موانع الإرث
الرق
يعدُّ الرقُّ أحدُ موانعَ الإرثِ، ويعرَّف على أنَّه عجزٌ حكميٌ يلحقُ المرءُ، ويكون سبب هذا العجزِ هو الكفر؛ ويرجعُ سبب كونُ الرقِّ أحد موانع الإرثِ؛ هو أنَّ الرقيقَ وكلَّ ما يملكه إنَّما هو ملكٌ لسيده،[١] وبناءً على ذلك فإنَّ العبدَ لا يَرثُ أحدًا من أهله، ولا يُورِّث أحدًا منهم.[٢]
وإنَّ للرقِّ نوعانِ، وهما المبعض والمكاتب،[٣] وفي هذه الفقرة سيتمُّ بيان كلَّ نوعٍ منهما، مع بيان حكمِ ميراثهما:
- الرقيق المبعض
وهذا النوع يُطلق على من كان بعضه حراً وبعضه الآخر عبداً، وقد تباينت آراء أهلِ العلمِ في ميراثه، وفيما يأتي بيان ذلك:[٣]
- إنَّ بعضه الحر يسمحُ له أن يورِّث مال الذي اكتسبه ببعضه الحرِّ، وهذا هو القول الصحيح عند الشافعيّة.
- إنَّ بعضه الحر يسمح له أن يرث ويورِّث بمقدار حريته، ويحجب بالقدرِ الباقي من حريته، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يرثُ ويُورثُ على قَدْرِ ما عُتِقَ منهُ)،[٤] وهذا مذهب الحنابلة.
- المكاتب
وهذا النوع يُطلق على الرقيق الذي كاتبه سيده على مبلغٍ معلومٍ، بحيث إذا قام بسداده يُصبح حراً، فإن لم يملك هذا المكاتب مبلغ حريته فإنَّه لا يرث ولا يُورَّث، أمَّا إن كان يملك ما يستطيعُ سداد المبلغ، ففيه روايتينِ، وفيما يأتي بيانهما:[٣]
- إنه لا يرث ولا يورث، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المكاتبُ عبدٌ ما بقي عليه درهمٌ).[٥]
- إنَّه يرث ويورث، فإن أحد أقاربه واستحقَّ هذا المُكاتب شيئاً من التركةِ فهي له، وإن ماتَ المكاتب فإنَّ ما بقي عليه يكون لسيده، وباقي التركةِ تكون لورثته.
القتل
لا خلاف بين أهل العلم في أنّ القتلَ يُعدُّ مانعاً من موانع الميراث، مستدلينَ بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس للقاتِلِ مِنَ الميراثِ شيءٌ)،[٦] ويرجع سبب منع القاتل من الميراث؛ هو استعجاله للميراث بفعلٍ مُحرَّم، فعاقبه الشرعُ الحنيف بحرمانه مما قصده، كما أنَّ توريث القاتل قد يؤدي إلى نشرِ الفسادِ والجرائم، فكان لا بدَّ من وضعِ حدٍ لهذا الأمر.[٧]
وبالرغم من أنَّ أهل العلم قد اتفقوا على حرمان القاتل من الميراث، إلَّا أنَّ أقوالهم قد تعددت في تحديد القتلِ المانعِ من الميراث، وفيما يأتي تفصيل ذلك:[٧]
- الحنفية
إإنَّ القتل المانع من الميراث هو ما كان بغيرِ حقٍ، وهو القتل الذي يُضمن بقصاصٍ أو كفارةٍ أو دية.
- المالكيّة
إنَّ القتل المانع من الميراث؛ هو القتل العمد، سواءً أكان ذلك بالمباشرة أو التسبب، ويشمل كذلك من أمر به أو حرَّض عليه أو سهَّله للقاتل، أمَّا القتل الخطأ فلا يمنع الميراثَ عندهم، لكن يمنع الميراث من الدية.
- الشافعية
إنَّ القتل المانع من الميراث هو القتلُ مطلقاً.
- الحنابلة
إنَّ القتل المانع من الميراث هو ما كان بغيرِ حقٍ، وهو القتل الذي يُضمن بالقصاصٍ أوالكفارةٍ أو الدية.
اختلاف الدين
إنَّ المانع الثالث من موانع الإرث هو كون الوارث على دينٍ والمورِّث على دينٍ مختلفٍ، وفيما يأتي بيان آراء أهلِ العلمِ في شأن ميراث المسلم من الكافر، وميراث الكافر من المسلم عند الأئمة الأربعة:[٨]
- جمهور الفقهاء
ذهب جمهور أهل العلمِ من الحنفيّة والمالكيّة والشافعيّة إلى أنَّ التوارث بين المسلم والكافر ممنوعٌ مطلقاً، فلا المسلم يرث الكافر وأيضاً الكافر لا يرث المسلم، مستدلينَ بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلَا الكَافِرُ المُسْلِمَ)،[٩] وهو رواية عن الإمام أحمد.
- الإمام أحمد
يرث المسلم الكافر والكافر المسلمَ حال الولاء.
المراجع
- ↑ عبدالله الطيار (2011)، الفقه الميسر (الطبعة 1)، الرياض- المملكة العربية السعودية:مدار الوطن للنشر، صفحة 229، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ محمد بن إبراهيم التويجري (2012)، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة 11)، المملكة العربية السعودية:دار أصداء المجتمع، صفحة 881. بتصرّف.
- ^ أ ب ت وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، سورية- دمشق:دار الفكر، صفحة 7714-7715، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ رواه إرواء الغليل، في الألباني، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:1726، صحيح.
- ↑ رواه ابن حزم، في المحلى، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:229، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:5422، صحيح.
- ^ أ ب وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، سورية- دمشق:دار الفكر، صفحة 7715-7716، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ عبدالله الطيار (2012)، الفقه الميسر (الطبعة 2)، الرياض- المملكة العربية السعودية:مدار الوطن للنشر، صفحة 231-232، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أسامة بن زيد، الصفحة أو الرقم:6764، صحيح.