منزلة أبي بكر الصديق

كتابة:
منزلة أبي بكر الصديق

أفضل هذه الأمة بعد النبي الكريم

جاءت الكثير من الأدلَّة والأحاديث التي تُبيّن أنَّ أبا بكر -رضي الله عنه- أفضل الأُمّة بعد النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ومنها قول عبد الله بن عُمر: (كُنَّا في زَمَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا نَعْدِلُ بأَبِي بَكْرٍ أحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أصْحابَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لا نُفاضِلُ بيْنَهُمْ)،[١][٢] فكان الصحابة الكرام يرون أبا بكرٍ في منزلةٍ وفضلٍ عظيمين بعد النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ولا يُفضِّلون أحداً عليه، وجاء عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أنّه لو اتّخذ خليلاً لكان أبا بكر، وأخبر أنّه أخوه وصاحبه،[٣] ولما سُئل علي بن أبي طالب ابن عم النبي عن أفضل الناس وخيرهم بعد النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أجاب: أبو بكر، وكان الصحابة يقولون ذلك، وجاء عن عُمر قوله: أبو بكرٍ سَيَّدُنا وخيرُنا وأحبُّنا إلى رسول الله -عليه الصلاةُ والسلام-.[٤]


صاحب رسول الله وأحب الصحابة إليه

جاء عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- ما يُبيّن مكانة أبي بكرٍ عنده، كقوله: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِن أُمَّتي خَلِيلًا، لاتَّخَذْتُ أبا بَكْرٍ، ولَكِنْ أخِي وصاحِبِي)،[٥] فهو صاحبه في الغار والدار، وأثبت له الأُخوّة والمُصاحبة المُقتضيةُ للمُساواة، وبيّن أن أُخوة الإسلام أفضل، فهو الخليل الذي يرجع إليه في حاجاته، ويعتمدُ عليه في المهمات،[٦] فقد صاحبه في الغار، وأثبت الله له الصُحبة بقوله: (إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)،[٧] فهو ثاني اثنين في الغار،[٨] وبيّن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أنّه لو اختار خليلاً من الأُمّة لكان أبو بكر،[٩] فهو صاحبه قبل الإسلام وبعده، واختاره الله لصحبه نبيّه في الهجرة من فوق سبع سماوات، وأوّل من أسلم بالدعوة، وحمل على عاتقه مشقتها ونشرها.[١٠]


أعلم الصحابة وكان يفتي في عهد النبي الكريم

كان أبو بكرٍ ممن يُفتي في عهد النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، فقد بعثه أميراً على الحجّ في العام الذي سبق حَجّة الوداع،[١١] وأجمع الصحابة الكرام على أنّ أبا بكر كان أعلمهم، وأرحمهم، يوصل النّفع لهم،[١٢] ومما يدُلّ على أنّه كان أعلم الصحابة بالقُرآن؛ أن قدَّمه النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- للإمامة، وهو الذي أمر بجمع القُرآن بعد معركة اليمامة،[١٣] كما أنّه كان يقرأ بالسور الطِوال في صلاته؛ الأمر الذي يدُلّ على حفظه وإتقانه للقرآن الكريم.[١٤]


أنه أول العشرة المبشرين بالجنة

لما ذكر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- العشرة المُبشرين بالجنة، قام بذكر أوّلهم أبو بكر،[١٥] فالعشرة هُم أفضل البشر بعد الأنبياء، وفي مُقدمتهم أبي بكر،[١٦] وسُمّوا بذلك؛ لأن ذكرهم جاء في حديثٍ واحِد، فقد روي أنه (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عاشرَ عشرةٍ ، فقالَ: أبو بَكْرٍ في الجنَّةِ)[١٧].[١٨]


نزول آيات من القرآن الكريم في تزكيته

نزلت العديد من الآيات التي تُزكّي أبا بكر، فقد نزلت فيه آيات سورة الليل، كما زكّاه الله بكثرة إنفاقه وسبقه إلى الإسلام، بقوله: (وَالسّابِقُونَ الأوّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالّذِينَ اتّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)،[١٩][٢٠] وذكر العُلماء أنّ قولهُ -تعالى-: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى)،[٢١] إلى آخر السورة نزلت في أبي بكر،[٢٢] فهو أعطى حقَّ الله عليه، أو أعطى الله بصدق من قلبه.[٢٣]


يدعى يوم القيامة من أبواب الجنة كلها

ذكر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- الجنة وأبوابها أمام الصحابة، فسأله أبو بكر هل يقدر المسلم على الدُخول منها جميعاً، فأخبره أنّه أنت يا أبا بكر ممن يدُخل منها كُلُّها، كما اجتمعت فيه في يومٍ واحد الخصال التي تُدخِل الجنة،[٢٤] حيثُ أن أبا بكرٍ اجتمعت فيه الخصال التي تُدخل المسلم الجنة،[٢٥] فقد اجتمعت فيه أنواع الخيرات، لكي يستحقّ الدُخول من جميع أبواب الجنة.[٢٦]


