أنواع المهن ما بين الماضي والحاضر
المهن موجودة منذ التاريخ القديم، وهي من الأشياء التي مارسها الإنسان منذ القدم، وجاءت هذه الممارسة بناءً على حاجته لها وسدّ الكثير من الضرورات في حياته، خاصة أنّ الإنسان بنفسه عاجزٌ عن فعل كلّ شيءٍ بيديه دون وجود مساعدة، إذ إنّ بعض الناس يفتقدون للمهارات التي يحتاجها العمل في مختلف المهن، وقد اختلفت المهن ما بين الماضي والحاضر اختلافًا كبيرًا، حيث كانت في الماضي مجرّد مهن بدائية بسيطة لا تحتاج إلى التدريب الكبير أو الدراسة النظرية أو الأماكن المتخصصة لممارستها، أمّا في الوقت الحاضر فقد تطوّرت المهن تطورًا هائلًا، فلكل مهنة فروع دقيقة متخصصة ويمارسها المهنيون باحترافية عالية جدًا.
كانت بساطة المهن قديمًا نابعة من كونها تحتاج إلى أدوات بسيطة، ولم يكن هناك تطوّر في طريقة القيام بها، ومن أقدم المهن التي كانت متوافرة قديمًا مهنة الزراعة، نظرًا لحاجة الإنسان البدائي إلى الزراعة بمختلف أنواعها لتأمين غذائه اليومي، ومنها أيضًا مهنة الصيد سواء الصيد البرّي أم صيد الأسماك أم التقاط اللؤلؤ من البحار الذي كان منتشرًا بكثرة في المناطق الساحلية، وتطوّرت المهن أولًا بأول فظهرت مهنة النجار ومهنة الحداد، وفيما بعد أصبح هناك الراعي والتاجر والطبيب والحلّاق والمعلّم، وفي ذلك الوقت كانت المهن لا تخلو من التنظيم، حتى أنّ الكثير منها كان يُعيّن لها رئيس يُشرف على من يمارسونها مثل شهبندر التجار الذي يقابله النقيب في الوقت الحالي.
في الوقت الحاضر أصبحت ممارسة المهن أسهل وأعقد في الوقت نفسه، فقد أصبحت بسيطة نظرًا لتوفر جميع الإمكانيات اللازمة لتطبيقها والقيام بها، واختراع الأجهزة التي تُساعد في إنجازها بأسرع وقت ممكن، لكنها أصبحت أعقد لأنها تحتاج إلى احترافية عالية ودراسة كثيرة، فمهنة الطبيب مثلًا تحتاج إلى دراسة نظرية عميقة وسنوات تدريب وخبرة، وكذلك الصيدلاني والمهندس والمحامي وحتى المزارع الذي أصبح من الواجب اطلاعه على أحدث طرق الزراعة والعناية بالنباتات وتسميد التربة ومكافحة أمراض النبات، كما تطوّرت فروع المهن وأصبح لكل فرع منها أناسًا متخصصين يتلقون دراسة وتدريبات لأجل القيام بها.
في الوقت الحاضر أصبحت المهن منظمة تنظيمًا كبيرًا، وأصبح أصحاب المهن المتشابهة يعملون تحت مظلة واحدة وينتمون إلى نقابات ووزارات تعطيهم قوانين خاصة بمهنهم، كما أصبحت معظم المهن معتمدة على مقدار التعليم والخبرة والتدريب التي يحصل عليها ممارس المهنة، ولم تعد ممارسة المهن عشوائية كما كانت في السابق، خاصة أنّ بعض الناس لديهم القدرة على ممارسة أكثر من مهنة واحدة في الوقت نفسه، كما أنّ الإسلام أولى عناية خاصة للمهن وأصحابها، ومن أهم الأشياء التي دعا إليها الإسلام أن يتقن صاحب كل مهنة مهنته وألّا يغش فيها أبدًا، وأن يكون مخلصًا له بشدّة.
