منهج الرسول في إدارة الأزمات

كتابة:
منهج الرسول في إدارة الأزمات

السرية

تعامل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- مع الأزمات التي احتاجت إلى كتمان بكل ما يصدر عنه من قرارات وتوجيهات بهدف المحافظة على أرواح المسلمين وبهدف مباغتة الأعداء قبل أن يُعدّوا أنفسهم للقتال، ومن ذلك حرص النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على كتمان نيته وتجهيزيه لأيّ غزوة يتوجّه إليها.[١]ويقول كعب بن مالك -رضي الله عنه-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - قَلَّما يُرِيدُ غَزْوَةً يَغْزُوهَا إلَّا ورَّى بغَيْرِهَا)،[٢] أي أخفى وجهته الأصلية بوجهة أخرى.[١]

عدم إشاعة الذعر

حرص النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على كتمان الأخبار التي من شأنها أن تسبّب الذعر والبلبلة في صفوف المسلمين، حرصاً منه على تماسك المسلمين وعدم إضعاف المجتمع الإسلامي بالأخبار المقلقة، ومثال ذلك ما نقله ابن كثير في كتابه عن ابن إسحاق في غزوة الخندق كان يهود بني قريظة يحمون ظهور المسلمين وعندما شك -عليه الصلاة والسلام- في نية يهود بني قريظة في نقض العهد أرسل إلى بني قريظة مجموعةً من الصحابة -رضوان الله عليهم- ليتأكّدوا من ذلك صحة الخبر، وقال لهم: "فإن كان حقا فالحنوا لي لحنا أعرفه، ولا تفتوا في أعضاد المسلمين، وإن كانوا على الوفاء فاجهروا به للناس"،[٣] وقصد -عليه الصلاة والسلام- عدم نشر الخبر إذا كان صحيحاً حتى لا يتفرق الناس، والجهر به وإعلام الناس ببقاء الحلف مع بني قريظة إن كانت الإشاعة عنهم كاذبة حرصاً على تماسك المسلمين.

المشورة

إن أهمية الشورى كبيرة، فقد كان -صلّى الله عليه وسلّم- يشاور أصحابه في حال حدوث أمر طارئ، ومثال ذلك حين شاور أصحابه في غزوة أحد بمقاتلة قريش في المدينة أو في خارجها،[٤] وشاور النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه في شأن أسرى غزوة بدر فأشار أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بدفع الفدية منهم وتركهم، وأشار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بقتل الأسرى.[٥]

رفع المعنويات وإشاعة التفاؤل

تسبب الأزمات انتشار الخوف بين الناس وكذلك إضعاف معنويات الجنود، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- يرفع معنويات أصحابه -رضوان الله عليهم- في زمن الأزمات، ومثال ذلك رفع معنويات الصحابة بطمأنتهم قبل غزوة بدر بأن أكبر صناديد قريش ممّن كانوا يعذّبون المسلمين في مكة سوف يقتلون غداً على أيدي المسلمين، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (كانَ يُرِينَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَصَارِعَ أَهْلِ بَدْرٍ، بالأمْسِ يقولُ: هذا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا، إنْ شَاءَ اللَّهُ، قالَ: فَقالَ عُمَرُ: فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بالحَقِّ ما أَخْطَؤُوا الحُدُودَ الَّتي حَدَّ رَسولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-).[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب ناصر الدين البيضاوي، تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة، صفحة 17. بتصرّف.
  2. رواه البخاري ، في صحيح البخاري ، عن كعب بن مالك، الصفحة أو الرقم:2984، صحيح.
  3. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 37. بتصرّف.
  4. أبو الحسن الندوي، السيرة النبوية، صفحة 321. بتصرّف.
  5. محمد بن عبد الباقي الزرقاني، شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، صفحة 44. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2873، صحيح.
6999 مشاهدة
للأعلى للسفل
×