة القصص، آية: 9.
5. ^ ^{أ ب ت} الطبري (2000)، جامع البيان في تأويل القران (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 522-525، جزء 19. بتصرّف.
6. ^ ^{أ ب ت ث} محمد مطني، سورة القصص دراسة تحليلية، صفحة 281-282، جزء 1، بتصرف.
7. ↑ سورة القصص، آية: 12.
8. ↑ سورة القصص، آية: 7.
9. ↑ الطبري (2000)، جامع البيان في تأويل القرآن (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 308، جزء 18، بتصرف.
10. ^ ^{أ ب} "آسيا امرأة فرعون"، ar.islamway.net، 13-4-2008، اطّلع عليه بتاريخ 29-12-2019. بتصرّف.
11. ↑ سورة التحريم ، آية: 11.
12. ↑ سورة التحريم، آية: 11.
13. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 6951، صحيح.
14. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 3769، صحيح.