الأخت الكبرى منبع العطاء
الأخت الكبرى هي التي تحمل هم جميع أخوانها وأخواتها وتُساعدهم وتقدم لهم يد العون دومًا، لذلك فالأخت الكبرى هي نبع العطاء والحنان والحب الذي لا ينضب ولا ينقص، وهي مفتاحٌ للخير في البيت ويشعر جميع الأخوة والأخوات بأنها الشخص الأكثر قربًا لهم بعد الأم والأب، وتستطيع أن تكون مندوبة لأمها وأبيها في كل وقت وأن يعتمدوا عليها في أشياء كثيرة دون أن يشعروا بالقلق لأنها ستقوم بكلّ شيء على أحسن ما يُرام.
الأخت الكبرى تستطيع احتواء جميع العائلة دون أن تشعر بكلل أو ملل ودون أن تشكو من أي تعب، فهي تسعى لإسعاد العائلة بكلّ ما فيها، وترى في نفسها أنّها مسؤولة عن فرح وراحة الجميع، لهذا تأخذ الكثير من مهام الأم وتريحها من التعب.
الأخت الكبرى لا تستطيع أن تصفها الكلمات والعبارات، ولا يمكن أن توفيها الحروف حقها، فهي تملك قلبًا كبيرًا وحبًا فطريًا تجاه الجميع وهي رمز السعادة والبهجة والطاقة الإيجابية، ومجرد وجودها يمنح الشعور الكبير بالأمان والاستقرار، وهي القدوة للأخوة والأخوات لأنها تسبقهم في شق طريق الدراسة والحياة عمومًا، لهذا ينظر الجميع إليها كقدوة لهم، ويقلدونها في كلّ شيء، لهذا يعوّل الأم والأب عليها كثيرًا على اعتبار أنّها المرجعية لإخوانها وأخواتها في تعلّم الأخلاق ويتعلمون طريقة التصرف الصحيحة.
الأخت الكبرى تتشرب خلاصة التربية من والديها، فيستعينون بها في تربية بقية الأسرة، فتتعلّم الطبخ أول واحدة في العائلة، وتمارس طقوس التربية على إخوتها بالشكل الصحيح، لأنّها تعرف الأشياء التي يحبونها وطريقة التصرف المناسبة لأعمارهم، وتعرف في الوقت نفسه ما يريده أمها وأبيها من إخوتها حتى يكونوا في قمة الرضا.
في أغلب الأحيان تكون شخصية الأخت الكبرى شخصية صارمة فيها الكثير من صفات الأم والأب وأفكارهم وطريقة تصرفهم، لهذا يحسب لها إخوتها ألف حساب، ويحاولون دومًا أن يأخذوا بنصائحها ويلجؤون إليها في كلّ وقت، سواء في أوقات الرخاء أم الشدة، ويطلبون رأيها في أشياء كثيرة بصفتها أكثر أفراد العائلة خبرة بعد الأم والأب، ويكون الأخوة والأخوات على يقين تام بأن نصائحها في محلها، لهذا يأخذون بكلامها ويستمعون إليها بشغف.
هي التي تجيد تخليص إخوتها وأخواتها من القلق والتوتر، وتعرف جيدًا كيف تمتص غضبهم وتخفف من عصبيتهم، فالأخت الكبرى منارة الروح والحب الكبير الذي لا يخون أو ينقلب أو يتغير، فهي مثل نبع الماء الصافي دائم التدفق والعطاء، فهي تعطي دون أن تسأل، وتحاول دائمًا أن تقوم بكل واجباتها تجاه إخوتها وأسرتها دون أن يخصل منها أي تقصير.
مسؤولية الأخت الكبرى في البيت
تتحمل الأخت الكبرى مسؤوليات كثيرة في البيت، حيث يلقى على عاتقها أشياء كثيرة تقوم بها عادة من باب المساعدة للأم والأب، فهي تُعاون أمها في كلّ شيء سواء في تنظيف البيت، أم في طهي الطعام وتقديمه، أم في غسل المواعين والملابس وغير ذلك، وهي أيضًا مستودع أسرار الأم والأب، ويقولون لها أسرار البيت وكل ما يتعلق بإخوانها وأخواتها حتى تكون مطلعة على شؤونهم وتعرف كيف تتعامل معهم.
إنّ مسؤولية الأخت الكبرى في البيت لا تتوقف عند هذا الحد، فهي تتولّى مهمة تدريس إخوتها على موادهم، وتتابع أوقات نومهم واستيقاظهم، وتقرأ لهم القصص والحكايات، وتخبرهم بالمواقف التي تمر معها وتعلمهم كيف يتصرفون فيها، وتستطيع أن تراقب إخوتها وأن تنقل الصورة الصحيحة عنهم لأمها وأبيها دون أن تُسبّب الفتن والمشاكل بينهم، ودون أن تجرح ثقة إخوتها بها للاأنها تريد مصلحتهم.
الأخت الكبرى هي المحرك الأساسي للبيت بعد الأم، وهي أجمل زهرة في بستان العائلة لأنها تملك كل المقومات التي تجعلها كذلك، وتكون غالبًا أكثر أفراد العائلة قربًا من أبيها وأمها ومن الأخوال والأعمام والأجداد أيضًا، ويكون لها مكانة خاصة في قلب الجميع، فالأخت الكبرى لها دور محوري تقوم به بكل حب، فهي قطعة من الروح والقلب وتعرف كيف تؤلّف بين القلوب وكيف تحل الخصام بين إخوتها وحتى بين أمها وأبيها.