أشهر أنواع المهن ووصفها
يوجد الكثير من المهن التي نالت شهرة واسعة مع الوقت، والبعض منها أخذ حصة الأسد من حيث قيمتها الاجتماعية وحب الناس لها وإقبالهم عليها، وربما يعود هذا إلى أنّ بعض المهن تقدم لأصحابها دخلًا ماديًا أكثر من غيرها، ومن أشهر المهن مهنة الطبيب وهي من أقدم المهن التي مارسها الإنسان نظرًا لحاجتهم إلى من يعالج الأمراض التي تصيبهم ويصف لهم الدواء، وهذه المهنة تحظى بقيمة اجتماعية مهمة بين الناس، وتفرع منها تخصصات دقيقة كثيرة، وتُعدّ من أكثر المهن تنظيمًا، ومن المهن الشهيرة أيضًا مهنة المهندس التي تنقسم أيضًا إلى فروع واختصاصات كثيرة، بحيث يتولى كل مهندس العمل في مجال معين يتناسب مع دراسته.
تُعدّ مهنة المحامي من المهن التي لها سوق عمل كبير، ويتولى صاحب هذه المهنة النظر في القضايا المختلفة، أما أكثر المهن شهرة وانتشارًا هي مهنة المعلم التي تحظى باحترام كبير جدًا في الأوساط الاجتماعية، نظرًا لما يقدمه المعلم من علم وتربية لطلابه، فالمعلم هو صاحب الفضل الأول في تطوّر جميع المهن لأنه يُخرّج الطبيب والمهندس والمحامي والصيدلاني والأستاذ الجامعي، ويوجد بعض المهن التي بقيت مستمرّة بنفس الشهرة والمكانة رغم قدمها مثل مهنة المزارع التي لا يمكن الاستغناء عنها أبدًا، وعلى الرغم من التطوّر الكبير الذي شهدته الآلات الزراعية إلّا أنّه لا غنى عن هذه المهنة.
يوجد بعض المهن التي تمّ استحداثها ولم تكن موجودة من قبل، ومن بين هذه المهن المبرمج ومهندس الحاسوب والممثل والمخرج والمذيع والصحفي، وغيرها من المهن الكثيرة التي ارتبط وجودها بالتقدم العلمي والتقني والاجتماعي، وقد وُجدت هذه المهن نظرًا لأهميتها البالغة وهي تشكل معًا نسيجًا متناسقًا بحيث لا يمكن الاستغناء عن أي واحدة منها، والكثير منها تعتمد على بعضها بعضًا، كما أنّ تنوع المهن فرض على الناس العديد من الأمور، ففي السابق كانت بعض المهن مقتصرة على الرجال فقط وبعضها كان مقتصرًا على النساء فقط، لكن في الوقت الحاضر أصبح من الممكن للرجل أو المرأة ممارسة مهن مختلفة.
أهمية تنوع المهن
على الرغم من وجود المئات من المهن لتلبية احتياجات الناس ومتطلباتهم، إلّا أنّ لكل مهنة أهميتها التي لا يمكن تجاوزها أو الاستغناء عنها، وهنا تكمن أهميت تنوع المهن، وإيجاد العديد من التخصصات الجامعية والمهنية التي يتطلبها هذا التنوع، حيث أصبحت الحياة أكثر سهولة ورفاهية بتنوع المهن ووجود الأشخاص المحترفين الذين يؤدون مختلف الأعمال لبعضهم البعض، وعلى الرغم من أنّ بعض الناس ينظرون إلى بعض المهن بأنها أقل أهمية من غيرها، إلّا أنّ عند حاجتهم إليها يُحاولون البحث عن أي شخص محترف حتى يؤدوا الخدمة التي يقوم بها هذا الشخص.
