رسالة إلى صديق الطفولة
إلى صديق طفولتي العزيز عمر،
السلام عليكَ ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة ملؤها الشوق والمحبة وبعدُ:
فإن الصداقة والأخوة شيء عظيم لا يقدر بثمن، وأنت يا صديقي ذلك الأخ الذي لم تلده أمي، وذلك الصديق الذي أعتبره جزءًا من روحي، والرفيق الذي يداوي جروحي، فأكتب لك وقلبي يشتاق لك، يشتاق إلى ذكريات الطفولة التي قضيناها معا بحُلوها ومُرِّها، يشتاق لأجمل لحظات العمر التي قضيتها معك، أكتب لك وذكرياتنا الجميلة تحلق في سماء قلبي، أكتب لك وأنا أشعر أن عمري ناقصًا دونك، وأن حياتي لا تحلو إلا معك، يقول إيليا أبو ماضي:[١]
يا مَن قَرُبتَ مِنَ الفُؤادِ
- وَأَنتَ عَن عَيني بَعيد
شَوقي إِلَيكَ أَشَدَّ مِن
- شَوقِ السَليمِ إِلى الهُجود
صديقي العزيز عمر،
إنك تعيش بداخلي كما لو أنك جزء مني، إن لك حبًا عظيمًا في قلبي، حبًا نتج عن الأيام الجميلة التي عشناها عندما كنّا صغارًا، فأذكر كم ضحكنا معًا، وكم لعبنا معًا، كم تشاجرنا ثم عدنا لصفو حب به أيامنا بدت هانئة وجميلة، أذكر كم سندتني عندما كدتُ أقع، أذكر كم نهرت العالم من أجل ضحكتي، وكم احتضنت حزني في قلبك طويلًا، وكم مشينا في الطريق يدي بيدك.
وأذكر كم كانت لنا ذكريات في المدرسة، فأذكر عندما كتبت اسمينا على المقعد، وعانق المقعد حقيبتينا لسنوات طويلة، وأذكر عندما كنا نشتري السكاكر عند عودتنا إلى المنزل، ثم نقضي باقي يومنا في بيتك كأننا نعيش معًا، وأذكر أنني لم أحب سنة دراسية كما أحببت تلك السنوات التي قضيتها معك، فأنت صديق الطفولة وصديق المدرسة، وصديق كل شيء جميل.
أتعلم يا صديقي العزيز؟
ودِدتُ لو أستطيع أن أعبر لك عن شدة امتناني للحياة لأنها أهدتني صديقًا قلبه على قلبي، لا يميل أبدًا إن مال العالم كله، ودِدتُ لو أستطيع أن أعبر لك كم أكون سعيدًا لسعادتك، وكم أكون حزينًا لحزنك، ودِدت لو أستطيع أن أجمع طمأنينة العالم وأضعها في قلبك لتكون بخير، ودِدتُ لو أستطيع مسح كل دموعك بقلبي، ودِدتُ لو أن الحياة لم تفرقنا أبدًا، ولكن لا حيلة لي بذلك.
صديقي العزيز،
في نهاية رسالتي أريد أن أخبرك أننا على موعد في لقاء قريب، فلديّ الكثير من الأشياء التي أريد أن أخبرك بها، لدي الكثير من الأيام التي أريد أن أكررها معك، لنعيد ذكريات الزمن الجميل، وفي قلبي شوقٌ كبير للقياك يا عزيزي، وأتمنى أن تكون بأحسن حال، وبصحة جيدة، وأن يرافقك الخير أينما حللت وارتحلت، وأن يوفقك الله لطريق الخير، ويبعد عنك طريق الشر، ويعينك على كل صعب ومُرّ، ودمت لي صديقًا وأخًا وحبيبًا لا يكرره الزمن، دمت لي سندًا وعونًا يا عزيزي.