في كثير من الأحيان تعمل كواسطة بين أخوتها وأبيها وأمها حتى يحصلوا على شيء معين، لأنهم يعرفون تمامًا أن طلباتها دومًا مجابة ويحق لها الدلال، فهي قنديل البيت الذي لا ينطفئ، وهي التي تسهر حتى لو نام الجميع، وتكون بمثابة اليد اليمنى لأنها وتستمع لها وتعرف همومها وشكواها، وتعتمد عليها في كلّ شاردة وواردة، فهي صندوق الأسرار الثمين الذي لا يعرف خباياه أحد، وهي التي تكتم الشر الذي تراه وتعمل على تصحيحه قدر الإمكان دون أن تُشعر أحد، فهي تحب أن تلمح الفخر والأمان في عيون أبويها تجاه إخوتها لأنها ترى نفسها فيهم دائمًا، لهذا تحب أن يظهروا بأحسن صورة أمام الجميع.
الأخت الكبرى بمثابة الجسر العائلي الذي يربط بين الجميع، لأنها تملك قلبًا جميلًا اعتاد على العطاء والعمل وبث الأمل في الجميع، فهي مثل شجر ظليلة تحمل الثمر اللذيذ، وهي نسمة الربيع الوادعة التي تهب على القلب فتحيي فيه الفرح والحياة، وتتحمل مسؤوليات كبيرة نسبيًا وهي في عمر صغير، لذلك تعتاد دومًا أن تتحمل المسؤولية وتتعلم الإيثار والتفاني اللامحدود، يظلّ بيتها مفتوحًا للجميع في كل الأوقات حتى بعد أن تتزوج وتغادر بيت أسرتها، يظل وجودها له نكهة خاصة لأنها رمز التضحية.
هي التي تزيل أي رواسب للمشكلات والعتب بين الأخوة والأخوات، وتظلّ الرابط بين جميع أفراد العائلة لأنها من رائحة الأم والأب وامتداد لهما، وهي التي تختزل شخصية أمها وأبيها وطريقة تربيتهم لها لتمارس هذا على إخوتها بكل ما تملك من طيبة وحنان، فهنيئًا لمن يكون له أخت كبرى تحمل همه في كلّ وقت.
احترام الأخت الكبرى وتقديرها
تستحق الأخت الكبرى كل الاحترام والتقدير جزاء تعبها على إخوتها وأخواتها، ولقاء مساعدتها الدائمة لأمها وأبيها وتحملها لمسؤوليتهم في غياب الأم والأب وحتى في حضورهما، لهذا ليس من الغريب أبدًا أن يكون لها مكانة خاصة لدى أمها وأبيها وأن يميزوا طريقة معاملتها فيمنحوها مساحة أكبر من الثقة والحرية، ويعطونها صلاحيات عديدة لأنهم يعرفون تمامًا أنهم وضعوا خلاصة خبراتهم وتجاربهم في تربيتها.
الأخت الكبرى تملك قلبًا متسامحًا يجعل إخوتها جميعهم يحبونها ويكنّون لها كل الاحترام والحب والتقدير، ويوقرونها كثيرًا كما لو أنها أم ثانية بالنسبة لهم، وهي الزهرة الجميلة التي تنشر الجمال والحب للجميع مثلما تنشر الزهرة عطرها، ووجودها هو صمام الأمان من بعد الأمن ولا يمكن التغاضي عن دورها الجوهري ولا يمكن تهميشها.
احترام الأخت الكبرى يكون من احترام الأم، لهذا يجب أن يتم تعزيزها وتقديمها على الجميع وعدم رفع الصوت عليها أو إزعاجها أو التسبب بالحزن لها، أو تحقير رأيها أو تهميشها، بل يجب أن تكون لها كلمة ثابتة ورأي ومشورة، وأن يتم تقديم كل الاحترام الخالص لها في حضروها وغيابها، وألّا يُسمح لأي شخص بالاستخفاف بها أو معاملتها بطريقة غير لائقة.
الأخت الكبرى بالنسبة لإخوتها الصغار هي رمزٌ للأخوة الصادقة والحب الذي لا يشوبه شائبة وتملك قلبًا يشبه قلب الأم، خاصة أن إخوتها الصغار يكبرون أمامها وتحاول دومًا أن يأخذوا الأخلاق الفاضلة منها، وأن يتعلموا منها كل كبيرة وصغيرة، فهي تُعلّم إخواتها وإخوتها معنى التسامح والعطاء والعطف، ويرون في شخصيتها مرآة لشخصية الأم فيشعرون بالقرب الذي بينهم وبينها، خاصة أنها تتصرف عادةً مثل الأم.
من يحترم أخته الكبرى ويعاملها معاملة خاصة فيها التقدير والإجلال يكبر في نظر الجميع، سواء على مستوى الفرد أم على مستوى المجتمع، لأن احترامها هو جزء من الرسالة الأخوية التي يجب أن يستوعبها وينفّذها الجميع، ومن لم يكن له خير في أخته الكبرى فلن يكون له خير في أي أحد، لهذا فالعقل يحتم على كل شخص أن يحرص كل الحرص على إعطاء أخته الكبرى حقها الوافر من الاحترام والتقدير والحب والطاعة، وألّا يغضبها أو يقلل من شأنها أو يسبب لها الحزن والألم مهما كان السبب.
لا يعرف قيمة وجود أخت كبرى إلا من كان مفتقدًا لهذه النعمة العظيمة، فالأخوة والأخوات هم أغلى النعم، فكيف إن كانت الأخت كبرى تحمل هموم إخوانها وأخواتها وتكون بمثابة أم ثانية لهم، لهذا يجب أن توضع تاجًا في القلب وأن تكون مكانتها على العين والرأس في كلّ وقت، فالأخت الكبرى هي جناح لأرواح أخوتها، تعطيهم القدرة على الطيران في فضاء الحياة بكل ثقة ودون خوف، فهي رمزٌ للأمان والطمأنينة والاستقرار.