اجتمع في بيت أبي بكر وأهله ما لم يجتمع في بيت مسلم

اجتمع في بيت أهل أبي بكر البركة والخير، وكان الصحابة يشهدون لهم بذلك،[٢٧] فقد كانوا أهلَ بيتٍ في خدمة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، والتضحية لأجله، كما كانوا في الهجرة، فقد كانوا ينقلون الأخبار والطعام للنبي في طريقه للهجرة، كما فعلت أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين، وعبد الرحمن بن أبي بكر،[٢٨] كما أنّ رُخصة التيمم حصلت للمُسلمين ببركة عائشة بنت أبي بكر.[٢٩]


أول الخلفاء الراشدين

يُعدُ أبو بكر-رضي الله عنه- أوّل خليفة من الخُلفاء الراشدين الذين أمر النبيّ باتباعهم والاقتداء بهم،[٣٠] فهو أوّل الخُلفاء بعد النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-،[٣١] والذي أمر الناس بالتمسُك بهديه، وسُنته.[٣٢]


المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:3697، صحيح.
  2. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 291، جزء 1. بتصرّف.
  3. زكريا الأنصاري (2005)، منحة الباري بشرح صحيح البخاري المسمى تحفة الباري (الطبعة 1)، الرياض:مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، صفحة 14، جزء 7. بتصرّف.
  4. محمد بن فرشتا (2012)، شرح مصابيح السنة للإمام البغوي (الطبعة 1)، صفحة 405-406، جزء 6. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3656، صحيح.
  6. زكريا الأنصاري (2005)، منحة الباري بشرح صحيح البخاري المسمى تحفة الباري (الطبعة 1)، الرياض:مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، صفحة 14-15، جزء 7. بتصرّف.
  7. سورة التوبة، آية:40
  8. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 292-310، جزء 1. بتصرّف.
  9. سراج الدين بن المُلقن (2008)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (الطبعة 1)، دمشق:دار النوادر، صفحة 249، جزء 20. بتصرّف.
  10. جهاد الترباني (2010)، مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ (الطبعة 1)، القاهرة:دار التقوى للطبع والنشر والتوزيع، صفحة 13-14، جزء 1. بتصرّف.
  11. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 297-321، جزء 1. بتصرّف.
  12. محمد ابن القيم الجوزيّة، إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، الرياض:مكتبة المعارف، صفحة 173-174، جزء 2. بتصرّف.
  13. محمد رضا (1950)، أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين (الطبعة 2)، صفحة 166. بتصرّف.
  14. محمد أبو بكر الباقلاني (2001)، الانتصار للقرآن (الطبعة 1)، بيروت:دار ابن حزم، صفحة 182، جزء 1. بتصرّف.
  15. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 329، جزء 1. بتصرّف.
  16. ناصر بن علي الشيخ (2000)، عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم (الطبعة 3)، الرياض:مكتبة الرشد، صفحة 219، جزء 1. بتصرّف.
  17. رواه الألباني ، في صحيح ابن ماجة ، عن سعيد بن زيد، الصفحة أو الرقم:110 ، صحيح.
  18. محمد صالح المنجد (2009)، القسم العربي من موقع (الإسلام، سؤال وجواب)، صفحة 79، جزء 9. بتصرّف.
  19. سورة التوبة، آية:100
  20. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 299-300، جزء 1. بتصرّف.
  21. سورة الليل، آية:5-7
  22. أحمد محب الدين الطبري، الرياض النضرة في مناقب العشرة (الطبعة 2)، صفحة 180، جزء 1. بتصرّف.
  23. عز الدين بن عبد السلام (1996)، تفسير القرآن (الطبعة 1)، بيروت:دار ابن حزم ، صفحة 459، جزء 3. بتصرّف.
  24. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 300-301، جزء 1. بتصرّف.
  25. أحمد محب الدين الطبري، الرياض النضرة في مناقب العشرة (الطبعة 2)، صفحة 194، جزء 1. بتصرّف.
  26. محمد آدم الإتيوبي (2003)، شرح سنن النسائي المسمى ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (الطبعة 1)، صفحة 114، جزء 21. بتصرّف.
  27. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 309، جزء 1. بتصرّف.
  28. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 302-303، جزء 1. بتصرّف.
  29. زكريا الأنصاري (2005)، منحة الباري بشرح صحيح البخاري المسمى تحفة الباري (الطبعة 1)، الرياض:مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، صفحة 9، جزء 2. بتصرّف.
  30. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 293-294، جزء 1. بتصرّف.
  31. موقع الموسوعة الشعرية، معجم الشعراء العرب، صفحة 342. بتصرّف.
  32. علماء وطلبة علم، فتاوى واستشارات موقع الإسلام اليوم، صفحة 450، جزء 13. بتصرّف.
5350 مشاهدة
للأعلى للسفل
×