يُسهم التنوع الكبير في المهن الحرفية والعملية التي يقدمها الناس في دفع عجلة التطور على مستوى الفرد والمجتمع والدولة بأكملها، فأهمية المهنة للفرد تكمن في أنّها تمنحه شخصيته الخاصة وتزيد من الثقة بالنفس بشكلٍ كبير لأنها تشعر الإنسان بوجوده وأهميته، وتمنحه قيمة اجتماعية كبيرة، وتكون له مصدر رزق تكفيه عن سؤال الناس، أما بالنسبة للمجتمع فإنّ تنوع المهن يُسهم في دفعه للتطوّر وزيادة الثقافة والمعرفة ومستوى الرفاهية فيه.
الدولة التي تشتهر بتنوّع المهن فإنّها تمتاز بالتطور الدّائم، وتُصبح بفضل هذا التنوع دولة منتجة تعتمد على التصدير بعكس الدول التي يتصف أفرادها بالاتكالية ولا يوجد فيها تنوع مهني، مما يضطر أفرادها للسفر للحصول على الخدمات المختلفة غير المتوفرة في دولهم، وفي بعض الأحيان تضطر الدول إلى طلب الأيدي العاملة في مختلف المهن من دول اخرى حتى تسدّ النقص الحاصل لديها فيها.
وجود مهنة عامل النظافة لا تقل أهمية عن وجود مهنة البائع أو البقال أو مهنة الحداد أو النجار، وكلّها لا تقل أهمية عن وجود الطبيب والمعلّم، فكل شخص من هؤلاء له دور مهم لا يمكن أن يؤديه غيره لأنه باختصار هو الوحيد الذي يتقن هذا العمل، لأنّه تلقى تدريبًا ودراسة وخبرة كي يؤديه، وهنا تبرز أهمية وجود تنوع كبير في مختلف أنواع المهن، وعدم التغاضي عن وجود أيًا منها في الدولة أو حتى على مستوىالمجتمع، ويأتي في هذا دور الدولة في توفير التخصصات الجامعية المختلفة التي تتيح للأشخاص الدراسة النظرية في مختلف التخصصات حتى يُمارسوا أعمالًا مختلفة.
حتى تكون المهن متقنة ويكون تنوعها إيجابيًا يجب أن يكون لكل مهنة قوانين خاصة بها لتنظيمها وعدم السماح للأشخاص غير المحترفين أو المتخصصين لممارستها، لأنّ ممارستها بشكلٍ عشوائي يُسبب حدوث الكثير من الأخطاء، وربما يؤدي هذا إلى حدوث كوارث على مستوى الافراد أو على مستويات أكبر، فلو وصف شخص غير متخصص الدواء للناس فحتمًا سيتسبب بموت الكثيرين، ولو مارس شخص غير محترف بالحلاقة مهنة قص الشعر لأصبح الكثير من الناس بمظهر غير لائق، وينطبق هذا على الخياط والسائق وجميع المهن، وحتى المزارع غير المحترف سيكون إنتاجه ضعيفًا.
من المهم جدًا قبل أن يختار الإنسان مهنته المستقبلية التي يُمارسها، لا بدّ وأن يكون اختياره صحيحًا مبنيًا على العديد من الأسس الصحيحة، وأولها أن يراعي قدراته وميوله، فليس من المعقول أن يُمارس شخص لا يحب التعليم مهنة التدريس، وليس من المعقول أن يُمارس شخص ليس لديه القدرة على التفكير المنطقي بعيدًا عن العاطفة مهنة القضاء، إذ يجب أن يُمارس الشخص كل مهنة بما تتوافق مع طبيعته الإنسانية وشخصيته وميوله العلمية ومواهبه التي تجعله قادرًا على ممارستها بإبداع واحترافية، بعيدًا عن أي غش أو تلاعب، ومن أراد أن يكون متميزًا لا بدّ وأن يكتسب خبرات ومعارف كثيرة حول مهنته.
لقراءة المزيد من الموضوعات، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: موضوع تعبير عن المهن المفيدة.