رسالة إلى صديق مسافر
إلى صديقي العزيز خالد،
السلام عليكَ ورحمة الله وبركاته، تحيةٌ طيبةٌ ملؤها الشوق والمحبة، وبعدُ:
فإن فراق صديق عزيز يكون بمثابة فراقنا لجزء منا، ورحيله يشعرنا بالحاجة والشوق له، فكيف إذا كان من رحل هو أنت يا صديقي العزيز، وفراقك ليس كأي فراق، فأنت والله بمنزلة الروح من الجسد، وأقرب إليّ من نفسي، ولا أعرف كيف سأعتاد على رحيلك، أو متى سيكون اللقاء؟ يقول ابن زيدون عن فراق الصديق:[٢]
بِنْتم وبِنّا فما ابتلتْ جوانحُنا
- شوقًا إليكم ولا جفّتْ مآقينا
تكادُ حينَ تناجيكم ضمائرُنا
- يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
حَالَتْ لَفَقْدِكُمُ أَيَّامُنَا فَغَدَتْ
- سُوْدًا وَكَانَتْ بِكُمْ بيضًا لَيَالِينَا
صديقي العزيز خالد،
تختلج في صدري مشاعر عديدة، ما بين حزن على فراقكِ، وفرح من أجلكِ، وشوق إلى رؤيتك، صحيح أنه لم يمضي على سفرِك سوى أيام قليلة، ولكنني لم أعتد بعد على غيابك، ولا أظن أنني سأعتاد على ذلك أبدًا، فعندما كنتُ أحزن كنتُ ألجأ إليك، وعندما كنتُ أفرح كنتُ آتي بكل ما يحمل قلبي من حماس لأخبرك، كنتُ آتي إليك مسرعًا لأخبرك عن أي شيء حدث معي، ولكنك ترحل وربما لا تعود أو تتأخر عودتك، وحين رحلت أخذت معك شيء جميل كان يعينني على الحياة، رحلتَ وأخذت معك الجزء الآمن والملجأ لي عند التعب.
صديقي العزيز،
إنني أثني على اختيارك أن تكمل حياتك بالخارج، فربما تتاح لك فرص كثيرة هناك، وربما يتحسن وضعك الماديّ، وهذا ما أتمناه لك، ولكن عليك أن تتذكر أن الغربة ليست كالوطن، حيث إن الوطن مهما قصرت في حقه سيعطيك من ثماره، وسيظلك بظله، وسيمنحك الماء لتحيا، والثمار لتقوى، أما الغربة فمهما أعطتك من خيراتها، فستسلب منك الكثير، يكفي أنك لن تشعر بالأمان كما تشعر به في وطنك، ولن تعيش بالكرامة التي ستحتضنك في وطنك، ولن يكون جمال سمائه كسماء وطنك، فحتى صوت عصافير الوطن له نغمة خاصة ومتميزة.
صديقي العزيز،
احرص على ألا تتردد في العودة إلى الوطن إن أتعبتك الغربة، فالوطن موجود لأجل أبنائه في أي وقت، واحرص على أن تركز على هدفك الذي سافرت من أجله، وعليك أن تسعى وتجتهد لتحصل ما تريده، وإياك أن يستغلك الناس لقلة خبراتك في الخارج، وعليك أن تحافظ على نفسك من مغريات الزمن، وأن تجعل الله رقيبًا عليك في كل شيء، واختر لك رفيقًا بـحكمة يسندك إن مالت بك الحياة.
صديقي العزيز،
أتمنى أن يكتب الله لنا لقاءً عاجلًا غير آجل، وأن يجمعنا على خير، فالشوق كبير، والفراق صعب، وأتمنى أن تكون بخير وأحسن حال، وأن يبارك الله لك في كل شيء، وأن يكتب لك الخير في كل خطوة من خطواتك، وأن يديمكَ لي صديقًا وأخًا، وأن يبعد عن قلبك كل حزن أو هم، يا صديقي العزيز.
