مهنة النبي داود عليه السلام

كتابة:
مهنة النبي داود عليه السلام

مكانة العمل في الدين

العمل هو الأساس الذي تقوم عليه الحياة، فهو ضروري لتطور الإنسان ونشوء الحضارات، والمجتمع الذي يكون أفراده عاملين نشيطين يرقى ويزدهر، أما المجتمع الكسول فهو مجتمع متخلف غير مواكب لعجلة التطور التي هي سنة الله في هذا الكون، وأنبياء الله -عز وجل- هم قمة الكمال البشري في كل الأمور، وبالإضافة إلى عملهم بالدين واشتغالهم بالدعوة إلى الله -عز وجل-، قاموا بالعديد من الأعمال الدنيوية واحترفوا الكثير من المهن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا رَعَى الغَنَمَ، فقالَ أصْحابُهُ: وأَنْتَ؟ فقالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أرْعاها علَى قَرارِيطَ لأهْلِ مَكَّةَ."[١]، فالأنبياء كانوا يعملون وينفقون على أنفسهم، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يساعد أهله في أعمالهم اليومية فإذا حضرت الصلاة فزع إليها[٢]، وهذا المقال سيختص بالحديث عن مهنة النبي داود -عليه السلام-.

مهنة النبي داود -عليه السلام-

قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ* أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}،[٣] ومن خلال الآيات يتبين أن مهنة النبي داود -عليه وسلام- كانت صناعة الدروع وتليين الحديد، حيث كان الحديد بيده كالشمع أو كالعجين يصيره كيف يشاء وذلك لقوة اختصه الله -عز وجل- بها، فهو أول من صنع الدروع وقبله كانت على شكل صفائح، ولم تكن كاملة ومشكلة على الوجه المطلوب، فمعنى سابغات هو التوام الكوامل من الدروع، وكانت مهنة النبي داود -عليه السلام- تدر عليه الكثير من المال فينفق على نفسه وعياله ويدخر منها ويتصدق على الناس، حيث كان يصنع الدروع بسرعة وإتقان ويتقاضى على هذا أجرًا كبيرًا، وقيل في سبب تعليم الله -عز وجل- هذه المهنة وتليين الحديد له أنه كان يخرج متخفيا ليسأل بني إسرائيل عن نفسه فيعرف رأيهم به فصادف ملَكا قد تصوّر بهيئة إنسان ولما سأله عن رأيه به، أجابه بأنه نعم العبد لولا أنه يأكل من بيت المال، فدعا داود -عليه السلام- ربه أن يسخر له مهنةً وعملًا يكسب منها قوته وقوت عياله ويسهلها له، فأعطاه تلك القوة على تليين الحديد وصناعة الدروع وغيرها.[٤]

أعمال الأنبياء -عليهم السلام-

العمل يرفع من شأن الإنسان ويصونه عن أن يكون عالة يتكفف ويطلب من الناس، وفي هذا الصدد فإن أنبياء الله خير مثال على الإنسان الذي يأكل من كسب يده، فقد احترفوا الكثير من المهن والأعمال، وتقدم أن مهنة النبي داود -عليه السلام- كانت صناعة الدروع، وقد عمل النبي آدم -عليه السلام- بالزراعة وكانت زوجته تساعده في ذلك، أما إدريس -عليه السلام- فقد كان خياطًا، كما كان سيدنا نوح -عليه السلام- نجارًا وبنى السفينة بنفسه قال تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}،[٥] أما نبي الله إبراهيم -عليه السلام- فقد اشتغل بالبناء وهو من بنى الكعبة وساعده في ذلك ابنه إسماعيل عليه السلام، وقد كان نبي االله إلياس -عليه السلام- نساجًا، وموسى -عليه السلام- كان يرعى الغنم، أما محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد عمل بالتجارة واتجر للسيدة خديجة رضي الله عنها إضافة إلى رعيه للغنم أول حياته،[٦] عليهم أفضل الصلوات وأتم التسليم.

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2262.
  2. "أعمال الأنبياء سوى تبليغ الرسالة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
  3. سورة سبأ، آية: 10-11.
  4. "قوله تعالى ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد"، www.library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
  5. سورة هود، آية: 37.
  6. "الأنبياء والرسل أصحاب مهنة وحرفة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-06-2019. بتصرّف.
3565 مشاهدة
للأعلى للسفل
×