رسالة إلى صديق أجنبي
إلى صديقي العزيز جون،
السلام عليك ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة ملؤها المحبة والود، وبعدُ:
فإن الأردن بلد المحبة والإخاء، وهو الذي يحتضن أبناء الأمة العربية والإسلامية تحت جناحيه، والأردن يا عزيزي بلد تستقبل آلاف الزوار والسياح من جميع أنحاء العالم، وأبناؤها هم عنوان الجود والكرم، وهي التي قال فيها الشاعر غيث القرشي:
أردن ما شكلُ القوافي؟
- يا ترى ماذا نقول لكي يكون كلامنا وزنًا لقدرك؟
- خُلق الجمال فكان وجهك أجملا
- وأبيت إلا أن تكون الأوّلا
صديقي العزيز جون،
أريد بداية أن أطمئن على أحوالك، وأحوال أهلك وأتمنى أن تكونوا بخير وأحسن حال، وأني أشتاق لك كثيرًا وأتمنى أن تزورنا في الأردن، فالأردن بلد الجمال والتنوع الطبيعي، ففيها الجبال كجبال عجلون، وهي من أجمل المناطق في الأردن للسياحة صيفًا حيث إن الجو فيها يكون معتدلًا جميلًا، وفيها مدينة البتراء، وهي إحدى عجائب الدنيا السبع، وهي منحوتة من الصخر وتأخذ اللون الوردي الجميل، إضافة إلى الينابيع الحارة كحمامات ماعين حيث يوجد فيها منتجع فندقي يسهل السياحة فيها، بالإضافة إلى المدينة الساحلية في العقبة التي تطل على البحر الأحمر، بالإضافة إلى وجود البادية الأردنية.
وكما أن الأردن فيها تنوع طبيعي، فإن فيها تنوع في عادات وتقاليد شعبها، ومن أشهرها: المنسف، حيث يعد المنسف أشهر الأكلات الشعبية التي اشتهر بها أهل الأردن منذ سنين كثيرة، ومن عادات أهل الأردن أيضًا إقامة العرس الشعبي، ويوم الحنة للعروس والزفة للعريس، وما يميز أهل الأردن أيضًا الأثواب المطرزة، حيث تعد من التراث القديم الذي يعتمد على الصناعات اليدوية، وهناك الحطة الأردنية أيضا، وهي الحطة المنقوشة باللونين الأحمر والأبيض، وهي عنوان انتماء للأردن.
وشعب الأردن فيه من الجمال ما يحملك على إتيانها دون تفكير، فهو شعب محِب ولطيف، يتسم باللسان الحلو العذب، ويتسم بالجود والكرم وإغاثة الملهوف، ولا يرضى بالظلم ابدًا، ويدافع عن الحق كدفاعه عن شرفه، ويحترم الإنسان مهما كان، فلا يعرف التفرقة أو التمييز، وقلبه على قلبك حتى وإن لم تكن ابن الوطن، فإنك ابنٌ لجميع أبناء وبنات الشعب الأردنيّ.
ولذلك أدعوك لزيارة الأردن، وخوض مغامرة فيها، والتعرف على جمالها، وزيارة المناطق السياحية، وجمال عادات أهلها وتقاليدهم، وستخوض تجربة لا تكرر، فالأردن جميلة بكل ما فيها، قلبها واسع يحتضن الجميع، وسيكون لك الحظ الوافر من ذلك.
وفي النهاية، أتمنى أن يوفقك الله في حياتك كلها، وأن يفتح لك طريق الخير، وأن يحميك من كل شر، وأن يعينك على كل الصعاب، وأن يكتب لك زيارة الأردن، وأن يكتب لنا اللقاء فيها، وأوصل تحياتي للعائلة الكريمة، ولا تنسَ أن تحضرهم معك عندما تأتي لزياتنا، فإنني متشوق جدًا لرؤيتكم، وأنا وعائلتي ننتظركم على أحر من الجمر.
لمعرفة كيفية كتابة رسالة إلى صديقك، يمكن الاطلاع على المقال الآتي: كيفية كتابة رسالة إلى صديق.
المراجع
- ↑ "يا من قربت من الفؤاد"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-25. بتصرّف.
- ↑ الجرّاوي، الحماسة المغربية، صفحة 1047. بتصرّف.